ar_akhlag3-ch11_18.htm

الاستماع الى اللهو واللغو

الاستماع الى اللهو واللغو

ان استماعنا لكلام نعلم بلغویته وعدم تأثیره على حیاتنا بل یعدّ لونا من التسلیة مذموم ومكروه فی الرؤیة القرآنیة وتشمله الآیة الكریمة:

(وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)([1]).

وهی الآیة الواردة فی الثناء على المؤمنین والصالحین. هذه الآیة وان كانت تثنی على المؤمنین فی لفظها ومنطوقها لعدم استماعهم للّغو والكلام الباطل وإعراضهم عنه، الاّ انّها تدل على ذم استماع اللّهو بدلالة الموافقة.

وجاء فی آیة اُخرى ان أهل جهنم یُسألون:

(ما سَلَكَكُمْ فِی سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّینَ * وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِینَ * وَ كُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِینَ)([2]).

انّ الكلام اذا كان لغوا فقط فانه وان كان استماعه مذموماً اخلاقیا ـ لانّه مضیعة للوقت واشغال للانسان بأمور لا تنفعه فی الحیاة الدنیا والآخرة ـ ولكنه لا یوجب كفر الانسان وشركه ونفاقه، أمّا اذا كان الكلام باطلا ومؤدّیاً الى الانحراف فان الاستماع الیه یستتبع تلك التهدیدات والاخطار الكبیرة على الانسان.

لقد ذم القرآن الكریم اتّباع الشعراء الذین لیس لهم غایة حكیمة فی اشعارهم وانّما هم من اهل اللغو والباطل، قال تعالى:

(وَ الشُّعَراءُ یَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِی كُلِّ واد یَهِیمُونَ * وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ ما لا یَفْعَلُونَ * إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللّهَ كَثِیراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا)([3]).

إذنْ لا ینبغی الاستماع لكلام الشعراء اللغو والفارغ واقوالهم الباطلة. نعم، اذا كان الشاعر من اهل الایمان والعمل الصالح وهادفا وقد نظم الشعر تظلّما وطلباً لاعانة نفسه أو المظلومین واستخدم فنه لتبیین الحقائق واعانة المظلوم والانتقام من الظالم فلا بأس فی ذلك، وهكذا الاستماع الیه، وقد استثنى القرآن ذلك. ولعل ذیل الآیة یشیر الى تأثیر هذه الأشعار فی فضح الظالمین وقمعهم.



[1]. المؤمنون 3.

[2]. المدثر 42 ـ 45.

[3]. الشعراء 224 ـ 227.