العلامة مصباح الیزدی: ینبغی التخطیط الصحیح للشؤون الدولیة فی الحوزة العلمیّة

فی إشارة لآیة الله مصباح الیزدی إلى ضرورة التخطیط السلیم والبرمجة الصحیحة فیما یتعلّق بواجبات الحوزة العلمیّة على المستوى العالمیّ قال سماحته: ممّا یؤسف له أنّ الأعمال فی هذا الجانب تُنجز بشكل عشوائیّ ومبعثر وقد یتصدّى للأمر الواحد الصغیر عدة أشخاص فی حین تُترك الأعمال الضخمة من دون متصدٍّ. لهذا یتعیّن تجنید الكوادر والطاقات بشكل منظم ومدروس مع الالتفات إلى الأولویّات ضمن برنامج دقیق.

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لمركز آثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی لقائه مع مدیر الشؤون الدولیّة للحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة ومرافقیه – أشار إلى أنّ الحوزة العلمیّة، ومن باب أنّها الجهة التی تعرّف الإسلام للعالم وتروّج القیم الإسلامیّة على المستوى العالمی، تتحمّل من المسؤولیّة ما یضاهی ما تتحمّله دولة إسلامیّة وقال: صحیح أنّ الإمكانیّات للوصول إلى الأهداف المنشودة كانت محدودة للغایة فی الماضی، لكننا إذا استثنینا بعض النشاطات المبعثرة لبعض الحوزویین الذین قاموا بها بدافع الإخلاص فانّ الحوزة العلمیّة لم تقم بأیّ عمل واضح على الصعید الدولیّ، كما أنّ الظروف قد سارت بشكل یحول دون اهتمام علماء الدین بالتخطیط والنظم.
وعبر بیان العلاّمة محمّد تقی مصباح الیزدی أنّ من جملة البركات التی تفضّل الباری عزّ وجلّ بها علینا عن طریق الإمام الخمینیّ الراحل (قدّس سرّه) والثورة الإسلامیّة هی التفكیر بتنظیم النشاطات الحوزویّة أضاف قائلاً: فمن جملة المؤسّسات التی كان ینبغی تشییدها هی معاونیّة الشؤون الدولیّة هذه. لكن على الرغم من أهمّیتها البالغة فقد تأخّر تشییدها أكثر من ثلاثین عاماً وإنّ عدم الاهتمام بتشیید هذه المؤسّسة یعكس ضعفاً فی أداء علماء الدین فی هذا الجانب.
وفی معرض إشارة سماحته إلى أنّ هذه المعاونیّة حدیثة التأسیس وتحتاج من أجل نضوجها وازدهارها إلى إجراء الدراسات والوقوف على الضروریّات وما للمجتمع الدولیّ من مطالبات قال: فالمسؤولیّة واسعة وعالمیّة من ناحیة، والنشاطات معقّدة جدّاً ومتنوّعة للغایة من ناحیة اُخرى. فحتّى لو اُزیلت جمیع العقبات وحُلّت كافّة المشكلات من حیث رصد المیزانیّة وتوفیر الإمكانیّات الاُخرى فإنّ أهمّ ما نحتاج إلیه، وهی الكوادر الكفوءة لتحمّل المسؤولیّات، شحیحة للغایة. وعلى الرغم من امتلاك الحوزة لبعض الشخصیّات من ذوی القابلیّات الجیّدة هنا وهناك لكنّه مضافاً إلى ضرورة تدریب هؤلاء لتنفیذ المناهج المزمع رسمها فإنّ عددهم قلیل جدّاً مقارنة بحجم المسؤولیّات. وبعبارة اُخرى فمع أنّ الحوزة لیست فقیرة فی مجال الكوادر لكنّ الأخیرة غیر كافیة من حیث الكمّ والكیف.
وفی إشارة لآیة الله مصباح الیزدی إلى ضرورة التخطیط السلیم والبرمجة الصحیحة فیما یتعلّق بواجبات الحوزة العلمیّة على المستوى العالمیّ قال سماحته: ممّا یؤسف له أنّ الأعمال فی هذا الجانب تُنجز بشكل عشوائیّ ومبعثر وقد یتصدّى للأمر الواحد الصغیر عدة أشخاص فی حین تُترك الأعمال الضخمة من دون متصدٍّ. لهذا یتعیّن تجنید الكوادر والطاقات بشكل منظم ومدروس مع الالتفات إلى الأولویّات ضمن برنامج دقیق.
