العلامة مصباح الیزدیّ: إنّنا إذا وقفنا على منزلتنا بالنسبة لظروف العالم الراهنة فلن یسعنا إلا أن نخرّ أمام عظمة الله تعالى ساجدین ونعترف بعجزنا عن شكر هذه النعم الإلهیّة الجسیمة

قال عضو مجلس خبراء القیادة: إنّنی ـ وقد ناهزت الثمانین وأدركت طوال حیاتی الكثیر من العظماء والعلماء ـ اُعلن صراحة أنّ مجموع المحاسن والخصوصیّات التی اجتمعت فی شخص القائد (الخامنئیّ)، هذا الابن البارّ والطاهر للنبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله)، لم اُشاهدها مجتمعة فی غیره قطّ.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد أشاد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بكوكبة من قادة حرس الثورة الإسلامیّة ومسوؤلی وزارة الدفاع، أشاد بنشاطات وجهود القوّات المسلّحة لاسیّما حرس الثورة الإسلامیّة، وقال سماحته: إنّ قیمة ما ینجز المرء تكمن فی وعیه بما یقوم به وبالأهداف التی ینشدها من هذا الفعل.
وأوضح العلامة مصباح الیزدیّ أنّ قیمة عمل المرء تكون من العظمة أحیاناً بحیث لا یتیسّر بیانه بلغة الأرقام والأعداد، وأضاف: إنّ إدراكنا لمكانتنا الوجودیّة له بالغ الأثر فی الارتقاء بمستوى قیمة أعمالنا. ومن هنا یتعیّن علینا أن نفهم ما هو محلّنا من الإعراب، ومَن نحن، وما هی المكانة التی نحن فیها؟ ومن ثم نمعن النظر فی مقدار ما یمكننا الإفادة منه من أنجازاتنا وما نحن فیه من مكانة.
وقال سماحته: من أجل أن یدرك المرء المكانة التی هو فیها علیه أن یفهم منزلته من الوجود. إذ یعتقد البعض أنّ منزلة الإنسان إنّما تُقارَن بغیره من الكائنات الحیّة والحیوانات مع فارق بسیط فی اُسلوب المعیشة والحال أنّ الله عزّ وجلّ قد أعطى الإنسان مقام الخلافة الإلهیّة وهو مقام لا یستحقّه حتّى الملائكة.
وعدّ العلامة مصباح الیزدیّ أنّ الخطوة الثانیة على طریق فهم مكانتنا هی مقارنتها بالمنزلة التاریخیّة وقال: نحن اُمّة نبیّ آخر الزمان التی تعیش فی أفضل عصر عاشته البشریّة؛ وذلك بلحاظ ما وهبنا الله من نبیّ كریم (صلّى الله علیه وآله) وأئمّة معصومین (علیهم السلام)، وما حبانا به من كرامات وألطاف، وما وضع تحت تصرّفنا من علوم ومعارف، وآلاف النعم الاخرى التی اُسبغت على هذه الامّة ببركة الوجودات المقدّسة المتمثّلة بأربعة عشر معصوماً (صلوات الله علیهم أجمعین).
وتابع سماحته الحدیث عن معرفة المكانة قائلاً: إنّنا نعیش الآن فی برهة من تاریخ الإسلام یفوق الناس فیها من حیث البصیرة وعمق فهم المسائل مسلمی صدر الإسلام أضعافاً مضاعفة، إذ لربّما كان الناس فی صدر الإسلام یدخلون الإسلام نتیجة اعتناق شیخ قبیلتهم الإسلام ویتركونه بارتداده عنه، بمعنى أنّهم كانوا یتّصفون بالتقلید الأعمى وسطحیّة التفكیر، فی حین أنّه حتّى فتیاننا وفتیاتنا الیوم صاروا یتفاعلون مع قضایا عصرهم بحسّاسیّة قصوى ولا یتقبّلون تقلید غیرهم.
