آیة الله مصباح الیزدیّ: الثورة الإسلامیّة منحت إیران العزّة

اعتبر آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ نهضة الإمام الخمینیّ (ره) كانت انعطافة فی تاریخ إیران وقال: لقد منحت الثورة الإسلامیّة لإیران العزّة.
وفی لقاء جمعه مع رئیس جامعة الشهید صدوقی للطبّ بیزد وجمعٍ من أساتذتها أشار سماحة الیزدیّ إلى تعدّد فروع العلم وقال: ینبغی للعلماء والنخبة فی المجتمع أن یلتفتوا إلى قوام إنسانیّة الإنسان وبأیّ طریقة علینا أن ننمّیها.
وأضاف سماحته: بما أنّ أنظمة الجامعات فی بلدنا مقتبسة من الغرب فهی تحصر متطلّبات الإنسان فی المادّیات وتجعل الهدف من الدراسة وتحصیل العلم مقتصراً على توفیر الدخل المادّی وكسب المعیشة.
وفی معرض إشارته إلى أنّ العلم والصناعة والتقنیة لا تشكّل إلاّ جانباً من شؤون الإنسانیّة قال سماحة الیزدیّ: إنّ التقدّم فی قسم من المجالات وتكریس الهمم فیها یؤدّی إلى تعطیل بقیّة الاُمور، وهذا أشبه ما یكون بالإنسان الذی ینمّی فقط بعض أعضاء بدنه مبقیاً على أعضائه الاُخرى ضامرة وضعیفة.
وأضاف عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: على العلماء التعرّف على أصل الإنسانیّة وأن لا یهبطوا بأنفسهم إلى مستوى الحیوانات، وأن لا یلتفتوا فقط إلى المتطلّبات المادّیة والدنیویّة.
ولدى بیان العلامة الیزدیّ أنّ التنمیة على صعید الصناعة والاقتصاد من دون التنمیة فی مضمار الثقافة والمعنویّات لن تكن تنمیة متوازنة قال: ینبغی أن یتمّ تشخیص كافّة العناصر الحقیقیّة الدخیلة فی عملیّة نمو الإنسان وتعالیه وتبیین السبل الكفیلة بتحقّق نموّ منسجم فی جمیع تلك العناصر.
وفی معرض الإشارة إلى عظمة نعمة الثورة الإسلامیّة اعتبر العلامة مصباح الیزدیّ أنّ نهضة الإمام الخمینیّ الراحل تشكّل انعطافة فی تاریخ إیران وقال: إنّ مَثلَنا كمثل السمك الذی یعیش داخل الماء ولا یدرك قیمة الماء الذی یعیش فیه.
وألمح إلى ثمار الثورة الإسلامیّة فی التقدّم العلمیّ ورفع مستوى عزّة إیران الإسلامیّة وأضاف: إذا ما قارنّا وضع إیران الیوم مع ما كان علیه فی السابق فسنلمس هذه العزّة جیّداً. فی الماضی كان السفیر الأمریكیّ ذو المنصب المتدنّی یأمر شاه إیران وینهاه؛ بینما الیوم یرى رئیس أمریكا أنّ مشكلته تكمن فی كیفیّة التعامل مع إیران النوویّة.
وفی معرض الحدیث عن أنّه كلّما كانت قیمة الشیء أكبر كانت الأخطار التی تتهدّده أشدّ تابع رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث قائلاً: إنّ بلدنا الیوم یتربّع على قمّة الرفعة والمنعة، وعلى قدر الجهود الجبّارة التی بُذلت من أجل الوصول إلى هذه القمّة ونیل هذا الفخر والمتاعب الجمّة التی عونیت فی هذا السبیل، فإنّ خطر السقوط من هذه القمّة یكون بنفس هذه النسبة.
وأضاف سماحته لدى استعراضه لبعض الذكریات: كان البعض یعتقد نظراً إلى السرعة التی یسیر بها الغرب على طریق العلم والتكنولوجیا فإنّ إیران لیس فقط أنّها لن تستطیع الوصول إلى مصافّ تلك الدول بل إنّ الفاصل بینها وبینهم سیزید باطّراد، ومن أجل ذلك فإنّه لا مفرّ من أن نكوّن علاقات مع أمریكا والغرب وذلك لأنّهم لا یعطون علمهم وتقنیاتهم بسهولة حتّى لأصدقائهم؛ فكیف بالبلاد التی تعادیهم. لكنّ التقدّم الذی شهدته إیران على كافّة الصعد، ولاسیّما على صعید التقنیة النوویّة، كان بدرجة لم یكن لیصدّقها أحد وهذا بفضل الثقة بالنفس لدى الشبیبة الإیرانیّین.
وحذّر سماحة الیزدیّ من أن یشغلنا الانهماك فی العمل والمسؤولیّات عن حیل الأعداء وحبائلهم وقال: الدول الامبریالیّة كما أنّها تقدّمت فی الصناعة فإنّها اندفعت أیضاً على صعید التسلّط والحیل الاستعماریّة.
كما وأشار سماحة آیة الله الیزدیّ إلى تأكید قائد الثورة المعظّم على ضرورة اكتساب البصیرة وأضاف: علینا تجنّب إصدار الأحكام السطحیّة ویجب الغوص فی أعماق الأحداث واكتشافها؛ لأنّ الأعداء ـ وفی سبیل حرماننا من الشخصیّة الدینیّة والوطنیّة ـ فإنّهم یرسمون مخطّطات عمیقة ودقیقة. لذا علینا أن نضاعف من مستوى بصیرتنا ووعینا كی لا ننخدع بحیلهم.
وعدّ العلامة مصباح الیزدیّ أنّ الرغبة فی الدین الإسلامیّ، والاهتمام بالقیم الإسلامیّة، والنموّ المعنویّ، والتقرّب إلى الله، والرأفة والصداقة كلّها من عناصر النموّ الإنسانیّ وقال: من دون هذه العناصر لا یستطیع الإنسان الوصول إلى مقام خلیفة الله.
وأضاف: ببركة هذه الثورة وبهمّة الإمام الخمینیّ (رحمه الله) وتضحیات الشهداء فقد تهیّأت الأرضیّة لنموّ الناس معنویّاً، وعلینا الحذر من أن یقودنا الاهتمام بالبعد المادّی والدنیویّ إلى انحطاط درجاتنا إلى مستوى الحیوانات.
وتابع سماحته قائلاً: لقد خلق الله تعالى للبشر نعماً معنویّة أیضاً، كما أنّ تعطّش الناس للمسائل المعنویّة كبیر، إلاّ أنّ عرضها علیهم وتقدیمها لهم قلیل لایتناسب مع الطلب المتزاید باستمرار.
وقد جرى هذا اللقاء فی یوم السبت الموافق 2010/01/23م فی مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.