العلامة مصباح الیزدیّ: المدارس العرفانیّة الجدیدة كمائن شیطانیّة لاصطیاد قلوب شبابنا الطاهرة

قال آیة الله مصباح الیزدیّ: المسألة الملحّة التی تُطرح حتّى فی بعض المحافل العلمیّة هی ذلك الطراز الفكریّ الذی یجرّ شبابنا الطاهر والمؤمن إلى الانحراف تحت شعار العرفان، ذلك أنّ هذا الفكر، ومن خلال التلبّس بلباس الدین، یزعم أنّه یقدّم سبیلاً نحو الطمأنینة والقدرة الروحیّة أقصر وأسهل من التدیّن فیحول بین المرء وبین الدین وهدفِه السامی المتمثّل بالوصول إلى الكمال الإنسانیّ.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی ملتقى «تقصّی أضرار الفِرَق الحدیثة الظهور» إلى آیات من الذكر الحكیم وقال: إنّ الإنسان مجبول على المیل إلى الله تعالى وهو ما یُطلق علیه عادة المیل الفطریّ إلى معرفة الله أو طلب الحقّ وهذا هو الأساس فی حیاة الإنسان بحیث إذا ما تخلّى عنه فسیواجه مشاكل جمّة.
وعبر إشارة العلامة مصباح الیزدیّ إلى المشكلات الثقافیّة والاجتماعیّة الجمّة التی یواجها الغرب تطرّق إلى قضیّة حاجة الإنسان إلى الطمأنینة والسكینة وأضاف: بعدما تقطّعت السبل بالمجتمعات الغربیّة ووصلوا إلى طریق مسدود انتبهوا إلى أنّ منشأ كلّ هذه المشاكل هو ابتعادهم وانحرافهم عن الوجهة الأساسیّة للخلقة الأمر الذی دعاهم إلى التفكیر فی التوجّه إلى المعنویّات، فمال فریق منهم إلى اللجوء إلى الطبیعة والانزواء عن المجتمع، وانتهج فریق آخر الطرق المسمّاة اصطلاحاً ﺑ «الطرق العرفانیّة»، التی لها تاریخ عریق فی الشرق وتتمیّز برواج واسع بین البوذیّین والهنود، كی ینالوا بذلك بعض السكینة والهدوء عبر المراقبة والریاضة الروحیّة.
وأعرب عضو مجلس خبراء القیادة عن أسفه لتأثّر البلدان الإسلامیّة ومنها بلدنا بأمواج تلك المیول والنزعات وقال: بعض المدارس العرفانیّة، كعبادة الشیطان مثلاً، بطلانها جلیّ وواضح وقلّما یُبتلى بها شبابنا المؤمن والمتدیّن لكونها منافیة لتعالیم الشرع والدین، لكنّ المسألة الملحّة والجدّیة التی تُطرح حتّى فی الجامعات والمحافل العلمیّة المختلفة هی ذلك الطراز الفكریّ الذی یحرف حتّى شبابنا الطاهر المؤمن، ذلك أنّه یروّج أحیاناً لأفكار ومیول تتّخذ طابع القداسة ویطرحها باسلوب مقدّس وجذّاب یجتذب اولئك الشباب الذین لا یتمتّعون بالوعی الكافی مستغلاًّ بذلك طهارتهم وإخلاصهم.
وأضاف سماحته: هذا النمط من التفكیر لا یعتبر الدینَ السبیل الوحید لبلوغ الكمالات المعنویّة، ومن هنا فهو یطرح طرقاً أقصر وأسهل للوصول إلى الكمال تحت شعار العرفان.
وعبر تأكید العلامة مصباح الیزدیّ على ضرورة التفات المسؤولین إلى رواج هذا النمط من العرفان، عرّج على توضیح كلمة العرفان قائلاً: فی ذلك النمط من العرفان المرتبط بالدین تتولّد لدى الإنسان من خلال العبودیّة المحضة لله عزّ وجلّ قدرات خاصّة هی من عنایات الباری تعالى وعطایاه له، أمّا المدارس العرفانیّة التی ظهرت الیوم على مستوى العالم فلیس لها أیّ علاقة بالله أو بمعرفته؛ أی إنّ محورها الفكریّ لیس هو معرفة الله تعالى، بل هی حالة روحیّة سامیة تتولّد فی الإنسان نتیجة ما یتجشّمه من ریاضات روحیّة ینال من خلالها بعض القدرات الخارقة للعادة.
وفی معرض إشارة رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى القدرات التی یكسبها هؤلاء الأشخاص قال: بالضبط كما یرفع المرء من قدرته الجسمانیّة من خلال الریاضة البدنیّة، فهو یصل عبر الریاضة الروحیّة إلى حالة نفسانیّة أعلى لیس لها أدنى صلة بالدین أو بمعرفة الحقائق.
وأوضح سماحته أنّ هذا الطراز من العرفان لا یمكنه أن یحلّ محلّ الدین فی حیاة البشر وأضاف: یَطرح الدینُ منهاجاً متكاملاً للحیاة البشریّة بحیث یتمكّن البشر من خلال العمل بموجبه من الوصول إلى الهدف المرجوّ من الخلقة والكمال المنشود منها، لكنّ ما یُطرح الیوم تحت عنوان «العرفان» لا یتلازم مع بلوغ الكمال.
وعبر تأكید آیة الله مصباح الیزدیّ على أنّ كلّ عمل یُنجَز فی سبیل الله یكون ذا قیمة ونتیجة قال سماحته: إنّ أحد أسباب اللجوء إلى تلك المناهج العرفانیّة على الرغم ممّا تحویه من ریاضات صعبة هو أنّ الدین یقدّم منهاجاً كلیّاً ودائمیّاً لبلوغ الكمال یتعیّن على المرء فیه أن یراقب سلوكیّاته فی تمام لحظات حیاته، ولا یقترف الحرام، ویذعن دوماً لأوامر الله تعالى ونواهیه، أمّا الریاضة الروحیّة فی المدارس العرفانیّة الجدیدة فهی وإن كانت صعبة وشاقّة إلاّ أنّ مدّتها محدودة ومن هنا یندفع المرء إلى تحمّلها فی فترة معیّنة لیشعر بعدها أنّه حرّ طلیق إلى الأبد.
وتابع عضو مجلس خبراء القیادة القول: إنّ ما یخالف الإسلام والدین بشكل علنیّ یكون واضح البطلان بالنسبة للمتدیّنین من الناس، أمّا الخطورة فتكمن فی تلك الطرق التی تُطرح أحیاناً تحت شعار الدین وتتضمّن اُموراً مخالفة لأحكام الإسلام، حیث من الممكن أن تجتذب بعض الشباب المتدیّن ممّن لا یتمتّعون بوعی كامل بمسائل الدین فتجرّهم إلى الانحراف.
وقال اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة: هذه المدارس العرفانیّة تُعدّ كمائن للشیطان منصوبة لاصطیاد شبابنا المؤمن الطاهر، وقد تجتذب حتّى اُولئك المستعدّین لبذل أرواحهم فی سبیل الدین.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدیّ: من هذا المنطلق فإنّ واجبنا هو تبیین مبانی الدین واُسُسه على نحو متقن ومتین وتعریف الشباب بالمصادر المفیدة للمطالعة كآثار الاستاذ الشهید المطهّری (رحمة الله علیه).