ar_akhlag3-ch13_10.htm

الآداب والقیم فی أثناء الحرب

الآداب والقیم فی أثناء الحرب

فی المرحلة التالیة وبعد الدخول فی الحرب یلزم رعایة الكثیر من القضایا القیمیة:

فمن واجب المسلمین عند الحرب احترام المقدسات، وهی المقدّسات المحترمة بصورة مشتركة بین المسلمین والكفار، كالمسجد الحرام والاشهر الحُرم التی لا یجوز هتك حرمتها حتى فی حالة الحرب.

بناء على ذلك فانّ القتال فی المسجد الحرام والأشهر الحرم وفق دعوة الاسلام المؤكدة أمر ممنوع عدا حالة بدء العدو بالقتال فیها، فعلى المسلمین حینئذ الدفاع عن انفسهم والتعامل بالمثل مع العدو المعتدی، اذ فی غیر هذه الحالة سیواجهون هزیمة وخسائر، فی حین لا ینبغی ان یؤدی رعایة هذه المقدسات الى هزیمتهم.

على المسلمین خلال الحرب احترام كنائس المسیحیین ومعابد الیهود واحترام كل مكان مخصَّص لعبادة الله تعالى.

وعلى المسلمین أیضاً عدم التعرض أبداً للذین یعلنون حیادهم فی الحرب أو یعجزون عن القتال. وینبغی حمایة الشیوخ والعجائز والاطفال من أضرار الحرب ولا یجعلونهم عرضة لهجومهم.

وعلى المسلمین رعایة الكثیر من الأمور الظریفة ـ عدا ما ذكر ـ والقیم الاُخرى ـ والتی وردت فی الروایات والكتب الفقهیة وهی خارجة عن موضوع بحثنا هنا ـ حتى مع أشرس اعدائهم واعداء الاسلام.

لا یجوز أبداً تسمیم میاه العدو، فمن السهل جداً تسمیم النهر الذی یدخل قلعة العدوّ والقضاء علیه بسهولة، الاّ انّ الاسلام لا یجیز مثل هذا الفعل أبداً.

ولا یجیز الاسلام مهاجمة العدوّ بغتة وبدون إعلان سابق للحرب، ولا یجیز إحراق المزارع والبساتین وبیوت العدوّ. فعلى المسلمین منازلة العدو فی ساحة الحرب بالاسلحة المألوفة والشائعة ولا یجیز ممارسة أی عمل خاطىء لتحقیق النصر، الاّ انّ یقوم العدو بأعمال خبیثة فلو سكت المسلمون ولم یقابلوه بالمثل سیتعرضون للهزیمة، ففی هذه الحالة سیكون الرد بنفس الطریقة التی انتخبها العدوُّ، ولا سبیل للمسلمین عندئذ سوى التعامل بالمثل.

وبعد الانتصار على العدو ینبغی للجیش الاسلامی رعایة الآداب والمثل الاسلامیة تماما والالتزام بالتعالیم الظریفة والقیمة الواردة فی الروایات والكتب الفقهیة بالنسبة لأسرى الحرب. ان الاسلام قد وضع آدابا وقیما وأهدافا سامیة بالنسبة للأسرى، وخاصةً الأهداف الثقافیة القیمة التی مارسها معهم فی تأریخ حروبه، فیطلع الانسان بها على الأهداف الالهیة والانسانیة للاسلام بشأن الأسرى، ودعا المسلمین الى تنفیذها، الا اننا ننهی الموضوع هنا ونوكل تفصیله الى محله المناسب.