ar_akhlag3-ch5_5.htm

رؤیة القرآن عن العدل

رؤیة القرآن عن العدل

یذّكر القرآن الكریم المسلمین فی هذا المجال بأمرین تحت عنوانی (العدل) و(القسط) وهما ـ كما ذكر ـ مفهومان مترادفان ولهما معنى واحد. فی هذا المجال یأمر القرآن الكریم أحیاناً باقامة العدل مطلقا، كقوله تعالى:

(وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ اتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ)([1]).

وكقوله تعالى:

(إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الإِْحْسانِ)([2]).

ویأمر القرآن فی موارد اُخرى بأعمال مختلفة وصفها وقیّدها بالعدل فهو یدعونا فی الواقع الى موارد خاصة من العدل كالحكومة العادلة والإصلاح العادل والقول العادل، كقوله تعالى:

(إِنَّ اللّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَْماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَیْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)([3]).

وكقوله تعالى:

(فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ)([4]).

وكقوله تعالى:

(وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى)([5]).

وكقوله تعالى:

(وَ لْیَكْتُبْ بَیْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ)([6]).

(فَلْیُمْلِلْ وَلِیُّهُ بِالْعَدْلِ)([7]).

قلنا فی القسم الاول من الكتاب: إن فی القرآن مجموعة من المفاهیم الأخلاقیة التی تشمل بسعتها المفهومیة جمیع أو أغلب القیم الایجابیة أو القیم السلبیة، وقد ذكرناها باسم المفاهیم الأخلاقیة العامة، واعتبرنا مفهومی العدل والظلم من زمرة هذه المفاهیم.

انّ العدل بمفهومه الواسع یشمل (حقوق الله على الانسان) و(حقوق أبناء الانسان على الانسان) و(حق الانسان على نفسه) و(حق أعضاء الانسان وجوارحه على نفسه) أی یكون مفهوم العدل فی هذه الحالة معادلاً لجمیع القیم الایجابیة تقریبا وان كان موضوع بحثنا فی هذا الكتاب هو العدل الاجتماعی وحق الانسان على الانسان فقط حیث ینظم العلاقة بین بنی الانسان ولیس علاقة الانسان بالله أو علاقة الانسان بنفسه. وعلیه تكون النقطة المقابلة للعدل فی بحثنا فی هذا القسم هو ظلم الآخرین فقط ولیس الظلم لله ولا الظلم للنفس.



[1]. المائدة 8.

[2]. النحل 90.

[3]. النساء 58.

[4]. الحجرات 9.

[5]. الانعام 152.

[6]. البقرة 282.

[7]. البقرة 282.