آیة الله مصباح الیزدیّ: رسالة الثورة الإسلامیّة هی الجهاد الثقافیّ

قال اُستاذ الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: إنّ إحدى رسالات الثورة الإسلامیّة فی إیران، التی أصبحت الیوم «أمّ القرى» بالنسبة للإسلام، هی الجهاد الثقافیّ. فكما أنّ الجهاد العسكریّ یتطلّب السلاح فإنّ الجهاد الثقافیّ هو أیضاً بحاجة إلى سلاح الفكر.
وفی ملتقى مراقبی مجلس صیانة الدستور فی محافظة قمّ أوضح آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الاُمور كلّها هی فی قبضة الله تعالى وأنّ الله هو القادر المطلق وأضاف: لقد قُیّض لجمیع الأنبیاء شیاطین من الجنّ والإنس والملفت للنظر أنّ الله هو الذی قیّض هذه الشیاطین كی یخطو الإنسان فی المسیر الصحیح بملء إرادته، وإذا اختار الإنسان ـ وهو المظهر لقدرة الله تعالى ـ الطریق الصحیح فإنّه سیصبح خلیفة الله.
وفی إشارة له إلى آیات من الذكر الحكیم قال العلاّمة مصباح الیزدیّ: هناك موجودات تسمّى الشیاطین یمكنها أن تؤثّر فی حیاة البشر، بعض تلك الشیاطین هم من جنس الإنسان، أی ـ فی الحقیقة ـ إنّ أعمال الشیطان تُنجز على ایدی هؤلاء الناس.
وألمح سماحته إلى أنّ شیاطین الإنس هم فقط مَن نستطیع نحن رؤیتهم وقال: هؤلاء الشیاطین یخدعون الناس، ویقفون فی وجه الأنبیاء من خلال استخدام الألفاظ المنمّقة والخدّاعة التی یعبّر عنها القرآن بعبارة (زُخرُف القول).
ومن خلال الإشارة إلى أنّ معظم أشكال الفساد التی حدثت وتحدث فی العالم هی جرّاء الحروب الناعمة والدعایات البرّاقة تابع سماحته: هذا النهج له مصادیق كثیرة فی التاریخ وإنّ شیاطین الإنس یكثرون ـ من خلال الإفادة من العبارات الخادعة وعبر سوء استغلال الاُصول المتعلّقة بعلم النفس ـ من تطبیق المفاهیم القیمیّة على مصادیق مضادّة لها یكررونها و یخلقون الأرضیّات حتّی ینخدع ویصدّقوا.
وكنموذج أشار سماحة مصباح الیزدیّ إلى أنّ أكثر القیم الأخلاقیّة بدیهیّةً عند سكّان العالم أجمع هی العدالة وقال: لقد أحلّ شیاطین الإنس الظلم محلّ العدل وطرحوا مصادیق الظلم بعنوان کونها عدالة، وعدّوا تنفیذ العدالة ضرباً من الظلم، ومن المؤسف أنّ بعض الأشخاص ممّن یُنتظر منهم تبیین تلك المغالطات وكشفها قد وقعوا فی هذا الفخ وزادوا الطین بلّة.
كما تطرّق اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة إلى الاختلاف بین إرث الرجل والمرأة فی الشریعة الإسلامیّة كنموذج آخر على الحرب الإعلامیّة وقال: إنّ الله عزّ وجلّ ومن خلال علمه المطلق بكلّ أبعاد الإنسان ومصالحه بمقدوره تشخیص مصادیق الظلم والعدل فی هذه القضیّة إلاّ أنّ الشیاطین، وعبر تسلیط الأضواء على هذه القضایا التی تبعث الشبهة فی أذهان الناس أكثر من غیرها، یسعون إلى خداع الناس وتضلیلهم.
وتابع آیة الله مصباح الیزدیّ القول: الإعلان العالمیّ لحقوق الإنسان هو إحدى الوسائل التی یستخدمونها لإلقاء الشبهات، والحال أنّ من لوازم هذا الإعلان هو أنّ الجانی الخطر الذی قتل ألفاً من الناس الأبریاء لا ینبغی أن یُقتل لأنّه یتمتّع بالكرامة الإنسانیّة وله الحقّ فی الحیاة وإنّ أشدّ العقوبات التی تُنزل فی حقّه هی السجن مدى الحیاة، فی حین أنّ هؤلاء ـ وبنصّ القرآن الكریم ـ هم (شرّ الدواب)، فهم لا یفتقرون إلى الكرامة فحسب بل هم أخسّ من الحیوانات أیضاً!
وعدّ عضو مجلس خبراء القیادة أنّ من المصادیق البارزة لـ (زخرف القول) هو مصطلح الدیمقراطیّة وأضاف: إنّ الأعداء یسیئون استخدام هذه الألفاظ لخداع الناس من أجل بلوغ مآربهم.
واستطرد سماحته مشیراً إلى لعبة الشیاطین المسمّاة بالإرهاب وقال: فی نظر هؤلاء الشیاطین فإنّ جمهوریّة إیران الإسلامیّة، وحزب الله، وحماس إرهابیّون، لكنّ النظام الصهیونیّ الغاصب الذی اقترف المجازر بحقّ أهل غزّة من دون رحمة لیس إرهابیّاً.
واعتبر آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الثورة الإسلامیّة فی إیران أصبحت الیوم أمّ القرى للإسلام وإنّ إحدى رسالاتها هی الجهاد الثقافیّ وأضاف: كما أنّ الجهاد العسكریّ یتطلّب السلاح، فإنّ الجهاد الثقافیّ هو أیضاً بحاجة إلى سلاح الفكر.
وتابع سماحته: على الثورة الإسلامیّة الیوم وعبر الجهاد الثقافیّ أن تستهدف نقاط ضعف الثقافات الأجنبیّة وتفضحها، لكن من أجل ذلك علینا أوّلاً أن نحصّن شبابنا كی لا ینخدعوا بشیاطین الإنس.
یذكر أنّ ملتقى مراقبی مجلس صیانة الدستور فی محافظة قمّ قد اُقیم فی قاعة المؤتمرات التابع لمؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.