ar_porsesh5-ch3_8.htm

اشاعة الزواج والترغیب فیه

سؤال: بماذا یوصی القرآن حول الزواج والمرأة والولد؟ وهل الفقر یحول دون الزواج ویعتبر عذراً مبرراً؟ ألا یتحمل الإنسان مسؤولیة ازاء العزّاب من الفتیات والفتیان؟

جوابه:1 ان القرآن الكریم یؤكد على الزواج وبناء الاسرة، ففی الآیة 74 من سورة الفرقان یتحدث عن احدى صفات عباد الرحمن بما یلی:

«وَالَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّیّاتِنا قُرَّةَ أَعْیُن وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِینَ إِماماً».

فاستناداً لبیان هذه الآیة الكریمة ان من صفات المرموقین والنموذجبین من الناس هی انهم یطلبون من الله الازواج والاولاد، وبعبارة اخرى ان الانسان المرضی عند الله هو من یولی اهتماماً لأمر اسرته وزوجته وولده بالاضافة الى ما یتمیز به من صفات حسنة اخرى2. یقول تعالى فی موضع آخر:

«وَأَنْكِحُوا الأَْیامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِینَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ یَكُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ»3.

من الامور المهمة جداً والتی تستفاد من هذه الآیة الكریمة هو ان الله جل وعلا وبایراده لكلمة «أَنْكِحُوا» بدلاً من «إنكِحوا» یأمر بالاضافة الى الزواج الذی یعد أمراً محبباً ومستحباً، بتزویج العزاب من الفتیات والفتیان. ان عبارة «أَنْكِحُوا» تشابه عبارة «أَقِیمُوا» و«وَلا تَحَاضُّونَ» و«وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ» وما شابه ذلك. ففی جمیع هذه الموارد لا یقول القرآن: تزوجوا، صلّوا، اعینوا الفقراء، أو قولوا الحق واصبروا، بل یوصی: أحیوا أمر الزواج والصلاة وإعانة الفقراء والعمل بالحق والصبر واشیعوه، وتَواصوا فیما بینكم وتَحاضّوا على هذه الأمور. وبعبارة اخرى ان كل انسان مكلف بواجبین: احدهما مسؤولیة العمل بالواجب، والثانی مسؤولیة حضّ الآخرین على العمل به، ففضلاً عن انه یجب على كل رجل أو امرأة ان یتزوج، یجب علیه ان یفكر بمن لم یتزوج بعد من الرجال والنساء أیضاً، أی یسعى الى ازالة العراقیل التی تعترض طریق زواجهم. ان عدم شعور غالبیة ابناء مجتمعنا بمثل هذه المسؤولیة ناجم عن غفلتهم عن المعنى الدقیق لتوصیة القرآن.

على كل انسان مسؤولیة الحیلولة قدر المستطاع دون وجود اعزب من الرجال أو النساء فی المجتمع، وینبغی ان ینطلق هذا العمل من داخل الوسط العائلی ثم یسری الى الاقرباء والاصدقاء والجیران ومن ثم التوجه نحو سائر افراد المجتمع، ومن باب التأكید على الموضوع یصّرح تعالى بان لا یصبح فقر الرجل أو المرأة حائلاً دون الزواج، فلا الرجل ینبغی له أن یقول: لست املك مالاً الآن ولا قدرة لی على توفیر نفقة العائلة، ولا المرأة ینبغی لها أن تقول: ان هذا الرجل یمر بضائقة مادیة ولست أقدر أو لا أرید ان أكون زوجة له، ان مثل هذه الاعذار والحجج غیر مقبول.

ان التربیة الاسلامیة تتطلب ان یتوكل الرجل والمرأة على الله، وان یبذلا فی نفس الوقت اقصى جهودهما للحصول على مقومات الحیاة واسبابها عن الطریق المشروع كی یعیشا حیاة عفیفة وكریمة. واذا ما كانت الظروف والاوضاع لا تساعد بحیث لا یتعذر الزواج الدائم فحسب بل المؤقت4 وكذلك الزواج بالجاریة ان وجدت5، اذ ذاك یتعین التزام العفة وانتظار سنوح الفرصة التی تتهیأ فیها مقومات الزواج، واستمراراً لآیة الانكاح یأمر القرآن بهذا الأمر فیقول:

«وَلْیَسْتَعْفِفِ الَّذِینَ لا یَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى یُغْنِیَهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ...»6.

على أیة حال، لقد سعى الاسلام كثیراً لئلا یبقى أعزب أو عزباء فی المجتمع.

* * * * *




1. كراس الحقوق والسیاسة فی القرآن، محمدتقی مصباح الیزدی، الدرس: 210 وهو باللغة الفارسیة.

2. ذُكرت صفات عباد الرحمن فی الآیات الاخیرة من سورة الفرقان.

3. النور: 32.

4. النساء: 24.

5. النساء: 25.

6. النور: 33.