العلامة مصباح الیزدیّ: الخطوة الاولى فی تبلیغ الدین هی فهم الإسلام الأصیل بلا زیادة ولا نقصان، والخطوة الثانیة هی تجلّی هذا الإسلام الأصیل فی سلوكنا

قال عضو مجلس خبراء القیادة مشیراً إلى الواجب السیاسیّ ـ الاجتماعیّ لطلبة العلوم الدینیّة: لقد منّ الله عزّ وجلّ علینا بهذه النعمة العظیمة المتمثّلة بالحكومة الشیعیّة وتلطّف علینا بقادة یمكننا الادّعاء من دون مبالغة أنّه یصعب العثور فی التاریخ على من یشبههم فی الرؤیة الدینیّة، والتقوى، والإخلاص، والبصیرة، والفراسة، وحسن التدبیر، وبُعد النظر.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد التقى رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بجمع من طلبة العلوم الدینیّة الباكستانیّین، وقال مباركاً بحلول عیدی الأضحى والغدیر ومیلاد الإمام علیّ الهادی (علیه السلام): لقد أدّت وحدة العقائد ونور الولایة إلى خلق علاقة عاطفیّة بین الشعبین الإیرانیّ والباكستانیّ وشعوب بعض الدول الإسلامیّة الاخرى وهذه لعمری من النعم الإلهیّة العظمى.
وشبّه سماحته محبّة أهل البیت (علیهم السلام) بفرع من فروع شجرة طوبى النابتة فی قلوب الشیعة وقال: كلّما كبُرت النعمة كبُر شكرها وإنّ شكر هذه النعمة یتمثّل فی العمل بتعالیم أهل البیت (علیهم السلام).
وأشار العلامة مصباح الیزدیّ الى: أنّ مقام أهل البیت (علیهم السلام) هو على جانب من العظمة والرفعة حتّى أنّ شعاعاً من بركاتهم من شأنه أن یغمرنا جمیعاً، وإنّ شكر هذه النعمة یتطلّب منّا العمل بتعالیم أهل البیت (علیهم السلام) من خلال معرفتهم حقّ المعرفة.
وفی معرض إشارة اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة إلى أنّ إرادة الله تعالى قد اقتضت أن یكون تسامی البشر ورقّیهم عندما ینضمّ بعضهم الى البعض من أجل بلوغهم الكمال، أضاف سماحته: كما أنّنا قد تلقّینا المعرفة الدینیّة من آبائنا وامّهاتنا والمؤمنین والعلماء باعتبارهم واسطة الهدایة بیننا وبین الأنبیاء والأئمّة (علیهم السلام) فإنّه یتعیّن علینا نحن أیضاً أن نحذوا حذو الماضین فی إیصال هذا الدین على نحو صحیح وكامل إلى الآخرین والأجیال القادمة، ذلك أنّ الكثیرین لازالوا یشعرون بالظمأ لمعارف أهل البیت (علیهم السلام) وإنْ نحن قصّرنا فی هذا المجال فإنّنا مسؤولون أمام الله تعالى.
وتابع سماحته قائلاً: من أجل إشاعة هذه الثقافة العمیقة الأبعاد لابدّ من الالتفات إلى جوانبها المختلفة التی من جملتها الجانب العلمیّ، بمعنى أنّه یتعیّن بادئ ذی بدء فهم دین أهل البیت (علیهم السلام) وعلومهم بشكل كامل، وإلا فإنّ الدین لن یقدَّم بشكل صحیح ودقیق وهذا لن یكون عدیم الفائدة فحسب، بل من الممكن أن یكون مصحوباً بأضرار أیضاً.
واستطرد سماحته قائلا: ومن ناحیة اُخرى یتعیّن علینا أیضاً تعلّم فنّ التعلیم وأن نروّج لهذه المعارف من خلال الإلمام بثقافات المتلقّین.
وعدّ العلامة مصباح الیزدیّ أنّ الصبغة العملیّة لمحبّة أهل البیت (علیهم السلام) هی أهمّ جوانب الموضوع وقال: فی العالم الذی لازال الكثیر من المسلمین فیه غیر مدركین لعظمة أهل البیت (علیهم السلام) فإنّه لابدّ، بالإضافة إلى معرفة أهل البیت (علیهم السلام)، من العمل بمعارفهم وعلومهم وتطبیقها على الصعید العملیّ.
