آیة الله مصباح الیزدیّ: إنّ الفتنة الأخیرة التی شهدتها البلاد لها جذور ثقافیّة

فی إشارة لآیة الله مصباح الیزدیّ إلى الظلال التی تلقیها الثقافة على كافّة الأصعدة قال سماحته: إنّ أصول الفتنة الأخیرة التی شهدتها البلاد كانت ثقافیّة لكنّ آثارها طالت المیادین الاقتصادیّة والسیاسیّة والثقافیّة. ومن هنا یتحتّم علینا تركیز جلّ جهودنا فی إصلاح الجانب الثقافیّ. وحسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار آیة الله مصباح الیزدیّ فإنّ رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث قال فی جمع من طلبة جامعات البلاد المختلفة
فی إشارة لآیة الله مصباح الیزدیّ إلى الظلال التی تلقیها الثقافة على كافّة الأصعدة قال سماحته: إنّ أصول الفتنة الأخیرة التی شهدتها البلاد كانت ثقافیّة لكنّ آثارها طالت المیادین الاقتصادیّة والسیاسیّة والثقافیّة. ومن هنا یتحتّم علینا تركیز جلّ جهودنا فی إصلاح الجانب الثقافیّ.
وحسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار آیة الله مصباح الیزدیّ فإنّ رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث قال فی جمع من طلبة جامعات البلاد المختلفة: إنّ نعمة النظام الإسلامیّ التی مُنّ بها فی هذا العصر على الشعب الإیرانیّ لا تُقارن بالنعم التی وُهبت للمسلمین على مدى أربعة عشر قرناً من الزمن، ولا نظیر لها من حیث السعة والعمق والكیف والكمّ. وإنّه ما یزال من المبكّر جدّاً أن یقف كُتّاب التاریخ وعلماء الاجتماع على زوایاها المختلفة.
وتابع آیة الله مصباح الیزدیّ: لقد باتت الیوم الكثیر من الإمكانیّات ـ من قبیل القنوات الفضائیة، والانترنیت، والأقراص المُدمجة، وحتّى الهواتف الجوّالة ـ فی خدمة عملیّة نشر الفساد ونفذت إلى قلب الاُسر وهی تستهدف جیل الشباب على وجه الخصوص.
واستطرد العلامة مصباح الیزدیّ فی كلامه قائلاً: فی مقابل موجة الفساد هذه أوجَد الله عزّ وجلّ موجة معنویّات فی قلوب الشباب وقوّى المیل إلى الدین فی نفوسهم كی یقفوا ما استطاعوا بوجه موجة الفساد تلك؛ ومن ذلك المشاركة المستمرّة والفعّالة فی المراسم العبادیّة كالاعتكاف والمراسم السیاسیّة كمسیرات الشهرین الأخیرین إلى درجة أنّه حتّى المطّلعون على روحیّة الشعب الإیرانیّ لم یكونوا یتوقّعون من الشعب مشاركة بهذا الحجم.
ولدى الإشارة إلى أنّ تقویة عاملَی المعنویّات والفساد هو ما یصعّب الامتحان على الناس قال سماحته: الناس دوماً معرّضون للامتحانات الإلهیّة، لكنّ امتحانات العوامّ من الناس فی الماضی كانت غایة فی السهولة والبساطة وذلك لأنّ فهمهم ورشدهم الاجتماعیّ كان سطحیّاً، لكنّهم الیوم وبسبب تنامی الوعی والرشد لدیهم استحقّوا خوض امتحانات أصعب.
ولدى إشارة استاذ الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى روایة مضمونها أنّ الحفاظ على الدین فی آخر الزمان أشبه بالقبض على جمرة من نار أضاف سماحته: هذه الحدّیة لا تنطوی على ذمّ لآخر الزمان بل لعلّها تكون ثناءً علیه، وذلك لأنّ اُناس هذا العصر قد استحقّوا الخضوع لامتحانات أكثر صعوبة وشدّة.
وتابع سماحته مستشهداً بآیات من الذكر الحكیم: بعض الأشخاص كانوا یتمتّعون بتقدّم رفیع المستوى فی الجانب المعنویّ لكنّهم سقطوا فجأة. وفی زماننا أیضاً هناك أفراد كانوا فی أوائل الثورة یتمتّعون بسمعة خاصّة ولربّما قدّموا للثورة خدمات أیضاً وإذا بِنا الیوم، وبعد مضیّ ثلاثین عاماً، نلتفت إلى كونهم من المنافقین. فإمّا أنّهم كانوا منافقین منذ البدایة أو أنّهم عانوا تحوّلاً حرفهم عن مسیرهم. إذن علینا أن نراقب أنفسنا باستمرار كی نخرج من بوتقة الامتحان الإلهیّ مرفوعی الرأس.
ولدى بیان آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الخلاص من حبائل الشیطان بعد الوقوع فیها صعب للغایة انبرى سماحته لتبیین صنفین من كمائن الشیطان وقال: كما یستخدم الصیّاد الطُعم للإیقاع بصیده فی الفخّ فإنّ شیاطین الإنس أیضاً یخدعون الأشخاص عبر استخدامهم لطعوم زاهیة وخادعة.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة: النوع الأوّل من تلك الحبائل هو سرقة الأفكار وتخریب العقائد وهو ما یقترن بالخطاب المعسول وبیان الشبهات المفهومة والمقبولة.
ورأى آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ إساءة استغلال ألفاظ مثل الحرّیة، وحقوق الإنسان، والدیمقراطیّة هی من المصادیق البارزة لزُخرُف القول المبیّن فی القرآن الكریم وأضاف: هذه الألفاظ هی على جانب من الجذّابیّة بحیث إنّها تجتذب السامع إلیها، إلاّ أنّ الأشخاص الأكثر یقظة ووعیاً یلتفتون فوراً إلى أنّ القضیّة تنحو منحاً آخر وأنّ تلك الألفاظ هی وسیلة لمآرب اُخرى لیس غیر.
