ar_akhlag3-ch13_4.htm

التوازن فی العلاقات مع غیر المحارب

التوازن فی العلاقات مع غیر المحارب

فیما یرتبط بعلاقة المسلمین مع غیر المحاربین الذین تُحترم نفوسهم واموالهم فی الرؤیة الاسلامیة لا توجد مسألة خاصة عدا ان تكون هذه العلاقات متوازنة والتوازن فی العلاقات له وجهان:

الاول: هو ان لا تكون علاقة المجتمع الاسلامی مع الكفار غیر المحاربین بنحو یكون المسلمون فیه تحت هیمنتهم وتحت نوع من السیادة والعلوّ للكفار. فی المجتمع الاسلامی لو علا بعض المسلمین على بعض آخر فلیس كثیر بأس فی ذلك، ولكن فی العلاقات الدولیة بین المسلمین وغیر المسلمین یجب الاحتفاظ بسیادة الاسلام وسلب علوّ الكفار على المسلمین، فقد قال تعالى بصراحة فی القرآن الكریم:

(وَ لَنْ یَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِینَ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلاً)([1]).

هذا الموضوع طبعا واسع جداً ومعقد، والأهداف التی نتوخاها الیوم كالاستقلال الاقتصادی والسیاسی والاكتفاء الذاتی تدخل جمیعها تحت هذا العنوان، وفی كل الاحوال لا یجوز ان یكون المسلمون عالة على الآخرین ولا یجوز أن یمدوا ایدیهم الى الكفار بحیث یستشمّ ذل المجتمع الاسلامی من علاقاتهم مع الكفار.

وعلیه أولاً: لا یجوز بالمجتمع الاسلامی ان یقع تحت نیر مجتمعات الكفر والاستبداد، وثانیاً اذا اصبح المجتمع الاسلامی تابعاً للمجتمع الكافر فی ظروف اضطراریة أو إثر الكسل أو لعِلل اُخرى فان علیه السعی والجدَّ للتخلص من هذه التبعیّة فوراً وارجاع السیادة الاسلامیة الى المجتمع، لان الأصل فی الاسلام والمجتمع الاسلامی هو عدم التبعیّة للكفّار.

الثانی: لو هیمن المجتمع الاسلامی على المجتمع الكافر فلا یجوز التعامل معهم بظلم والعمل على تشویه سمعة الاسلام والمسلمین، بل یجب الفات انظارهم الى الاسلام من خلال السلوك الطیب والعادل مع الكفّار.

هناك طبعا قیم فی المجتمع الاسلامی كالحجاب یعتبرها الآخرون متعارضة مع ما یعتبرونها من القیم. الكلام هنا حول تعامل المسلمین بنحو حسن ولیس تركهم هذه القیم تحاشیا لنقد الآخرین، فلابدّ ان تراعى القیم الأصیلة للاسلام. ومن المؤسف ان سلوك بعض الملوك المسلمین مع الكفار كان فظاً وغیر حمیم بحجة أنهم كفار، فأصبحوا سببا لتشویه سُمعة المجتمعات الاسلامیة. ومثل هذا السلوك اضافة الى كونه مرجوحاً فی نفسه فهو یتنافى مع القیم ویشتدّ قبحه بالعنوان الثانوی، لانّه یؤدی الى تهدید مكانة المسلمین فی قلوب غیر المسلمین ویضعفها، فیجب على المسلمین ان لا یمارسوا هذه الاعمال.



[1]. النساء 141.