عقل المرأة
سؤال: یقال ان عقل المرأة أصغر من عقل الرجل، وان الرجل یمتلك قدرة أكبر على التعقّل، كما وردت عبارات فی بعض الروایات تدل ـ فی نظر البعض ـ على ضعف القوة العقلیة لدى المرأة. هل یمكن القول ان المرأة أقل عقلاً من الرجل، ألا یعتبر هذا نقصاً بالنسبة للمرأة؟
جوابه:1 لقد تمت الاشارة ـ فی مجال الفوارق الطبیعیة بین المرأة والرجل ـ الى فوارق لا تبدو محكمة وقطعیة كثیراً (وقد تقدمت الموارد المهمة والمسلّم بها فی القسم الخاص بالفوارق) فقد قالوا ـ مثلاً ـ ان دماغ المرأة یختلف من حیث الحجم عن دماغ الرجل، وهو أصغر منه. واذا ما ثبت هذا الأمر فلیس مستبعداً أن یكون سبباً فی الفوارق النفسیة لاسیّما فی أمر العلم والمعرفة. كما قالوا ان القدرة على الفهم والادراك
لدى المرأة فی كافة المجالاتـ أو على الاقل فی مجال الامور العقلیة والاستدلالیة ـ اقل ممّا عند الرجل. ولم تثبت هذه المزاعم بالنسبة الینا بعد. وان الروایات الواردة فی هذا المجال لیست واضحة وقطعیة كثیراً وقد ذُكرت تفسیرات لكل منها.
ان التحقیقات النفسیة والإحصائیة تدل على ان موهبة التعلّم لدى المرأة فی بعض العلوم والمعارف من قبیل فروع الریاضیات والفلسفة اضعف مما عند الرجل، وزعموا أیضاً ان نعمة الذكاء عند المرأة2 اقل ممّا عند الرجل. لكننا نتصور ان ذلك لما یزل لیس واضحاً وفیه مجال للبحث والنقاش، فهل ان «الذكاء» اسم اطلقوه على قوة واحدة أم اسمٌ لمجموعة او عدة قوى ومواهب مثل الحافظة وسرعة البدیهة والتعمق فی الامور؟ ان لقضیة المعرفة ابعاداً ووجوهاً عدیدة، ویبدو ان علماء النفس قد اطلقوا اسماً واحداً ـ أی الذكاء ـ على مجموع هذه الابعاد والوجوه.
ربما تتعذر المقارنة بین نعمة الذكاء لدى الرجل والمرأة، فلربما تكون المرأة هی الاقوى فی بعض المراحل المتعددة من العلم والتعلّم، ویكون الرجل هو الاقوى فی بعضها الآخر. على أیة حال لیس یقنیاً ثبوت مثل هذه الامور، وعلى افتراض كونه یقیناً فهو لیس من الامور التی یعتد بها.
الملاحظة التی ینبغی التركیز علیها هنا كثیراً هی ان المرأة وبسبب شدة عواطفها وأحاسیسها فهی لا تسیطر على نفسها كما ینبغی ویجب، وبما ان ضبط العواطف والمشاعر والسیطرة علیها أول شروط التفكیر الصحیح والحكم فان المرأة فی غایة التصدع من هذا الجانب. لكن الرجل ـ ونظراً لضعف عواطفه ومشاعره ـ فمن السهولة ان یسیطر على نفسه، ومن خلال ازاحته للغبار الذی تثیره المشاعر یرى الحقائق بوضوح ویحكم على اساسها. بناءً على هذا ربما یصحّ القول ان تعاظم قوة التعقل لدى الرجل لیس نابعاً من قوة الرجل ذاته بل سببها ضعف اعداء التعقّل فیه.
على أیة حال، تصبح نتیجة البحث ان الرجال یتمتعون بتعقل وتدبیر أكثر إما لتعاظم قدرة التعقل لدى الرجل ـ كما یقول البعض ـ أو لعدم وجود الغریم أو الخصم فی طریق العقل، وهذا هو السبب الذی یؤدی الى اختلاف الحقوق والواجبات بین المرأة والرجل. وینبغی الانتباه الى اننا حینما نقارن بین المرأة والرجل فلیس المراد مرأة معینة ورجل معین، بل اننا نضع فی البال عموم النساء والرجال وطبیعتهم، وهذه القواعد العامة لها استثناءات دائماً.
* * * * *
1. راجع: كراس الحقوق والسیاسة فی القرآن، محمدتقی مصباح الیزدی، الدرس: 209 وهو باللغة الفارسیة.
2. نعمة الذكاء أو مستوى الذكاء تعنی نسبة السنّ العقلی للفرد الى سنّه الواقعی مضروباً بالعدد (100).