ar_akhlag3-ch11_5.htm

النفاق

النفاق

النفاق من أسوء مراتب الكذب حیث یتضمن ویتقارن مع رذائل اُخرى كالخدیعة للمؤمنین أیضاً. وقد جاءت آیات كثیرة بهذا الشأن وبصورة رئیسیة فی سورة (المنافقون والانفال والتوبة والبقرة) وسور قرآنیة اُخرى، نذكر هنا عدة آیات منها. ذكر الله تعالى فی مفتتح سورة البقرة أهمَّ الخصال لدى المؤمنین وقال عن المنافقین:

(وَ مِنَ النّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالْیَوْمِ الآْخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِینَ * یُخادِعُونَ اللّهَ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ ما یَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما یَشْعُرُونَ * فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ بِما كانُوا یَكْذِبُونَ * وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِی الأَْرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا یَشْعُرُونَ * وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا یَعْلَمُونَ * وَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى شَیاطِینِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)([1]).

لقد بیّن الله فی هذه الآیات خصالاً مهمة لدى المنافقین، هی انهم یظهرون الایمان كذبا. ویخادعون الله والمؤمنین، وهم مرضى القلوب ویزدادون مرضا یوماً بعد آخر. ویفسدون ویعتبرون انفسهم مصلحین. ویصفون المؤمنین بالسفه والجهل. ویتكلمون بكلام جمیل ویظهرون انفسهم اصدقاء مخلصین ولكنهم هم العدوُّ الاكبر، قال تعالى:

(وَ مِنَ النّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ یُشْهِدُ اللّهَ عَلى ما فِی قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ)([2]).

وحبّهم للعزة والاقتدار یسوقهم للتمرد على احكام الله وأوامره، قال تعالى:

(وَ إِذا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِْثْمِ)([3]).

ان هذه وعشرات الخصال والصفات القبیحة الاُخرى تمثل علامات وممیزات للمنافقین مما قدتّم بیانه فی الآیات القرآنیة، ولكن ما نقصده هنا هو كذبهم واقوالهم الفارغة التی تكون منشأ اساسیا لمفاسدهم الاُخرى.



[1]. البقرة 8 ـ 14.

[2]. البقرة 204.

[3]. البقرة 206.