آیة الله مصباح الیزدی: من ثمار التذكیر بالنعم الاجتماعیة تحفیز التغییر والنمو فی المجتمع

الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی: قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث: إنّ من ثمار التذكیر بالنعم الاجتماعیّة تحفیز التغییر والنموّ فی المجتمع ورفع مستوى الدافع لدى أفراده من أجل معرفة مكانتهم بالنسبة إلیه.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی ففی لقاء للعلامة مصباح الیزدی ظهر یوم الخمیس الموافق للسابع والعشرین من كانون الثانی من عام 2011م مع طلاب العلوم الدینیّة لمدرسة الكرمانیّین بقمّ المقدّسة وأساتذة وطلبة المعاهد الفنّیة والمهنیّة فی محافظة یزد استشهد سماحته فی البدء بآیات من الذكر الحكیم یذكّر فیها الباری عزّ وجلّ بقلّة المسلمین وضعف قوّتهم وبقوّة المشركین لكنّه یشیر فی آخر الآیة إلى ظفر هذه الفئة القلیلة بواسطة النصر الإلهیّ.
وعبر بیان سماحة مصباح الیزدی أنّ البعض یثیر شبهة مفادها أنّ أمثال هذه الآیات تتعلّق بعهد صدر الإسلام ولا یمكن تطبیقها على ما یحدث فی زماننا المعاصر قال: هذه الآیات لا تخاطب مسلمی صدر الإسلام فحسب بل هی تطرح منهجاً تربویّاً ینسجم مع حوادث كافّة العصور ومنها عصرنا الحالیّ.
وأشار عضو مجلس خبراء القیادة إلى وضع إیران الإسلامیّة على عهد نظام الملكیّة الشاهنشاهیّة وقال: قبل فترة لیست بالبعیدة كان الشعب فی إیران الإسلامیّة یعیش وضعاً صعباً من الناحیة الاقتصادیّة، وفی الجانب السیاسیّ كانت القرارات الحسّاسة للبلاد تُتّخذ من قبل آمریكا وانجلترا، وفی الجانب العسكریّ كان الجیش الإیرانیّ خادماً مطیعاً للأجنبیّ، وعلى الصعید الدولیّ كان الساسة الإیرانیّون أدوات طیّعة بأیدی الغربیّین، وعلى المستوى الثقافیّ - مع شدید الأسف – فإنّ الأوضاع لم تكن غیر مناسبة فحسب بل كانت أسوأ من باقی المیادین بكثیر إلى درجة أنّ الصلاة كانت تُعدّ ضرباً من التخلّف وكان بیع الخمر یلقى رواجاً كبیراً آنذاك.
وأضاف رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث قائلاً: بعد انتصار الثورة وسیادة القیم الإسلامیّة على أجواء البلاد تشهد البلاد الیوم تقدّماً ملموساً على كافّة الأصعدة؛ الاقتصادیّة، والاجتماعیّة، والثقافیّة، وغیرها بحیث إنّ قوى العالم الكبرى غیر قادرة الیوم على حلّ مشاكلها على الصعید الدولیّ من دون مشاركة إیران، وإنّ نفوذ إیران فی شعوب العالم الحرّة قد بلغ حدّاً جعل الكثیر من دول أمریكا الجنوبیّة التی كانت تُعدّ یوماً منتجعاً خاصّاً بأمریكا تنسّق وتنظّم سیاساتها مع سیاسات إیران الإسلامیّة.
وأكّد استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ على أنّ انتصار الثورة الإسلامیّة ونشاط التیّارات الثوریّة التحرّریة فی جمیع أنحاء العالم هی ثمار جهود ومساعی الإمام الراحل (رحمة الله علیه) فقد كان رجلاً إلهیّاً لا یطأ موطئاً إلاّ وفیه طاعة الله سبحانه وتعالى، وقال: إنّ عظمة إیران الإسلامیّة ومكانتها المرموقة على الصعید الدولیّ هی نتاج النصر الإلهیّ وانصیاع الناس خلف القیادة.
وفی إشارة للعلامة مصباح الیزدی إلى أحداث فتنة عام 2009 قال سماحته: على الرغم من أنّ أعداء الإسلام والثورة قد عكفوا یخطّطون لهذه الفتنة على مدى عشرین سنة، بید أنّ مؤامرات الأعداء ومساعی أهل الفتنة باءت - بلطف من الله تعالى - بالفشل فكان نصیب رؤوس الفتنة منها الذلّ والهوان وانقلب سحرهم علیهم بخلاف ما كانوا یتوقّعون، حتّى صارت تلك الأحداث سبباً فی سموّ ورفعة النظام الإسلامیّ وتدعیم ركائز الثورة.
* الشكر أكبر عوامل سعادة البشر ورقیّهم
وفی جانب آخر من كلمته نوّه سماحة آیة الله مصباح الیزدی بأهمّیة التذكیر بالنعم الإلهیّة وقال: فی عدّة مواطن من القرآن الكریم وردت تعابیر التذكیر بالنعم الإلهیّة قد وجِّه فیها الخطاب إلى بنی إسرائیل والمؤمنین وعامّة الناس.
