ar_akhlag3-ch1_4.htm

تلخیص وفذلكة

تلخیص وفذلكة

انّ الحیاة الاجتماعیة ـ رغم أهمیتها البالغة ووجود احكام كثیرة قد شرّعها الاسلام بشأنها ـ لا یمكن اعتبارها قیمة مطلقة، بل تكون محبذة حسب الظروف التی تربط حیاة الفرد بحیاة الآخرین ومن ثمّ تستند الى نیة الفرد فی اشتراكه فی الحیاة الاجتماعیة.

والعوامل النفسیة التی تربط حیاة الفرد بالمجتمع هی:

العامل الغریزی والعامل العاطفی والعامل العقلانی. هذه العوامل تدفع الانسان للمیل الى المجتمع وربط حیاته بحیاة الآخرین، الاّ انّ القیمة الأخلاقیة للحیاة الاجتماعیة تستند الى الانتخاب العقلانی، فعندما یقف الانسان على مفترق طریقین وتتجاذبه الدوافع المختلفة الى هنا وهناك فانّ العقل هو المعیّن للدافع ذی القیمة الاكبر ولزوم اتباعه. إذنْ فی ظل الارشاد العقلی تتحدد القیمة الأخلاقیة.

فی الشؤون الفردیة كذلك لا یكون مجرد وجود الدافع الطبیعی دلیلا على القیمة الأخلاقیة، بل بحكم العقل یمكن تشخیص القیمة الأخلاقیة لكل عمل من الأعمال، فمثلاً الشهوة الجنسیة دافع طبیعی ویستند تحدید قیمتها الأخلاقیة الى حكم العقل، والعقل قد یحكم على هذا المیل ـ حسب الظروف المختلفة ـ بالقیمة الایجابیة أو السلبیة. والمیول الطبیعیة ـ فی الواقع ـ أدوات لتحقیق الأهداف العقلانیة وذلك لتوقف هدف الخلق على بقاء الاجیال الانسانیة، وهذا المیل اداة لتحقیق ذلك الهدف. فمن الالطاف الإلهیة أن أودع فی الانسان أدوات طبیعیة تدفعه لممارسة اعمال فی مسیرة تحقیق الأهداف القیّمة.

وعلیه فانّ المیول الطبیعیة والعوامل الغریزیة والعاطفیة وإنْ وجدت فی الانسان لتشكیل الحیاة الاجتماعیة الاّ انّ قیمتهاالأخلاقیة تستند الى انتخاب العقل الذی یقول: انّ وصول الانسان الى رغباته المادیة والمعنویة یتوقف على الحیاة الاجتماعیة، ولو شاء الانسان أن یعیش وحده فانّه سیواجه مصاعب ومشكلات فی توفیر مستلزماته المادیة والمعنویة.

لقد خُلق الانسان لیصل الى كماله النهائی ولا تتوفّر مقدماته الاّ فی ظلّ المجتمع. إذنْ تكون الحیاة الاجتماعیة محبذة بحكم العقل وتتمیّز بالضرورة بالقیاس.