آیة الله مصباح الیزدیّ: لابدّ من الإعداد لمنهج دقیق مبنیّ على اُسس متینة بما یتناسب مع متطلّبات البشر العصریّة من أجل اجتذاب الملایین بل الملیارات من المخاطبین

الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث: انّ الاهتمام بمتطلّبات العصر هو من ضروریّات المناهج الثقافیّة.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی لقائه بمسؤولی المجمع العالمیّ لأهل البیت (علیهم السلام) مشیراً إلى النشاطات المناهضة للتشیّع فی جمیع أنحاء العالم: لم یتعرّض أیّ مذهب فی العالم لما یتعرّض له مذهب التشیّع من حملات ثقافیّة، فلقد استنفر أعداء التشیّع اللدودون كلّ ما لدیهم من إمكانات وطاقات من أجل إبادة هذا المذهب.
وأضاف: كلّما اقترب المرء من الحقّ أكثر اشتدّت علیه الهجمات وتزاید اصطفاف جنود الشیطان فی مقابله وهذا الأمر بحدّ ذاته یعدّ دلیلاً دامغاً على إثبات حقّانیّة التشیّع.
وعبر بیان عضو مجلس خبراء القیادة فانّه مالم تحدَّد دوافع العداء وعوامله فمن غیر الممكن تحدید سبل مواجهته ولن تكون للدفاع من نتیجة تذكر، وقال: لابدّ من تقصّی العیوب وراء ضعف فعّالیة الشیعة بالمقارنة مع اتّساع نطاق نشاطات أعدائهم، والسعی للكشف عن الأسباب الكامنة وراء هذا الأداء الضعیف ودراسته بدقّة.
وتطرّق اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة إلى تقسیم النشاطات اللازمة فی هذا المیدان وقال: یتعیّن أن تتّخذ النشاطات العلمیّة فی هذا المجال محورین هما التعریف بالتشیّع ورفع الشبهات المطروحة ضدّه. بالطبع لقد اُنجز الكثیر على صعید رفع الشبهات منذ ظهور التشیّع إلى الآن لكنّ هذا غیر كاف.
وطرح عضو مجلس خبراء القیادة تقسیماً للأولویّات فی هذا المضمار إلى النشاطات السیاسیّة، والأبحاث العلمیّة، والإدارة الثقافیّة، وقال: لابدّ للنشاطات السیاسیّة من أن تسیر عبر المحور الدبلماسیّ، وقد نلاحظ هناك ضرورة إلى تغییر بعض القوانین أیضاً وهذا الأمر بالطبع هو فی معظمه من وظائف الحكومة ولا یتعدّى دور رجال الدین فیه حدّ الإرشاد والدعم؛ أمّا الأبحاث العلمیّة فهی ترتبط مباشرة بسلك علماء الدین؛ كما ویمكن للسلك الأخیر المشاركة على صعید الإدارة الثقافیّة أیضاً.
وأكّد آیة الله مصباح الیزدیّ: أنّ التنمیة على صعید الأبحاث ورفع الشبهات بالنسبة لموضوع معرفة الشیعة هی من الوظائف الأساسیّة للحوزة العلمیّة وبموازاة ذلك تسیر عملیّة توزیع الكتب، والمجلات والأقراص المدمجة وسائر ألوان البرمجة المتخصّصة فی حقل التشیّع فی داخل البلاد وخارجها وحتّى ترجمة بعض آثار التشیّع المطبوعة إلى لغات مختلفة حیث لابدّ فی هذا المجال من وضع خطط متقنة لتوزیع الإصدارات الشیعیّة فی البلدان الإسلامیّة وحتّى غیر الإسلامیّة، وهذا الموضوع یمیل أكثر إلى الطابع الإداریّ.
وفی إشارة لاستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة إلى حاجة العالم إلى أعمال جدیدة متناسبة مع متطلّبات ومقتضیات العصر قال سماحته: إنّ نشر أثر علمیّ بعدد من النسخ یبلغ الملایین على مستوى عالمیّ یحتاج إلى رصید علمیّ ضخم ورأسمال كبیر الأمر الذی لا یمكن توفیره بیسر وسهولة ویحتاج إلى زخم هائل من التخطیط والاستقامة للوصول إلى النتیجة المرجوّة.