واستطرد عضو مجلس خبراء القیادة فی حدیثه ملفتاً إلى التسهیلات المتوفّرة فی العصر الحاضر فی مجال الدراسة والبحث والوصول إلى المصادر العلمیّة مقارناً ذلك بالجهود المضنیة التی كان یبذلها الماضون فی هذا السبیل وقال: لقد هیّأ الله سبحانه وتعالى ببركة انتصار الثورة الإسلامیّة وتأسیس الدولة الإسلامیّة الأرضیّة للشعب الإیرانیّ وباقی الشیعة بل ولسائر شعوب العالم من أجل فهم أصحّ لحقیقة الإسلام.
واعتبر سماحته أنّ خطابات الإمام الخمینیّ الراحل (رحمه الله) كانت المُظهِر والمبیِّن للإسلام الأصیل وقال مشیراً إلى بعض الذكریات: إنّ الخطوة الاولى على طریق التعریف بالإسلام والتشیّع هو الفهم الصحیح لهما، ولنا على هذا الطریق فی كلمات الإمام الراحل (رحمة الله علیه) اُسوة حسنة حیث قد اعتنق الإسلام بفضل خطاباته الكثیرون، بل حتّى إنّ بعض الوهابیّین قد عدلوا بفضله إلى التبلیغ للتشیع بعد أن كانوا ناشطین ضدّه.
وتابع رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث مشیراً إلى بعض الخرافات والزخارف المنسوبة للإسلام: إنّ الخطوة الاولى على هذا الدرب هی فهم الإسلام الصحیح من دون زیادة ولا نقصان؛ إذ قد تُنسب أحیاناً إلى الإسلام خرافات حتّى من قبل بعض أصدقاء أهل البیت (علیهم السلام) الأمر الذی یؤدّی إلى تغییب أصل الإسلام وإبعاد الآخرین عنه. وتابع القول: إنّ بعض الأقوال والأفعال المتطرّفة لا تحول دون نشر التشیّع فحسب، بل هی تتسبّب فی إقصاء الآخرین عنه أیضاً.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدیّ القول: ومن ناحیة اُخرى فإنّ البعض یُخفون جانباً من الدین كی یخطوا بقبول العالم لهم؛ وهذا أیضاً غیر صحیح بل وینطوی على خیانة؛ فإذا كنّا ممّن یؤمن بالإسلام وبصحّته فما علینا إلاّ أن ننشره من دون زیادة ولا نقصان، وإنّ أمراً كهذا لن یكون قابلاً للتطبیق من دون فهم صحیح للإسلام الأصیل.
واستمرّ عضو مجلس خبراء القیادة فی حدیثه مضیفاً: لابدّ للإسلام الأصیل أن یتجلّى فی العمل أیضاً، بمعنى أن یكون سلوكنا سبباً فی تعریف الناس بالإسلام والتشیّع وترغیبهم بهما؛ وهذا هو السبب من وراء بقاء محبوبیّة بعض العلماء فی قلوب المؤمنین حتّى بعد مضیّ العشرات بل المئات من السنین على وفاتهم، أمّا إذا شعر الناس أنّ شخصاً ما قد جعل من الدین وسیلة لتأمین معیشته، وسبیلاً لتنمیة ثروته، وطریقاً إلى تعمیر دنیاه فإنّهم سرعان ما ینأون بأنفسهم عنه.
وأشار سماحة الیزدیّ إلى التكلیف السیاسیّ ـ الاجتماعیّ لطلبة العلوم الدینیّة وقال: لقد منّ الله عزّ وجلّ علینا بهذه النعمة العظیمة المتمثّلة بالحكومة الشیعیّة وتلطّف علینا بقادة یمكننا الادّعاء من دون مبالغة أنّه یصعب العثور فی التاریخ على من یشبههم فی الرؤیة الدینیّة، والتقوى، والإخلاص، والبصیرة، والفراسة، وحسن التدبیر، وبعد النظر.
وعبر استعراض العلامة مصباح الیزدیّ لبعض النماذج قال سماحته: لقد أثاب الباری عزّ وجلّ هؤلاء حتّى فی هذه الدنیا عبر ما حباهم به من محبوبیّة بین شعوب العالم، فلقد أودع الله محبّتهم فی قلوب الناس والمؤمنین.
وأضاف سماحته: واجبنا فی مقابل هذه النعم العظیمة هو حراستها وترسیخ هذه المحبّة والعلاقة العاطفیّة بین القائد وجماهیر الشیعة؛ ذلك أنّ قائد الثورة المعظّم هو المحافظ على وحدة التشیّع وعزّته، وإنّ العمل على تقویة هذه العلاقة هو فی الحقیقة عمل على تدعیم عزّة المسلمین.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد تمّ یوم 2010/11/21 م بمناسبة لبس العمامة لمجموعة من طلبة العلوم الدینیّة الباكستانیّین على ید سماحة العلامة مصباح الیزدیّ.