العلامة مصباح الیزدیّ: حذار من أن یتسلّل أشخاص إلى المناصب الحكومیّة لیُكتشف فیما بعد أنّهم كانوا منصاعین للأجنبیّ

آیة الله مصباح الیزدیّ: حذار من أن یتسلّل أشخاص إلى المناصب الحكومیّة لیُكتشف فیما بعد أنّهم كانوا منصاعین للأجنبیّ. فی الأمس وعلى عهد الإمام الراحل (رحمة الله علیه) إذا كان شخص قد شغل منصباً حكومیّاً ثمّ انكشفت خیانته فیما بعد، فمن الممكن أن یتسلّل الیوم أیضاً أشخاص إلى مناصب الدولة الإسلامیّة ویحظون باهتمام الآخرین ومن ثمّ یخونون الثورة خیانة أفظع من خیانة الأمس.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بجمع من العاملین فی قوّات حرس الثورة الإسلامیّة والقوّات المسلّحة إلى وجود آفات مشتركة فی المجتمع، وقال: جمیع أفراد الشعب معرضّون لهذه الآفات ولابدّ للوقایة منها من توخّی الحذر والمراقبة الشدیدة. فإذا ما انتابتنا الغفلة أو التغافل والضعف والتقاعس فستزلّ أقدامنا ونتعثّر كلٌّ بحسب خصوصیّاته الشخصیّة وموقعه فی المجتمع.
وعدّ سماحته أنّ جذور جمیع الآفات هی الغفلة وعلاجها الأساسیّ هو التحلّی بالوعی والبصیرة وأضاف: على الرغم من أنّ دائرة البصیرة واسعة للغایة إلاّ أنّ ما یحظى الیوم وفی ظلّ الأوضاع الراهنة بأهمّیة أكبر هو الالتفات إلى ما یتمتّع به المجتمع فی عصرنا الحاضر من مكانة اجتماعیّة، وعلى أقلّ تقدیر فإنّ قسماً ممّا أكّد علیه سماحة قائد الثورة المعظّم بخصوص التحلّی بالبصیرة یرتبط بهذه المسألة.
وأشار العلامة مصباح الیزدیّ إلى أنّ الوعی والفطنة قد یكونان موجودین قبل الدخول بنشاط أو فعالیّة معیّنة غیر أنّهما یتلاشیان شیئاً فشیئاً مع مرور الوقت وقال: على سبیل المثال قد یبذل شخص جهوداً جبّارة ومخلصة فی سبیل انتصار الثورة إلى درجة تعریض نفسه للسجن والتعذیب، لكنّه یكون مستعدّاً بعد انتصار الثورة لأن یفعل أیّ شیء فی سبیل الكرسیّ والمنصب والحفاظ على المكانة والجاه؛ كإهانة الآخرین وحتّى الارتشاء وما إلى ذلك وكأنّه یعیش فی حكومة طاغوت.
وألمح رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى أنّه یتعیّن علینا استلهام العبر من الأحداث التی حصلت طیلة اثنتین وثلاثین عاماً من عهد ما بعد الثورة وقال: لقد شارك فی فتنة العام الماضی أشخاص لازال من الصعب التصدیق بمشاركة أمثالهم.
وحذّر سماحة الیزدیّ من أنّ هذه الامور لا تختصّ بالماضی بل من الممكن أن تحصل الآن وفی المستقبل أیضاً وقال: لابدّ من القول على نحو الإجمال إنّه إذا كان فی الأمس وعلى عهد الإمام الراحل (رحمة الله علیه) شخص قد شغل منصباً حكومیّاً ثمّ انكشفت خیانته فیما بعد، فمن الممكن أن یتسلّل الیوم أیضاً أشخاص إلى مناصب الدولة الإسلامیّة ویحظون باهتمام الآخرین ومن ثمّ یخونون الثورة خیانة أفظع من خیانة الأمس.
