هذا الكتاب امتداد لدروس التفسیر الموضوعی للقرآن الكریم. وقد جمعه ونقّحه قسم مجموعة الآثار فی مؤسسة الإِمام الخُمینی(قدس سره) للتعلیم والبحوث، ونَشَرَ قسم النشر فی المؤسسة المذكورة الطبعة الأُولى منه فی خریف عام 137٦هـ.ش (1٤18هـ/1997م) بعدد 3000 نسخة.
أما ترتّب هذا البحث "معرفة الطریق ومعرفة الدلیل" على المباحث السابقة للمعارف القرآنیة وخاصّة بحث معرفة الإنسان فی القرآن، فهو من جهة ان بحث معرفة الإنسان یثبت بأن الإنسان أشرف المخلوقات وان الغایة من خلقه هی أن یسیر على طریق سعادته الحقیقیة بإرادته، وهنا ینبغی ان یأتی بحث معرفة سبیل السعادة ومعرفة الأدلاء الذین یدلّون على هذا الطریق. ولذلك یحین دور طرح موضوع معرفة الطریق ومعرفة الدلیل.
یتضمّن باب معرفة الطریق المباحث الأساسیة التالیة:
أدوات معرفة الطریق: لا یمكن للإنسان معرفة الطریق الحقیقی للسعادة بشكل كامل بوسائل المعرفة البشریة كالحس والعقل والتجربة. فلا جرم ان هذا الطریق یجب أن یتمّ تعلیمه بنور الوحی.
أهداف بعثة الأَنبیاء: هذه الأهداف عبارة عمّا یلی: الهدایة التشریعیة للناس، تعلیم الإنسان، إصلاح ألوان التحریف، إزالة الاختلافات الدینیة، ممارسة القضاء والحكومة، والتذكیر، والإنذار والتبشیر، ومحاربة الظلم والفساد.
كون الأَنبیاء بشراً: لماذا لم یكن الأَنبیاء من جنس الملائكة؟ وما معنى انهم بشر؟ وما تأثیر ذلك فی هدایة الناس؟
المعجزة: ضرورة المعجزة لإثبات ادعاء النبوّة، حقیقة وماهیة المعجزة، إشارة إلى بحث الإعجاز فی القرآن باعتباره أحد معجزات نبی الإِسلام صلى الله علیه وآله، وأهمّ معجزاته.
العصمة: دائرة شمول العصمة (للمراتب والأشخاص)، الرد على الشبهات المثارة ضد عصمة الأَنبیاء‰.
أوجه الاشتراك والتمایز بین الأدیان: تختلف الأدیان السماویة فیما بینها فی تفاصیل الأحكام، إلاّ أن جوهر دعوة جمیع الأَنبیاء هو "الإِسلام". الموضوع الآخر الذی یُعرض على طاولة الدراسة فی هذا المقام هو سبب الاختلاف بین الأدیان وهو ما یمكن تلخیصه فیما یلی:
أ ـ البغی والتمرّد؛ ب ـ تحریف الدین.
وأما باب معرفة الدلیل فأهمّ مباحثه هی:
التنبیه إلى أنَّ القرآن یجعل الجانب المعنوی محوراً للتاریخ كلّه، ولم یجعل محور التاریخ شؤوناً مادیة بشریة كالحكومات أو الشعب أو الاقتصاد.
محور القصص التاریخیة فی القرآن هو التوحید، والأَنبیاء أبطال هذه القصص.
التأكید على أن نتعلّم من القرآن بأن إنسانیة الإنسان رهینة بجوانبه المعنویة لا غیر.
تُقسم الآیات التی تتحدث عن الأَنبیاء فی القرآن الكریم إلى ثلاث مجموعات:
الآیات التی تُعنى بالأنبیاء أنفسهم.
الآیات التی تتحدث عن العلاقة بین الأَنبیاء وأقوامهم.
الآیات التی تتناول أقوام الأَنبیاء والتغییرات التی حصلت فی حیاتهم، ومصائرهم.
تُقسم كل واحدة من هذه المجموعات الثلاث إلى جانبین: خاص وجزئی، وعام وكلّی، إلا ان هذا الكتاب اقتصر على شرح الجانب العام والكلی من كل بحث رعایة للإیجاز.
نذكر على سبیل المثال انه عند بحث الآیات المتعلّقة بالأَنبیاء أنفسهم، بُحثت الحالات العامّة والمشتركة بین جمیع الأَنبیاء ولیس الحالات الخاصّة بكل نبی أو رسول. وكذا الحال عند بحث العلاقة المتبادلة بین الأَنبیاء وأقوامهم، تَمّ بحث العلاقات الكلیة بین الأقوام والأَنبیاء بدلاً من بحث علاقة كل نبی مع قومه.
بحث الخاتمیة: تبیین معنى الخاتمیة، وإِثباتها، ورد الشبهات الواردة فی هذا المجال.
مقامات الرسولˆ: تلقّی الوحی وإبلاغه، وتفسیره، والقضاء، والحكومة.
مقامات الأئمة المعصومین‰: تفسیر الوحی، والقضاء، والحكومة.
وقد استفاد الاستاذ ملاحظات واشارات جمیلة من آیات القرآن الكریم فی هذا الكتاب ـ كما هو الحال فی الكتب المعرفیة الأُخرى للأُستاذ ـ على نحو یجلب فیه اهتمام القارئ ویثیر شغفه. وقد انصبَّ الاهتمام فی كل المباحث على أن لا یخرج الموضوع من دائرة دلالة الآیات، وحتّى الروایات التی تُعنى بالأبواب المعروضة على بساط البحث إنّما تم الاستناد إلیها وتقییمها فی ضوء دلالة الآیات. وعُرضت أیضاً استدلالات عقلیة على جهة دلالة معانی ومضامین الآیات.