آیة الله مصباح الیزدیّ: زیّ علماء الدین رمز یذكّر بالله عزّ وجلّ

الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: عبر إشارة رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى الحكمة من زی علماء الدین قال: الناس عند مشاهدتهم لعلماء الدین ینجذبون نحو الأخلاقیّات.

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فقد تطرّق سماحة العلاّمة محمّد تقی مصباح الیزدیّ فی مراسم تعمیم جمع من طلبة العلوم الدینیّة لمدرسة المعصومیّة بقمّ المقدّسة وذلك یوم الخمیس الموافق للثانی عشر من أیّار 2012م – تطرّق إلى الشبهات المطروحة حول زیّ علماء الدین وقال: یتبادر إلى أذهان الكثیر من الشبّان السؤال التالی: ما الذی یجعل علماء الدین یرتدون زیّاً خاصّاً؟ والأهمّ من ذلك: ما هی الضرورة لأن تكون هناك شریحة فی المجتمع باسم علماء الدین؟
واستعرض سماحته سوابق ما كان یُطرح بخصوص زیّ علماء الدین من شبهات وقال: إنّ جماعة فی زمان حكم الطاغوت هم الذین أثاروا هذه الشبهة فی أذهان الناس.
وفی إشارة لعضو مجلس خبراء القیادة إلى أنّ الشیاطین تنصب أشراكها بظاهر جمیل ومزیّن أضاف: لقد أثار المثقّفون المتأثرون بالغرب فی زمان الطاغوت شبهة مفادها أنّه لا یوجد فی المصادر الإسلامیّة باب تحت عنوان المعمّمین أو شریحة علماء الدین، بل إنّ هذا الأمر مأخوذ من الثقافة المسیحیّة حیث یوجد فی النصرانیّة منظومة تسمّى برجال الدین.
وأضاف اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: ولم یكتف هؤلاء بهذه الشبهة بل قالوا أیضاً: كما أنّ أساس فكرة علماء الدین مأخوذة من النصرانیّة فإنّ طقوس العزاء فی عاشوراء هی الاُخرى مأخوذة من الثقافة النصرانیّة.
وقال العلاّمة الیزدیّ مشیراً إلى ادّعاءات المثقّفین المنجذبین للغرب: كان یدّعی هؤلاء إنّ الذی یوجد فی الإسلام هو مصطلح «عالِم»، وكون المرء عالماً لا یختصّ بطلاّب الحوزات العلمیّة، بل إنّ كلّ مَن یحمل علماً ویمارس نشاطات علمیّة یسمّى عالماً. والغایة من كلّ هذه الشبهات هی تشویه سمعة شریحة المعمّمین.
وتابع سماحته: لقد مورست قبل الثورة نشاطات عدیدة لمحو المظاهر والآثار الدینیّة كان من جملتها تعطیل الحوزة العلمیّة واستخدام مبناها لأغراض اُخرى، ومنع ارتداء زیّ المعمّمین وإقامة العزاء الحسینیّ، كلّ ذلك من أجل طمس الإسلام فی المجتمع.
وأعرب رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث عن أسفه لبقاء فكرة «ضرورة انزواء الوسط العلمائیّ» بین بعض المسؤولین الرفیعی المستوى فی الحكومة وقال: المتتبّع لجذور الهجمة على شریحة علماء الدین سیكتشف أنّ هناك عواملَ متنوّعة لها.
ولدى بیان اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة أنّ زیّ علماء الدین هو رمز قال: الرمز أو الشعار یشیر إلى حقیقة، هذا على الرغم من أنّ دلالة الرموز على الحقائق هی أمر اعتباریّ، فحیاة الإنسان ملیئة بالرموز والشعارات وإنّ حذف الأخیرة من شأنه أن یشلّ هذه الحیاة.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدیّ قائلاً: بعض رموز الحیاة یتّخذ طابعاً سلوكیّاً؛ مثل القیام عند دخول شخص احتراماً له، فإن أردنا الاستعاضة عن هذه الحركة بلفظ، فإنّ اللفظ هو الآخر سیكون رمزیّاً واعتباریّاً لبیان معنى معیّن.
وأوضح رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث أنّ كافّة أعمالنا العبادیّة هی رموز وقال: إنّ الصلاة، ومناسك الحجّ؛ كالطواف حول البیت، ورمی الجمرات، وذبح الهدی كلّها رموز وشعارات الغایة منها إظهار الإنسان لعبودیّته فی مقابل ربّه. فذبحنا للهدی - على سبیل المثال – هو عمل رمزیّ یجسّد ذبح إسماعیل من قبل أبیه إبراهیم (علیهما السلام) ونحن بهذا العمل إنّما نعید إلى أذهاننا تضحیة نبیّ الله إبراهیم (علیه السلام).
وأضاف عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: إنّ استعراض تاریخ صیاغة الرموز یشیر إلى أنّه كلّما تعقّدت الحیاة البشریّة وتنامت احتیاجات البشر ازدادت الرموز تبعاً لذلك، وإنّ صیاغة الرموز فی الحقیقة هو عمل یهدف إلى تلخیص الاُمور وضغطها.
وتابع سماحته قائلاً: هناك وجوه مختلفة للرموز منها السلوكیّة، والشكلیّة، واللفظیّة، والمفهومیّة وإنّ تنامی الرموز یشیر إلى النضج الثقافیّ والفكریّ للبشر.
وأوضح اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ: مع قطع النظر عن تاریخ الحالة العلمائیّة یتعیّن القول: حتّى وإن افترضنا عدم وجود زیّ علماء الدین فی صدر الإسلام، فكما أنّ الكثیر من الاُمور والمناصب لم تكن موجودة فی بدایة ظهور الإسلام ثمّ استُحدثت واعتُبِرت فیما بعد، فإنّ هذا الزیّ أیضاً قد تمّ استحداثه واعتباره بالالتفات إلى حاجة البشر لذلك.