* الأعمال الثقافیّة المكرّرة هی من عوامل إتلاف المصادر المالیّة والإمكانات والطاقات البشریّة
وأشار آیة الله مصباح الیزدیّ إلى بعض المؤسّسات الفعّالة فی مجال نشر الفكر الشیعیّ وأضاف: توجد فی داخل البلاد لحسن الحظّ مؤسّسات وجهات مثل المجمع العالمیّ لأهل البیت (علیهم السلام) تتّخذ جمیع مهامّها أو القسم الأعظم منها طابع نشر الفكر الشیعیّ فی داخل البلاد وخارجها. لكن یتعیّن على المؤسّسات العاملة فی هذا المجال تقسیم العمل فیما بینها لتجنّب التكرار، لكنّنا لسوء الحظّ نلاحظ كثرة الأعمال المكرّرة والمتوازیة على هذا الصعید ممّا یكون السبب فی إتلاف المصادر المالیّة، والإمكانیّات والطاقات البشریّة الامر الذی یؤدّی فی نهایة المطاف إلى عدم وصول هذه الأعمال إلى النتیجة المرجوّة أو أن یتسبّب فی أضرار وخسائر أیضاً.
وفی معرض إشارته إلى أنّ الأعمال المنجزة فی هذا المجال هی إمّا حكومیّة أو شعبیّة أضاف سماحته: النشاطات الحكومیّة تتّبع سیاسات المؤسّسات والمنظّمات التابعة للدولة، أمّا بالنسبة لنشاطات منظّمات المجتمع المدنیّ فإنّها لن تلقى الدعم والحمایة ما لم یلمس الناس نتائج أعمالها على أرض الواقع أو تحظى بدعم من قبل العلماء والمراجع.
وبیّن عضو مجلس خبراء القیادة ضرورة الإعداد لمنهج دقیق مبنیّ على اُسس متینة بما یتناسب مع متطلّبات البشر العصریّة من أجل اجتذاب الملایین بل الملیارات من المخاطبین، وأضاف: یتعیّن أن یجتاز دُعاة ومبلّغو الدین الموفَدون إلى المناطق المختلفة دورات تدریبیّة ترفع من مستوى قدرتهم على الردّ على الشبهات والمسائل الخاصّة بالمناطق الموفَدین إلیها وإلاّ فلا یكفی مجرّد كون المرء استاذاً بارزاً أو باحثاً ماهراً.
وتابع سماحته قائلا: مضافاً إلى الاُسس العلمیّة المتینة للدُّعاة وولعهم ورغبتهم فی تبلیغ الدین ودعم الخیّرین والناس، فإنّنا بحاجة إلى برنامج منسجم ودقیق من أجل إعداد الدعاة، وإیفادهم ودعمهم بغیة الدعوة إلى التشیّع والعمل على رفع الشبهات.
وألمح آیة الله مصباح الیزدیّ إلى مدى اتّساع رقعة الهجمة الثقافیّة والإعلامیّة التی یتعرّض لها مذهب أهل البیت (علیهم السلام) قائلا: لابدّ من منهجَة عمل الطاقات الثقافیّة العاملة فی مجالات مختلفة انطلاقاً من المتطلّبات المطروحة، ولیكن فی علمنا أنّ الأخطار الثقافیّة والفكریّة لا تخصّ فئة معیّنة دون اُخرى فالأعداء یسلكون مختلف السبل وینتهجون شتّى الطرق من أجل سلب الناس دینهم.
* التوسل بصاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشریف) مفتاح حلّ جمیع العقد
وعبر بیان سماحة مصباح الیزدیّ أنّ السبیل لحلّ جمیع المشاكل هو الإدارة الصحیحة قال: یتحتّم انتخاب أشخاص بموافقة مراجع الدین لإدارة مثل هذه النشاطات كی ینهضوا للعمل فی إطار هیئة متكاملة، وإلى جانب الإدارة الصحیحة لابدّ من تعیین نخبة من ذوی الأهلیّة والعلم من أجل الإشراف على عمل هؤلاء المدراء وتقدیم المساعدة لهم.
وأكّد استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة فی ختام حدیثه قائلا: إنّ روح الأعمال كافّة هی التوسّل بإمام العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشریف)، فلو أنّنا امتلكنا الأهلیّة اللازمة لبادر (علیه السلام) إلى إیصال جمیع ما نقوم به إلى المقصد المنشود، لكنّ المشكلة تكمن فیما نعانیه نحن من تقصیرات.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی صالة تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.