العلاّمة مصباح الیزدی: الانتفاع من بركات أهل البیت (علیهم السلام) هو رهن بالعمل

قال عضو مجلس خبراء القیادة: لا ینبغی للمرء أن یستهین حتّى بأقلّ حكم إلهیّ، كما أنّه لا یجوز أن یغترّ بأعظم العبادات، ولیعلم بأنّ أعظم آفة فی هذه الدنیا هی الغرور.

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی قمّ المقدّسة فی لقائه بجمع من طلبة الحوزات العلمیّة – أشار إلى أهمیّة المسائل المعنویّة والمیول الفطریّة للبشر وقال: بشكل عامّ فإنّ أصل التوجّه إلى المعنویّات والاهتمام بها – وهو ما یُعبَّر عنه بعملیّة السیر والسلوك أو العرفان والأخلاق – هو أمر فطریّ موهوب من الله عزّ وجلّ، غیر أنّ الحاجات الفطریّة هی التی تضمحلّ فی بعض الأحیان ولا تزدهر، بل وقد یندفع البعض أحیاناً - نتیجة الغفلة وضبابیّة الرؤیة - إلى إنكار هذه الحاجات الفطریّة.
وفی إشارة للعلاّمة محمّد تقی مصباح الیزدی إلى حقیقة أنّ إیقاظ المیول الفطریّة كان قد تمّ أصلاً على ید الأنبیاء (علیهم السلام) وقال: تشیر الشواهد التاریخیّة إلى وجود مثل هذا المیل الفطریّ لدى البشر على مرّ الزمان وقد اختار كلٌّ لنفسه طریقة لإشباع هذا المیل.
وبیّن سماحة مصباح الیزدی أنّ أكثر من خُمس البشر فی زماننا یعبدون الأوثان ثمّ أضاف: مع أنّ أصل عبادة الله هو أمر فطریّ وأنّ وجود البشر كان مصحوباً بإرسال الأنبیاء والرسل، لكنّ عبادة الله قد تبدّلت نتیجة الانحرافات إلى عبادة الأوثان.
وفی معرض إشارة عضو مجلس خبراء القیادة إلى أنّ المدارس الفكریّة المختلفة تشتمل على طرق عرفانیّة شتّى أكّد على أنّ الإسلام هو السبیل الأمثل للوصول إلى الكمال وقال: لكنّ الانحرافات قد حصلت منذ بدایة بعثة الرسول الأكرم (صلّى الله علیه وآله) ونزول الوحی وكذا بعد رحیله مباشرة.
وتابع سماحته مستشهداً بآیة من الذكر الحكیم: اُولئك الذین عملوا على بثّ الخلافات بین الأدیان لم یُقدِموا على هذا الفعل عن جهل أو قصور، بل بدافع الظلم والطمع والفساد، والقاعدة نفسها تنطبق على الإسلام أیضاً.
وذكر العلاّمة مصباح الیزدی أنواع المیول الموجودة فیما یتعلّق بالدین وأضاف قائلاً: یعتقد البعض بأنّ الدین ینظّم شؤون الحیاة وأنّ السعادة الدنیویّة منوطة بوجود الدین، بینما یعتقد آخرون بأنّ الدین هو أمر یتعلّق بما وراء العالم وكلّ تعالیمه مرتبطة بما وراء هذه الدنیا، وتُعدّ العَلمانیّة شكلاً من أشكال هذا التوجّه.
وفی إشارة لسماحته إلى التفاسیر المختلفة حول العرفان التی منها إفراطیّ ومنها تفریطیّ قال: الاختلاف فی تفاسیر العرفان وصلت إلى حدّ اعتقاد البعض بإمكانیّة بلوغ المرء مرحلة العرفان حتّى وإن كان بعیداً كلّ البعد عن الدین؛ إذ یعتقد هؤلاء بأنّ العرفان هو نمط من تمرین الروح كی تتمكّن من كسر بعض القیود، فی حین یؤمن البعض الآخر بأنّ العرفان بدعة لا یمتّ إلى الدین بأیّ صلة.
وقال اُستاذ الفلسفة فی الحوزات العلمیّة: كما ویجعل بعضُهم العرفان فی عرض الشریعة؛ أی یجعلونه قسماً من الدین كما هو حال الفقه.