وأشار استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ إلى مختلف النعم الفردیّة والاجتماعیّة قائلاً: إنّ من ثمار التذكیر بالنعم الاجتماعیّة تحفیز التغییر والنموّ فی المجتمع ورفع مستوى الدافع لدى أفراده من أجل معرفة مكانتهم بالنسبة إلیه.
وأوضح عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الله غنیّ عن أیّ شكر یصدر من البشر وأضاف: لقد اُشیر فی آیات قرآنیّة وروایات كثیرة إلى غنى الله عن شكر البشر له، إذ یقول عزّ من قائل فی كتابه المجید: لو أنّ جمیع من فی الأرض كفروا بالله فإنّهم لن یضرّوه قید أنملة: «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِی الأَرْضِ جَمیعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِیٌّ حَمِیدٌ» (سورة إبراهیم/ آیة 8)، وما کان بَعثُ الأنبیاء والرسل إلاّ هدایةً للبشر.
وتابع رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث القول: وفقاً للحدیث الوارد عن مولى المتّقین علیّ ابن أبی طالب (علیه السلام) فإنّ العبادة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عبادة العبید، وعبادة التجّار، وعبادة الأحرار: «إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِیدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الأَحْرَار» (نهج البلاغة، الحكمة 237)، حیث إنّ عبادة الأحرار هی الأفضل من بین الأصناف الثلاثة لأنّ هذا الصنف من البشر یعبدون الله من منطلق استحقاقه عزّ وجلّ للعبادة.
وذكر العلامة مصباح الیزدی آثار الشكر قائلاً: إنّ اتّصاف الناس بصفة الشاكرین یجعلهم یستشعرون فی نفوسهم أنّهم مدینون لله عزّ وجلّ الأمر الذی یبعث تحولاً فی نمط العبادة وحضوراً للقلب فی أثنائها.
وأضاف: الشكر صنفان: لفظیّ وعملیّ، وكلاهما محبّذ، لكن علینا أن نعلم أنّ الشكر الحقیقیّ هو الشكر فی العمل؛ بمعنى أن تظهر صفة الشاكر فی أعمالنا، ومن تجلیّات هذه الصفة أن لا ننفق أنعم صاحب النعمة فیما لا یرضى.
* الثورة الإسلامیّة نعمة إلهیّة
وعبر بیان عضو مجلس خبراء القیادة بأنّ نعمة الثورة الإسلامیّة جاءت ثمرة امتثال الإسلام وإراقة الكثیر من الدماء فی سبیله، وقال: على الرغم من مضیّ أعوام على انتصار الثورة الإسلامیّة فلایزال الكثیرون یشكّون فی كونها ثورة إلهیّة مدّعین أنّ الثورة كانت حصیلة مجهود شعبیّ صرف، لكنّ استقراءنا للآیات القرآنیّة یُظهر تصریحها بأنّ النصر لا یكون إلاّ من عند الله، وحتّى إذا كان بالواسطة فهو أیضاً من قبل الله عزّ وجلّ.
ورأى استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة أنّ العزّة الإسلامیّة، وتطبیق أحكام الإسلام، ورواج القیم الإسلامیّة فی المجتمع هی من منجزات هذه الثورة، وأكّد قائلاً: إنّ الأعداء یسعون من خلال الخداع والحیلة واتّخاذ الدین كوسیلة إلى محو الإسلام بالكامل؛ لذا یتحتّم علینا أن لا ننخدع بالظواهر وأن نفهم أنّ مأرب الأعداء من إقامة فعّالیّات ثقافیّة فی الظاهر هو محو الثقافة الإسلامیّة الأصیلة.
* الدرس، وبناء النفس، والإحاطة بالقضایا المعاصرة للإسلام والعالم هی الأهداف الثلاثة لطلبة العلوم الدینیّة
وفی ختام حدیثه توجّه آیة الله مصباح الیزدی بخطابه إلى طلاب العلوم الدینیّة قائلاً: من واجب طلاّب العلوم الدینیّة الإحاطة بالمعارف الإسلامیّة ونشرها؛ بالطبع إنّ الملاحظة التی یجب أخذها بنظر الاعتبار فیما یتّصل بنشر المعارف الدینیّة هی تعلّم طریقة الدعوة إلى الدین؛ بمعنى أن یتعلّم الطلاب السبل المناسبة لاجتذاب المخاطب ویجتنبوا بشدّة الطرق المؤدّیة إلى تنفّره.
وأظهر سماحته أنّ المواظبة على الدرس، وبناء النفس، والإحاطة بالقضایا المعاصرة للإسلام والعالم هی الواجبات الثلاثة الملقاة على عاتق طلاّب العلوم الدینیّة وأضاف: على الطلاب وعلماء الدین أن یضعوا لكلّ شأن من شؤونهم خطّة وبرنامجاً محدّداً ویسیروا وفق هذه الخطّة التی وضعوها.