وأشار عضو مجلس خبراء القیادة فی معرض مقارنته بین نماذج من صدر الإسلام وعصرنا الحاضر إلى ذكرى استشهاد مسلم بن عقیل وقال: لقد انقاد أهل الكوفة فی بدایة الأمر لمسلم لكنّه ما لبث أن أمسى فی حالة من الغربة بحیث إنّه لم یجد من یؤویه للیلة واحدة، وهذا یدلّ على أنّ حركة الناس آنذاك لم تكن عن وعی وبصیرة.
واستطرد سماحته قائلاً: فی حین أنّه فی أحداث الفتنة التی شهدتها البلاد عام 2009 للمیلاد والتی خطّط لها أحنك السیاسیّین فی الداخل والخارج حتّى لم یكن یساورهم أدنى شكّ فی نجاحها وبلوغها الهدف المرجوّ منها ألا وهو سقوط النظام الإسلامیّ، فإنّ أفراد الشعب قد بادروا، تحدوهم البصیرة والوعی، إلى اجتثاث جذور الفتنة عبر العمل بتكلیفهم الشرعیّ متقدّمین بذلك حتّى على رجال السیاسة وارتقوا بالبلاد إلى المزید من الابّهة والاقتدار على الصعیدین الإقلیمیّ والدولیّ.
وأضاف اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة قائلاً: لقد تبلورت آثار بصیرة الجماهیر فی فتنة عام 2009 فی الاستقبال الجماهیریّ الحاشد المنقطع النظیر لأهالی محافظة قمّ لقائد الثورة المعظّم. فلو أنّنا فهمنا أبعاد هذه الزیارة بشكل جیّد لأدركنا أنّ هذه الحركة لا مثیل لها فی التاریخ.
واستمرّ رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی كلامه قائلاً: المسألة الاُخرى التی تحوز أهمّیة كبرى فی فهم مكانتنا من التاریخ والعالم هی التفاتنا إلى قضیّة أنّنا نعیش فی مجتمع یتسلّم مقالید قیادته نائب الإمام الحجّة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشریف).
وفی معرض الإشارة إلى شخصیّة قائد الثورة المعظّم (دام ظلّه) ذكر أنّ من جملة صفات سماحته هی سعة الصدر، والشجاعة، والصلابة، وحسن الإدارة، والرأفة، والنورانیّة، وأضاف: فی العالم الذی تتعالى فیه كلّ یوم صرخات الفضائح المالیّة والأخلاقیة لزعیم من زعمائه، مَنّ الله علینا بقائد لا یمكن العثور فی سیرته وحیاته حتّى على نقطة سوداء واحدة.
وقال سماحته: إنّنی إذ ناهزت الثمانین وقد أدركت طوال سنین عمری العدید من العظماء والأكابر اُعلن حقیقةً أنّ مجموع المحاسن والخصائص التی اجتمعت فی شخص القائد (الخامنئیّ)، هذا الابن البارّ والطاهر للنبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله)، لم اُشاهدها مجتمعة فی غیره قطّ.
وتابع القول: إنّ الوقوف على تلك النقاط الأربع فی معرفة مكانتنا تحدّد لنا قیمة عملنا فی هذا النظام الإسلامیّ حتّى لا یسعنا تجاهها إلاّ أن نخرّ أمام عظمة الله تعالى ساجدین ونعترف بعجزنا عن شكر هذه النعم الإلهیّة العظیمة.
وأضاف سماحته: عندما یلقی المرء نظرة على هذه النعم العظیمة سوف لن یتجاهل النقائص، ذلك أنّ تلك النقائص لا تساوی شیئاً أمام هذه النعم الإلهیّة الجسیمة.
وقال سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: إنّ الاعتراف بالعجز عن الشكر هو أفضل أنماط الشكر، فعندما یعترف المرء بعجزه یدرك عظمة النعمة، وإذا أدرك عظمة هذه النعم فسیطیل التفكیر فیها ویبادر إلى مقارنتها بأمثالها ونظائرها.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی صالون تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.