وتابع سماحة مصباح الیزدی طارحاً السؤال التالی: ما هی العلاقة بین الشریعة والعرفان یا ترى؟ وأضاف قائلاً: هناك ادّعاء فی هذا السیاق یقول: لیس هناك أیّ حاجة إلى الشریعة والالتزام بالمسائل الفقهیّة من أجل بلوغ العرفان، فی حین یراه البعض الآخر أنّه رهن بمراعاة الأحكام الفقهیّة من أوّل لحظة.
وتابع سماحته قائلاً: من الممكن – عبر وضع هذه المباحث فی الحسبان - إنجاز بحث موسّع وتحقیق كامل بخصوص العرفان والتوصّل إلى الآراء الصحیحة حوله، لكن لابدّ من الالتفات فی هذا المضمار إلى أنّ العلم بالمسائل العرفانیّة لا یُعدّ عرفاناً بأیّ حال من الأحوال.
وفی معرض إشارة اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى الصلة بین العلم والعمل قال: یستطیع الإنسان أن یبلغ أرقى درجات العلم من دون أن یجعل من هذا العلم ملاكاً لعمله، وهذا هو عین «الخسران المبین» الذی یطرحه القرآن الكریم.
وعبر تبویب المباحث المطروحة والخروج منها بنتیجة قال العلاّمة مصباح الیزدی: أوّلاً: العرفان الإسلامیّ لا ینفكّ عن الشریعة، بل إنّ له مراتبَ من النقص والكمال؛ حیث تُنال مراتبه الهابطة بمجرّد مراعاة الضوابط الفقهیّة، ویتمّ بلوغ المراتب العلیا منه عبر العمل بالمستحبّات، فی حین ترتبط مراتبه الكاملة بقلب الإنسان وروحه. ثانیاً: على المرء فی هذا المجال أن یحذر من السقوط فی أشراك الشیطان؛ إذ لا یكون الإنسان عارفاً من خلال مطالعة كتب العرفان والعلم به، بل لابدّ من العمل والمثابرة.
وقال سماحة آیة الله مصباح الیزدی مؤكّداً: لابدّ من أجل الظفر بالعرفان من أن نعمل بكلّ ما نعلم؛ فنحن لن نستفید من علمنا إلاّ بهذه الطریقة، وإلاّ فإنّنا لن ننتفع من علمنا. لیس هذا فحسب، بل ومن الممكن أن نتحوّل إلى أداة بید الشیطان أیضاً.
واستطرد العلاّمة مصباح الیزدی فی حدیثه قائلاً: إن الإفادة ممّا وصلنا بفضل وجود النبی الأكرم (صلّى الله علیه وآله) وأهل بیته الأطهار (علیهم السلام) وعلماء الإسلام الأعلام هو رهن بالعمل به؛ فلا ینبغی للمرء أن یستهین حتّى بأقلّ حكم إلهیّ، كما وأنّه لا یجوز أن یغترّ بأعظم العبادات، ولیعلم بأنّ أعظم آفة فی هذه الدنیا هی الغرور.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى بتاریخ 28 شباط 2012م فی قاعة مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.

آخرین محتوای سایت

کتاب صوتی «آیین پرواز» منتشر شد.
کتاب صوتی «آیین پرواز» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله مصباح یزدی رضوان‌الله علیه بارگذاری...
راهکارهایی برای تهذیب و خودسازی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
اقسام خدمات ممکنِ پزشکان به جامعه بشریت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ...
ارزش واقعی لحظات زندگی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...