وتابع سماحته قائلاً: كیف یتسنّى الحدیث عن حرّیة الفكر والرأی فی بعض البلدان الغربیّة التی یُزجّ فیها العالِم أو استاذ الجامعة خلف القضبان لمجرّد التساؤل حول قضیّة تاریخیّة كمحرقة الیهود (الهولوكوست)؟! فإن كانت هناك حرّیة حقّاً، فلابدّ من إقناع هذا الشخص عبر المناظرات وتقدیم الوثائق والمستندات.
وفی معرض الإشارة إلى شعار الدیمقراطیّة فی الغرب قال آیة الله مصباح الیزدیّ: عندما یُنتخب الإسلامیّون وحماس فی الجزائر وفلسطین بأصوات الشعب فانّه لا یوافق الغربیّون على ذلك؛ إذن فأیّ دیمقراطیّة هذه تُرفض فیها أصوات الشعب عندما یصوّت لذوی التوجّهات الإسلامیّة؟!
ونوّه سماحته إلى حوادث البلاد التی تلت الانتخابات وقال: بعد مشاركة أربعین ملیوناً من الإیرانیّین فی انتخابات لا نظیر لها فی العالم، یأتی البعض ـ لأیّ سبب أو دافع كان ـ لیطرح قضیّة التلاعب بنتائج الانتخابات، ثمّ تهبّ أمریكا التی تعتبر نفسها مظهراً من مظاهر الدیمقراطیّة فی العالم لتدعم مثیری الفتنة وأعمال الشغب متغاضیة عن تلك المشاركة الشعبیّة.
واستطرد عضو مجلس خبراء القیادة القول: فی هذا النمط من الكمائن یوجّه الشیاطین للناس خطابات غایة فی الجذّابیّة لكنّها فارغة من حیث المحتوى هدفها الأساسیّ هو حرف الجامعیّین والطبقة المثقّفة من المجتمع، كطلاب الجامعات والاساتذة وطلبة العلوم الدینیّة، فكریّاً مستخدمین من أجل نشر مثل هذه الأفكار وسائل شتّى ابتداءً من الكتب وانتهاءً بوسائل الإعلام.
وأضاف سماحة مصباح الیزدیّ: قد تنهض فی بلدٍ ما ثورة فی الترجمة فتُترجَم على أثرها المئات من الكتب الأجنبیّة. وبقلیل من التمحیص یتبیّن أنّ جمیع الكتب المترجمة تصبّ فی واد واحد ألا وهو الترویج لفكر منحرف، لكنّ اللافت للانتباه هو أنّه على الرغم من وجود كتب اخرى تنتقد هذا التوجّه الفكریّ إلاّ أنّه لا یُبادَر إطلاقاً إلى ترجمة أیّ منها.
واعتبر سماحته أنّ النمط الثانی من الكمائن الشیطانیّة هو تغییر النزعات السلوكیّة عند الأشخاص قائلاً: قد تبعث الإثارة والتحفیز على اعتیاد المرء على امورٍ ما. فالأفلام الفاضحة والموسیقى المبتذلة هی من هذا الصنف حیث على الرغم من أنّها لا تؤدّی إلى تحوّل فكریّ لدى الإنسان إلاّ أنّها تخلق فی داخله إثارات وتحفیزات تؤدّی بالنتیجة إلى تغییرات فی سلوكیّاته.
وقال آیة الله مصباح الیزدیّ متابعاً: بعد التعرّف على حبائل الشیطان یتحتّم علینا بادئ ذی بدء العمل على إیقاف نشاطات الأعداء فی تلك الأصعدة والوقوف أمام نفوذهم، ثمّ المبادرة بعدها إلى الهجوم الثقافیّ علیهم؛ بمعنى تشخیص نقاط ضعفهم والتعریف بها.
وأضاف سماحته: فی سبیل المشاركة فی الجهاد الثقافیّ لا ینبغی الاقتصار علی انتظار اتّخاذ التدابیر من قبل المسؤولین بل على الجمیع أن یشعروا بالمسؤولیّة فی هذا المجال. ثمّ تابع القول: كما حصل فی الأعوام الثمانیة للدفاع المقدّس، فعلى الرغم من عدم امتلاك الجیش القدرة الكافیة فی بادئ الأمر لكنّ إحساس جمیع أفراد الشعب بالمسؤولیّة جعل المنتصر النهائیّ فی میدان النزال هو الشعب الإیرانیّ.
ولدى بیان رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث أنّ المقصود من الثقافة هو التفكّر الدینیّ والقیم الإسلامیّة أضاف: فی الأعوام الثمانیة للدفاع المقدّس كان القصف المتواصل لقذائف العدو وتشییع جنائز الشهداء هو العنصر الذی یثیر الجماهیر ویحرّكها وكان الجمیع یسیر صوب النصر من منطلق الإحساس بالمسؤولیّة، لكنّه فی خضمّ الغزو الثقافیّ فإنّه لیس هناك ما یثیر الناس من الامور المحسوسة كما أنّ العدوّ أیضاً یستغلّ هذا الموضوع أشدّ ما یكون الاستغلال.
وفی الختام وبالإشارة إلى تأثیر المسائل الثقافیّة على كافّة الأصعدة قال العلاّمة مصباح الیزدیّ: إنّ جذور الفتنة الأخیرة التی شهدتها البلاد كانت ثقافیّة لكنّ آثارها طالت المیادین الاقتصادیّة والسیاسیّة والأمنیّة، إذن علینا أن نركّز جلّ الجهود فی إصلاح الجانب الثقافیّ.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...