وفی معرض إشارة العلاّمة الیزدیّ إلى تاریخ تعمیم طلاّب العلوم الدینیّة قال: أساس زیّ المعمّمین مأخوذ من إلباس النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) العمامة لأمیر المؤمنین (علیه السلام). وقد كان للناس فی ذلك الحین الخیار فی لبس العمامة أو عدمه. ثم آلت الحاجة إلى تبلور شریحة خاصّة فی المجتمع باسم المعمّمین. بالضبط كما أنّ صنف الجنود لم یكن موجوداً فی البدایة ثمّ تبلور فیما بعد.
وأضاف سماحته: بالنظر لقلّة عدد المسلمین فی صدر الإسلام لم تبرز فی ذلك الحین حاجة إلى وجود شریحة باسم علماء الدین، لكن مع ازدیاد عدد المسلمین وحاجة الناس إلى التعرّف على المفاهیم الدینیّة ظهرت هذه الشریحة واستُلهِم زیّها من اللباس الذی ألبسه النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله) لأمیر المؤمنین (علیه السلام).
وفی إشارة لاُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى السمات الاخرى لزیّ المعمّمین قال: السمة الاُخرى التی تمیّز زیّ علماء الدین هی كونه محلّیاً وإسلامیّاً؛ فهو مستَلهَم من الثقافة الإسلامیّة الأصیلة ولیس شعاراً غربیّاً مستورداً.
واستطرد سماحته فی حدیثه قائلاً: القباب والمنائر المشیّدة على مشاهد الأئمّة (علیهم السلام) ومراقد ذرّیتهم هی نموذج آخر من هذه الرموز ولیس لشكلها الحالیّ‌ای منشأ أو أمر روائیّ، بل هو رمز اعتباری جُعل للتذكیر بالله تعالى وبالقیم الإسلامیّة، فعندما یشاهد الناس تلك الأماكن المقدّسة یشعرون بقرب أكبر إلى الله تعالى.
وأشار عضو مجلس خبراء القیادة إلى ما لزیّ علماء الدین من تأثیرات وأضاف: زیّ علماء الدین هو رمز وشعار یذكّر بالله عزّ وجلّ؛ فعندما یشاهد الناس معمّماً فی الطریق تُساق أذهانهم من دون شعور نحو الدین والباری جلّ وعلا. فزیّ المعمّم هو رمز مبارك یُحدِث ببساطة تغییرات عظیمة فی روحیّات الناس.
وعند ذكر رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لبعض أسباب حبّ الأشخاص وكرههم للزیّ العلمائیّ قال: الذین یحبّون الله تعالى والدین یُسرّون ویستبشرون عند رؤیة رجل معمّم، أمّا المعاندون والمخالفون للدین فتنتابهم حالة من الغضب والانزعاج عند ملاقاتهم لمعمّم، وهذه القضیّة لها جذور قرآنیّة؛ إذ یقول عزّ من قائل: «وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ» .
وتابع سماحة الیزدیّ قائلاً: عندما تُعتبَر الرموز وتكون سبباً لانتقال الذهن إلى مفاهیم اُخرى فإنّ علینا الحذر من أن یؤدّی تداعی المعانی هذا إلى انتقال الذهن إلى مفاهیم غیر محبّذة.
وأكّد آیة الله مصباح الیزدیّ على حساسیّة أعمال المعمّمین وأقوالهم بسبب تأثیرهم على أذهان عامّة أفراد المجتمع وقال: فبعض الأشخاص الذین لا تربطهم بالمعمّمین الیوم علاقة حسنة لم یكونوا هكذا فی الماضی، لكنّهم اتّخذوا موقف المواجهة مع علماء الدین بسبب بعض التصرّفات الشاذّة والسلوكیّات السیّئة.
وأضاف: إنّ استغلال زیّ علماء الدین بشكل سیّئ والتعامل بوجهین من شأنه أن یجرّئ بعض الأشخاص على التطاول على هذه الساحة المقدّسة وإهانة هذا الزیّ ویتبادر النفاق إلى أذهانهم عند مشاهدته.
ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الذین یسیئون استغلال زیّ المعمّمین مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى وقال: إنّ إثم سوء ظنّ بعض الناس بعلماء الدین یقع على عاتق اُولئك المعمّمین الذین یستغلّون الزیّ العلمائیّ ومنصب عالم الدین كوسیلة لجنی المنافع الشخصیّة. فأمثال هؤلاء إنّما یبدّلون نعمة الله إلى نقمة.
واستطرد سماحته فی حدیثه قائلاً: لا ینبغی أن تبعث السلوكیّات غیر المناسبة لبعض المعمّمین على التخلّی عن طلب العلوم الدینیّة أو الابتعاد عن المعمّمین، بل علینا أن نسعى عبر بذل الجهود وبناء النفس لأن ننقل لأنفسنا وللآخرین صورة إیجابیّة وإلهیّة عن الوسط العلمائیّ.
وفی إشارة لاُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى هموم قائد الثورة بخصوص تعمیم طلاّب العلوم الدینیّة قال سماحته: یُعنَى قائد الثورة المعظّم عنایة خاصّة بتعمیم طلاّب العلوم الدینیّة، حتّى أنّ سماحته نوّه بهذا الموضوع فی أوّل زیارة تفقّدیة لمؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث. فسماحته یؤمن بأنّه حتّى اُسلوب مشی الطلبة المعمّمین من شأنه أن یترك أثراً على الآخرین.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...