ar_porsesh5-ch4_6.htm

آثار وعواقب حركات الدفاع عن حقوق المرأة

سؤال: هل كانت حركات الدفاع عن حقوق المرأة ناجحة لحد الآن أم لا؟ والى أی مدى كانت النتائج المتمخضة عن هذه الحركات فی صالح النساء؟

جوابه:1 حریٌ الاقرار ـ وللاسف ـ ان النتائج المتمخضة عن حركات الدفاع عن حقوق المرأة فی القرن الاخیر كانت سلبیة، وتمخضت عن خسائر فادحة بالنسبة لطبقة النساء بل للبشریة جمعاء. وهذا رأی یعتقد به اكثر المحققین والمفكرین فی الغرب أیضاً. وهنا نشیر الى بعض العواقب السیئة الناجمة عن مثل هذه الحركات:

أ ـ لقد فقدت النساء كرامتهن اذ انجرفنَ نحو الابتذال واصبحن آلة لاهواء الرجال، وقد آل هذا الابتذال الى جری النساء وراء الرجال حیث یعرضن انفسهنَّ امامهم بدلاً من أن یطلبهنّ الرجال ویقصدوهنّ لیخطبوهنّ.

ب ـ ان توفر النساء اكثر من الضروری وسلوكهنّ غیر الطبیعی ادى الى ان یُعرض الرجال عنهنّ بل وینفروا منهنّ. مما ادى الى ان یُقبل الرجال نحو نظرائهم فی الجنس لاشباع غرائزهم الجنسیة، فیما دفع فتور الرجال وجفاؤهم النساء لاطفاء عطشهنّ الجنسی مع مثیلاتهن فی الجنس، وان تفشی الشذوذ الجنسی فی بلاد الغرب معلول بشكل اساسی لهذه العلّة، واصبح هو علّة للكثیر من الامراض الجسدیة والنفسیة بحیث ان هذه الظاهرة تمثل الیوم احدى اكبر المشاكل التی تحیق بالحضارة الغربیة.

ج ـ لقد اصبح عمل المرأة خارج بیتها عائقاً دون قدرتها على الاهتمام بأعمال البیت كما یجب وینبغی، فأصبح هذا الخلل سبباً فی بروز الخلافات العائلیة، كما تسبب استقلالهن الاقتصادی وامتلاك الدخل بتزاید جرأة النساء وانخفاض خشیتهن من الانفصال والطلاق وبالتالی اتسعت دائرة الخلافات العائلیة. ولا یخفی ان عاقبة تفاقم مثل هذه الخلافات لم تكن فی اغلب الحالات سوى طلاق وانفصال المرأة عن الرجل.

د ـ كانت احدى نتائج حركات المناصرین للمرأة الحیلولة دون تعدد الزوجات، فقد صرحوا وكتبوا ان الزواج بأكثر من واحدة انتهاك لحرمة النساء وسبب فی اهدار حقوقهنّ، اذن لا ینبغی السماح للرجل بان یتخذ زوجة اخرى.

والنتیجة الاخرى كانت تعطیل الزواج المؤقت، وهذا ما تحقق أیضاً بفعل استدلالات مشابهة لما تقدم. ان ما نجم عن تظافر عدة عوامل مثل الشذوذ الجنسی وتزاید الطلاق ومنع تعدد الزوجات والزواج المؤقت، هو التزاید السریع فی عدد البنات غیر المتزوجات والنساء الأیامى، وكان هذا الامر یتخذ طابعاً كارثیاً یستعصی علاجه فی البلدان التی تبتلى بالحروب الداخلیة أو الخارجیة وتفقد عدداً كبیراً من رجالها، ویخرج من كونه حالة مؤقتة وطارئة.

هـ ـ ان الرجال الذین مُنعوا بشدة عن تعدد الزوجات والزواج المؤقت، حینما كانوا لا یشبعون غریزتهم الجنسیة بامرأة واحدة لم یكونوا یرون بُداً من اقامة العلاقة الجنسیة غیر المشروعة، من هنا شاعت العلاقات الجنسیة غیر الشرعیة مع الفتیات والعازبات من النساء بل وحتى المتزوجات.

ان التحقیقات التی قام بها الغربیون انفسهم تثبت بالارقام الحقیقة المؤلمة بان معظم الرجال فی المجتمعات الغربیة لا یكتفون بزوجة قانونیة واحدة، ویقیمون علاقات مع بنات او نساء أُخریات.

و ـ ان العلاقات الجنسیة غیر الشرعیة تؤدی الى تفسخ العلاقات العائلیة وانهیار كیان الاسرة الدافئ وظهور اطفال غیر شرعیین.

ان الاضطراب النفسی والاجتماعی الناجم عن ما یسمى بحریة المرأة لا ینحصر بهذه الموارد، وما ذكرنا هو غیض من فیض المشاكل والمصائب التی ارهقت الحضارة الغربیة. من هنا فان النشاطات المتزایدة فی المجتمعات الغربیة والتی تجری على ایدی النساء بالذات، ضد «حقوق وحریات المرأة» لیست مستبعدة على الاطلاق. فالنساء فی الدول الغربیة یطالبن الآن حكوماتهن بكل جدّیة بان تجعل تعدد الزوجات أمراً قانونیاً، وهنّ یقلنَ ویكتبنَ ان الانجراف الى المصنع والعمل والدائرة والمؤسسة لم یورثنا سوى انصراف الرجال عن الانفاق علینا ووجوب ان نتحمل الاعمال الشاقة والمهینة أحیاناً خارج الدار.

الحقیقة هی ان حریة المرأة فی المجتمعات الغربیة والمجتمعات المنبهرة بالغرب بالرغم مما خلفته من عواقب ألیمة ورهیبة یتعذر تلافیها، فقد مهدت للعودة الى نظام حقوق المرأة فی الاسلام. فالغرب الذی صوَّب جلَّ هجماته ضد الاسلام ونظامه الحقوقی ینحو الآن شاء أم ابى باتجاه بعض الاحكام الحقوقیة لهذا الدین الحنیف، وهذه الظاهرة اكثر لمساً فی مجال حقوق المرأة، فعلى سبیل المثال ظهر خلال السنوات الاخیرة وبمستوى جید المیل نحو الحجاب بین النساء غیر المسلمات فی الغرب.

* * * * *




1. راجع: كراس الحقوق والسیاسة فی القرآن، محمدتقی مصباح الیزدی، الدرس: 206 وهو باللغة الفارسیة.