ar_akhlag3-ch13_9.htm

شروط الدخول فی الحرب

شروط الدخول فی الحرب

فی الرؤیة الاسلامیة لیست الحرب محبَّذة فی ذاتها، بل كما قلنا لها هدف وهدفها الأساسی هو ارشاد العدوّ وهدایته الى الطریق الصحیح كی یسلم الجمیع ویواصلوا الحیاة بسلام واستقرار.

وعلیه كما یقول القرآن الكریم:

(وَ الصُّلْحُ خَیْرٌ)([1]).

فانه وان جاء فی مورد الاختلافات الزوجیة ولكن نظراً لإطلاق العبارة یمكن القول: انّ الصلح افضل فی كل الموارد حتى فی علاقة المسلمین مع الكفار.

لا یعنی ذلك طبعا وجوب احلال السلام مهما بلغ الثمن، لانّ ترك الحرب لاقتراح السلام من قبل العدوّ یكون فی الكثیر من الموارد خدیعة من أجل تجدید القوى ومهاجمة المسلمین بقوة اكبر وأمضى.

المراد هو أن العدوّ اذا اقترح سلاما مقبولا حقاً فان الاسلام یدعو الى قبوله مع التزام جانب الاحتیاط ومراقبة جمیع الجهات، قال تعالى بهذا الشأن:

(وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)([2]).

فی الجهاد الابتدائی اذا استعد العدو لعقد معاهدة مع المسلمین وكان ذلك فی صالحهم، أی انه یترك باب التبلیغ للاسلام مفتوحاً ویستطیع المسلمون استمالة الناس لعبادة الله بعملهم الإعلامی وبدون قتال وسفك للدماء فان علیهم قبول هذه المعاهدة، وعدم الدخول فی حرب، لانها تكون لرفع موانع التبلیغ الى الاسلام، وبما ان هذه الموانع ترتفع بدون حرب فلا یجوز الدخول فی الحرب. من هنا یمكن القول: ان الأصل والقاعدة الاولیة فی علاقة الاسلام مع الكفار هو السلام لا الحرب، ولكن المسلمین اذا واجهوا عدوّاً لجوجا متزمّتا ولیس من اهل السلام، واذا اقترح السلام فانه ینوی خداع المسلمین وإغفالهم وشن هجوم أشدَّ علیهم فلا سبیل امامهم فی هذه الحالة سوى الحرب.

لكن مع ذلك لا یجوز للمسلمین القیام بهجوم مباغت على العدوّ من دون مقدمة، لان الحرب والجهاد لیسا محبّذینِ فی ذاتهما، بل الهدف منهما هو ارشاد الكفار وهدایتهم وقبول الاسلام والعدالة الاسلامیة. من هنا ینبغی دعوة العدوّ الى الاسلام قبل الحرب وایصال حقائق الاسلام الى سمعه، وما لم تتمَّ هذه الدعوة كمقدمة لا یجوز الدخول فی الحرب.

ورد فی إحدى الروایات المستفیضة عن طریق الشیعة والسنّة انّ النبی(صلى الله علیه وآله وسلم)حینما كان یرید ارسال امیر المؤمنین(علیه السلام)الى إحدى الحروب فانّه كان یقول له: «لاَن یهدی الله بك رجلا خیر لك من ملء الارض ذهبا تنفقه فی سبیل الله». إذنْ لابدّ من افهام الهدف للعدو كی یعلم انّ المسلمین یریدون تحریره من عبودیة الانسان وایصاله الى عبودیة الله الواحد والذی هو غایة تكامله.



[1]. النساء 128.

[2]. الانفال 61