آیة الله مصباح الیزدیّ: تشکیل القیادة بصورة الشوری امر مردود شرعاً وعرفاً ویفتقد الكفاءة عملاً.

فی الجلسة السابعة من سلسلة الجلسات المخصّصة لتبیین ولایة الفقیه على أساس علمیّ والتی تقام فی المدرسة الفیضیّة أجاب سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ على بعض الشبهات المطروحة حول موضوع ولایة الفقیه.

فی الجلسة السابعة من سلسلة الجلسات المخصّصة لتبیین ولایة الفقیه على أساس علمیّ والتی تقام فی المدرسة الفیضیّة أجاب سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ على بعض الشبهات المطروحة حول موضوع ولایة الفقیه.
وحسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار آیة الله مصباح الیزدیّ فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی حشد من طلاب وفضلاء الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة: إنّ الظروف المثالیّة للحكومة الإسلامیّة هی حضور المعصوم (علیه السلام) وتهیّؤ الأرضیّة له من أجل إقامة الحكومة؛ ذلك أنّ المعصوم (علیه السلام) مطّلع على القانون بشكل جیّد من ناحیة، ولا یقع تحت تأثیر الهوى من ناحیة ثانیة، وهو لا یخطئ فی تشخیصه لمصالح المجتمع من ناحیة ثالثة.
ولدى إشارة آیة الله مصباح الیزدیّ إلى القاعدة العقلائیّة القائلة بأنّه إذا لم یكن استیفاء المصلحة الكاملة أمراً میسوراً فلابدّ من الرجوع إلى الخیار الذی هو أقرب مایکون الی المصلحة الكاملة تابع سماحته: إذا لم یكن الوصول إلى المعصوم (علیه السلام) میسوراً فیتعیّن الرجوع إلى أشبه الناس به.
ولدى الاستشهاد بإحدى الروایات قال سماحته: إنّ إقامة الحكومة أمر واجب؛ لكنّه عندما لا تكون الظروف المثالیّة، التی هی حكومة المعصوم (علیه السلام)، مهیّأة فلابدّ من الرجوع إلى أشبه الناس بالمعصوم؛ لا أنّ أصل إقامة الحكومة یمسی منتفیاً.
وجواباً على الشبهة التی تذهب إلى أنّ الإسلام فی زمان غیبة المعصوم (علیه السلام) لا یأبه بإقامة الحكومة وأنّ الله قد فوّض هذه المسألة إلى عباده قال سماحة العلامة مصباح الیزدیّ: إنّ الله لا یرضى بترك المجتمع البشریّ وخصوصاً المجتمع الإسلامیّ عرضة للفساد وهذا الأمر لا یقتصر على زمان حضور المعصوم (علیه السلام).
وأضاف سماحته متابعاً: إنّ لكلّ أمر حكماً فی نظر الشارع المقدّس ولا توجد أیّ مسألة من دون حكم شرعیّ؛ لكنّ كشف هذه الأحكام یكون تارة عن طریق النقل وطوراً تكون للعقل القدرة على كشفها أیضاً؛ ومن جملة ذلك أنّنا نفهم ـ بحكم العقل ـ أنّ الشارع لا یرضى باختلال النظام والتفریط بمصالح المسلمین، وإنّ من المسَلّمات الفقهیّة أنّ كلّ أمر یؤول إلى اختلال النظم فهو مردود فی نظر الشارع.
ثمّ أشار عضو مجلس خبراء القیادة إلى شبهة اُخرى مفادها تشكیل مجلس شورى القیادة وقال: یدّعی البعض أنّ من الممكن حصول الشیء الأقرب الی المعصوم (علیه السلام) عن طریق تشكیل مجلس شورى القیادة، فإذا حصل الاتّفاق فی هذا المجلس حول مسألةٍ ما فستكون النتیجة أكثر مدعاةً للاطمئنان، وإذا لم یحصل اتّفاق فی الرأی فإنّه یُصار إلى الأصل العقلائیّ القائل باتّباع رأی الأكثریّة.
وفی معرض الجواب على هذه الشبهة ولدى التنویه إلى أنّ هذا الاُسلوب فی القیادة لم یُطرح من قِبل أیّ فقیه فی أیّ كتاب فقهیّ تابع سماحته: حتّى الأنبیاء والأئمّة (علیهم السلام) لم یعمدوا إلى تشكیل مجلس بعنوان الهیئة الحاكمة. وهذا الاُسلوب لیس أنّه غیر مطروح فی الإسلام فحسب بل هو غیر معتمَد فی أیّ واحد من الأدیان السماویّة ولا فی الحكومات العالمیّة الناجحة، بل حتّى فی الاتّحاد السوفیتیّ السابق، الذی كان یُدار بواسطة مجلس قیادة، كان ثمّة على رأس الهیئة الرئاسیّة شخص واحد كانت له الكلمة الفصل فی موارد النزاع.
وأضاف العلامة مصباح الیزدیّ: على الرغم من أنّ اتّخاذ القیادة طابع المجلس غیر مستحیلة عقلاً؛ إلاّ أنّ هذا الاُسلوب غیر ناجح على مستوى العمل؛ ذلك لأنّه لن یحصل اتّفاق الرأی لدى جمیع أعضاء المجلس فی المسائل النظریّة المهمّة إلاّ نادراً.