وخلال تأكید آیة الله الیزدیّ على أنّ معیار الثورة هو نفس الإسلام، وسیرة المعصومین (علیهم السلام)، وسیرة الإمام الراحل (رحمه الله) وخلیفته من بعده، أضاف سماحته: حذار من أن یتسلّل أشخاص إلى المناصب الحكومیّة لیُكتشف فیما بعد أنّهم كانوا من المنصاعین للأجنبیّ. فما زال الغموض یلفّ مجریات استشهاد الشهید رجائیّ بعد انقضاء ثلاثین عاماً على الحادث، بل إنّ أفراداً من قبیل المرحوم اللاجوردیّ ـ الذی كان من أصحاب الإمام الراحل (قدّس سرّه) المقرّبین ومن ذوی التقوى والورع فی القول والفعل ـ كانوا یعتقدون أنّ هذا العمل كان من فعل أحد أعضاء حكومة ذلك العهد وهو لا یزال حتّى الساعة حیّاً یرزق.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة على أنّ یوم التاسع من دَی [30 كانون الثانی 2009] كان یوماً من أیّام الله ولابدّ من إحیائه وأضاف: مع أنّ شعبنا كان على الدوام واعیاً وإنّ یوم التاسع من دی لشاهد على ذلك، لكنّه ما أحد معصوم، وإن الواجب الملقى على كلّ فرد منّا هو التحلّی بالبصیرة والوعی اللازمین ومراقبة سلوكیّاتنا بدقّة.
وأکّدسماحة الیزدیّ على أنّه لا مجال للمسامحة فی السنّن الإلهیّة قال: لابدّ من استلهام دروس الماضی والاعتقاد بعدم اختصاصها بذلك الزمان كی لا نُبتلى نحن بنفس الابتلاء.
وأشار سماحته على سبیل المثال إلى قضیّة أكل الربا فی الغرب وأضاف: إنّ العلّة من وراء سقوط بعض الدول الاوربّیة والأزمة المالیّة التی یتخبّط فیها الغرب هی أكل الربا، ومن هنا یتعیّن الحذر الشدید من سریان هذه الظاهرة إلینا عبر المغالطات الشرعیّة وبحجّة كون المصرف أو المؤسّسة المالیّة ضمن إطار مجتمع إسلامیّ.
وفی معرض إشارة استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة إلى النعمة العظیمة المتمثّلة بالثورة الإسلامیّة رأى سماحته أنّ شكر هذه النعمة إنّما یتحقّق من خلال معرفة الدین، وتشخیص التكلیف، والقیام بالواجب على أتمّ وجه وقال: إنّ العزّة التی تتمتّع بها إیران الإسلام الیوم هی رهن بهذه الثورة الإسلامیّة.
وأكد آیة الله الیزدی على ضرورة طاعة الإمام الخامنئی (حفظه الله تعالى) باعتباره نائبا للإمام الحجة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشریف) وأضاف: اقسم بالله العظیم أنه ما من نعمة هی أعظم من نعمة وجود آیة الله الخامنئی.
وتابع العلامة الیزدیّ: إنّ سماحة آیة الله الخامنئیّ قمّة فی كلّ شیء؛ كالشمولیّة، والبصیرة، والشجاعة، وحسن التدبیر، والصدق، والشهامة، والنبل، والتجاوز، ...الخ، ولو أنّنا لم نشاهد ذلك باُمّ أعیننا ما كنّا لنصدّق إمكانیّة وجود شخص من غیر المعصومین (علیه السلام) یحمل مثل هذه الصفات.
وأشار عضو مجلس خبراء القیادة الى زعماء العالم وقال: على الرغم من ثبوت أفضلیّته على أقرانه، لكنّ هذه الأفضلیّة هی على جانب من العظمة بحیث لا یسعنا تحدید مقدارها.
واستعرض رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث ما اتّخذه قائد الثورة المعظّم من تدابیر بشأن قضیّة لبنان وفلسطین وملابسات الحكومات الإیرانیّة السابقة والفتنة الأخیرة فی البلاد وقال: لولا تدابیر سماحته (دام ظلّه) فی هذه القضایا لما أمكننا التنبّؤ بمدى حجم وهول الضربة التی كان الإسلام والثورة سیتلقّیانها الیوم.
یُذكر أنّ هذا اللقاء كان قد تمّ فی صالون مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.