وعن معاییر أولویّات العمل لمعاونیّة الحوزة للشؤون الدولیّة قال سماحة مصباح الیزدی: یتعیّن أوّلاً دراسة أشدّ ما یحتاجه العالم من الإسلام فی الوقت الراهن لیوضع قید التنفیذ؛ وذلك لأنّ عدم تنفیذه سیقود إلى تفویت الفرصة. وثانیاً لابدّ من جعل الاولویة للامور التی تمتلك الحوزة العلمیّة فی الجملة الكوادر البشریّة اللازمة لها.
وألمح سماحة مصباح الیزدی إلى ضرورة إدارة جمیع الأعمال والنشاطات بشكل صحیح وأردف قائلاً: هناك طریقتان لاُسلوب الإدارة السلیمة: الاُولى هی أن تتولّى مؤسّسة واحدة – حوزویّة أو حكومیّة - إدارة جمیع الجهات والمؤسّسات الاُخرى والإشراف علیها. والثانیة هی تشكیل لجنة للمتابعة والتنسیق بین المؤسّسات المختلفة التی وإن افتقدت الإدارة المشتركة وكانت مستقلّة فی قراراتها فإن بإمكان هذه اللجنة أن تنهض بدور المنسّق بین هذه المؤسّسات للحیلولة دون تكرار النشاطات والإفادة من إمكانات وخبرات بعضها البعض. وبما أنّ الطریقة الاُولى تبدو أكثر صعوبة، فانه یمكن تبنّی الطریقة الثانیة التی تمتاز بالبساطة وعدم الحاجة إلى میزانیّة ضخمة. ولاریب فی أنّ الإدارة السلیمة هی التی تستطیع أن تحقّق التخطیط السلیم والبرمجة الصحیحة.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدی متحدّثاً عن أسالیب التخطیط: یتعیّن وضع نوعین من البرامج على أقلّ تقدیر: البرامج القصیرة الأمد وهی التی تلبّی الحاجات الملحّة التی تمتاز بالأولویّة، أو كما یُعبَّر عنها «الطارئة»، حیث من الممكن رفع هذه الحاجة من خلال الكوادر المتوفّرة بعد إخضاعهم لدورات تعلیمیّة سریعة. وهناك البرامج الطویلة الأمد وهی التی یتعیّن من أجل تحقّقها أنّ نشمّر عن السواعد وأن نبدأ بإعداد كوادر بشریّة من أجلها.
وأكّد العلاّمة مصباح الیزدی على ضرورة تنشئة كوادر بشریّة فی مجالات مختلفة وقال: لابدّ أوّلاً من إعداد هذه الكوادر علمیّاً وإغنائها بالمعلومات الكافیة فی مجال تخصّصها. وثانیاً: على هذه الكوادر أن تتحلّى بمعرفة اجتماعیّة عمیقة ورؤیة سیاسیّة رصینة، والأهمّ من ذلك كلّه هو أن تُهذَّب هذه الكوادر أخلاقیّاً، وإلا فقد یُستغَلّ تقدّمها العلمیّ ونبوغها السیاسیّ لصالح الأعداء. لكن تربیة الأشخاص أخلاقیّاً أمر صعب جدّاً مع شدید الأسف، ولیس السبب فی ذلك هو افتقارنا لمنهج جامع ومتكامل للتهذیب الأخلاقیّ فحسب، وانما أیضا لعدم توفّر الظروف المناسبة لذلك فی المجتمع.
وشدّد سماحته على تهذیب الكوادر الناشطة فی هذا المجال لأنفسهم وبنائها وأضاف: إنّ شعوب العالم متعطّشة للحقائق والمعارف الإسلامیّة، فإن لم نعمل بما یملیه علینا تكلیفنا الشرعیّ فنحن مسؤولون أمام أهل البیت (علیهم السلام) والشهداء.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی یوم 2012/12/22 م فی صالون تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.