كما أضاف سماحته قائلاً: إنّ اتّخاذ القیادة طابع الشورى یؤخّر فی سیر إنجاز بعض الاُمور؛ والحال أنّ بعض المسائل المصیریّة تحتاج إلى اتّخاذ قرارات قاطعة وسریعة وفی مثل هذه الموارد فإنّ المصلحة تفوت بانعقاد مجلس القیادة؛ بل إنّ اتّخاذ القرار المصحوب بالخطأ یكون فی بعض المواطن أفضل من التلكّؤ فیه. ویمكننا مشاهدة النماذج البارزة لهذه القرارات القطعیّة والسریعة فی فترة السنوات الثمانی للدفاع المقدّس.
وأضاف سماحته: لقد شخّص الإمام الخمینیّ (رحمه الله) أنّه یتعیّن على الجماهیر الخروج إلى الشوارع یوم الثانی والعشرین من بهمن عام 1357 هـ . ش. (الحادی عشر من شباط عام 1979 م) مع أنّه لم یكن أیّ من رجال السیاسة ورجال الدین آنذاك موافقاً على ذلك. لكنّ الثورة لم تنتصر فی حینها إلاّ بنزول الناس إلى الشوارع وكسر حالة الطوارئ فی البلاد.
واستطرد العلامة مصباح الیزدیّ مشیراً إلى نظر الإسلام فی كون الحكومة حكومة شورى قال: الاستشارة هی محطّ تأكید فی الإسلام ولقد كان النبیّ (صلّى الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام) یستشیرون غیرهم؛ لكنّهم كانوا یتصرّفون على نحو مستقلّ ساعة اتّخاذ القرار. كما أنّ نصّ القرآن الكریم والأحادیث الشریفة والسیرة العملیّة للأنبیاء والأئمّة (علیهم السلام) وكذا سیرة العلماء الأعلام تدلّ على وحدة القیادة.
وتابع سماحته: إنّ طرح مثل هذه المسألة یلقی فی الذهن احتمالاً هو أنّه ثمّة فكر غیر سلیم یرمی إلى تضعیف ولایة الفقیه. بالطبع قد یحمل بعض مَن طرح هذه المسألة نیّات خیّرة أو أنّه یرى نفسه من ذوی الخبرة الكاملین فی هذا المجال وقد أراد، من خلال تشكیل مجلس شورى القیادة، تمهید الأرضیّة لحضوره فیه كی یعمل لما فیه مصلحة المجتمع.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة منوّهاً إلى طریقة انتخاب الولیّ الفقیه من بین الأشخاص الجامعین للشرائط: كما أنّ كلّ إنسان یرجع إلى ذوی الخبرة فی تعیین المرجع الذی علیه تقلیده فإنّه من أجل اختیار الولیّ الفقیه أیضاً لابدّ لأهل الخبرة وأصحاب الرأی من الإدلاء برأیهم فی ذلك.
وأضاف اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة قائلاً: إذا اختلف الأشخاص فی تعیین مرجع التقلید الأعلم فلن یؤدّی ذلك إلى أیّ إشكال؛ ذلك أنّ الاختلاف فی العمل بالأحكام الفردیّة لا یخلق أیّ مشكلة؛ لكنّه لا یمكن القول إنّ على كلّ شخص الرجوع فی المسائل الاجتماعیّة إلى من یقلّده لأنّ المصالح الاجتماعیّة لا تتحقّق إلاّ فی ظلّ الوحدة والانسجام فی اتّخاذ القرارات والعمل؛ إذن یتعیّن على الخبراء تعریف الفقیه الجامع للشرائط والأعلم وفی حال ثبوت أعلمیّة أحدهم فإنّ على الناس أجمع وحتّى الفقهاء الآخرین أن یقبلوا برأیه فیما یخصّ المسائل الاجتماعیّة والحكومتیّة كی لا یستلزم عدم ذلك الإخلال فی النظام وتفویت مصالح المسلمین. كما أنّه فی زمان قیادة الإمام الراحل (رحمه الله) كان من بین الفقهاء الكبار، الذین كان بعضهم من أساتذته (رحمة الله علیه)، یقدّمون الأحكام الحكومتیّة للإمام الراحل على آرائهم الشخصیّة.
وفی معرض الإشارة إلى طریقة أهل الخبرة فی تعیینهم للشخص الأصلح قال سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: إنّ أهالی كلّ مدینة ومنطقة الذین یتمكّنون من الوصول إلى علماء مدینتهم ومنطقتهم ویطمئنّون بعدالتهم وعلمهم یعمدون ـ من خلال معرفتهم الكافیة بهم ـ إلى انتخابهم بعنوان انّهم من أهل الخبرة، كی ینتخبوا هم بدورهم من بین الفقهاء الشخص الأصلح للتصدّی لمنصب ولایة الفقیه؛ إذ من المسلّمات أنّه لیس باستطاعة جمیع أفراد المجتمع تشخیص الفقیه الأصلح.
وفی ختام هذه الجلسة انبرى سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ إلى الإجابة على أسئلة الحضور وشبهاتهم حول ولایة الفقیه.
 

آخرین محتوای سایت

تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...
کتاب صوتی «بدرود بهار» منتشر شد.
در واپسین روزهای ماه مبارک رمضان، کتاب صوتی «بدرود بهار» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله...