العلامة مصباح الیزدیّ: للنساء دور فعّال فی الجهاد الثقافی

قال عضو مجلس خبراء القیادة: كلّما كانت للمرأة الملتزمة والمؤمنة مشاركة أكثر فعالیّة فی الجهاد الثقافیّ فسیُتوّج هذا الجهاد بنجاحات أكبر.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی حشد من نساء أعضاء فیلق علیّ بن أبی طالب (علیه السلام) السابع عشر للحرس الثوریّ: الرجل والمرأة فی نظر الإسلام هما الركنان اللذان یقوم علیهما المجتمع الإسلامیّ من أجل بلوغ منازل الكمال، وإنّ تقسیم الوظائف بینهما قد تمّ على أساس الحكمة الإلهیّة وبأخذ التفاوت الخَلْقیّ بین الاثنین بنظر الاعتبار.
وتابع سماحة الیزدیّ حدیثه مشیراً إلى قصّة امرأة فرعون قائلاً: لقد جعل الله عزّ وجلّ فی كتابه العزیز مریم ابنة عمران وامرأة فرعون اسوة لجمیع البشر حتّى الرجال منهم وهذا یدلّ على أنّه لا فرق بین الرجل والمرأة فیما یتّصل بهدف الخلقة والمنزلة التی جُعلت للإنسان عند الله وكذا فی مجال الوصول إلى الكمال.
وأشار العلامة مصباح الیزدیّ إلى أنّه من المعروف أنّ الجهاد لیس واجبا على المرأة، وأضاف: الجهاد الابتدائیّ فقط هو الذی لم یُفرض على المرأة، بینما لا فرق بین الرجل والمرأة فی مسألة الجهاد الأكبر المتمثّل بمقارعة النفس، وكذا الحال فی الجهاد بالمال فإنّ باستطاعة النساء أن یجاهدن بأموالهنّ، وهذا ما حصل فعلاً خلال فترة الدفاع المقدّس.
وأضاف العلامة الیزدیّ قائلاً: صحیح أنّ الجهاد فی الخطّ المتقدّم من جبهة القتال هو من مسؤولیّة الرجال لكنّ تأمین الخدمات فی الخطوط الخلفیّة كان، حتّى فی زمان النبیّ الأعظم (صلّى الله علیه وآله)، یقع على عاتق النساء.
وأوضح العلامة مصباح الیزدیّ أنّه حتّى الجهاد المسلّح یصبح واجباً على المرأة أحیاناً وأضاف: إذا هجم العدوّ ولم تكن عُدّة الرجال وعددهم كافیین فانّه یتعیّن على النساء أن ینهضن للجهاد ونصرة الرجال، ذلك أنّ العلّة من عدم ایجاب الجهاد على النساء هی ما اُنیط بهنّ من وظائف ثقیلة من القیام بشؤون المنزل وتربیة الولد، أمّا إذا استجدّ أمر أهمّ وأخطر فعندها یجب الجهاد علیهنّ أیضاً.
وفی معرض إشارة عضو مجلس خبراء القیادة إلى معرفة الإمام الراحل (قدّس سرّه) المنقطعة النظیر بالمرأة تطرّق سماحته إلى خطبة له (رحمه الله) بهذا الخصوص قال فیها: النساء تقاتل فی میدان الجهاد كما تقاتل الاسود، وإنّ أحضان النساء لهی منطلق الرجال إلى حیث الرقیّ والعروج.
ثمّ تابع سماحته بالقول: ومن ألوان الجهاد الاُخرى الجهاد الثقافیّ الذی كلّما شهد مشاركة أوسع من الكوادر النسائیّة الملتزمة، فإنّه سیتوّج بنجاحات أكبر.
ورأى آیة الله الیزدیّ أنّ جانباً من القصور والعجز الذی یعانی منه الحقل الفنّی سببه عدم مشاركة النساء الملتزمات والمتدیّنات فی هذا الحقل وقال: الجهاد الثقافیّ یتضمّن مثل هذه الامور أیضاً، ولابدّ بالطبع من توفّر خطط وبرامج إسلامیّة صحیحة تتبنّى مشاركة المرأة فی هذا المیدان.
ونوّه سماحته بدور المرأة فی الثورة الإسلامیّة وقال: عندما انطلقت أوّل شرارة للنهضة من قمّ المقدّسة فی الخامس عشر من خرداد [الخامس من حزیران] كانت النساء اوّل مَن ابتدأ التحرّك من خلال تحریض رجالهنّ على النهوض والمشاركة فی الثورة.
وعبر تأكید استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة على أنّه لا ینبغی أن تُلقى فی الأذهان فكرة أنّ عمل المرأة ینحصر فی تربیة الأطفال والطبخ قال سماحته: نرى أنّ بعض النسوة الیوم قد یفوق الرجال فی بعض المیادین من أمثال التعلیم، والدعوة الإسلامیّة، والعمل التلفزیونیّ. وقد أشار سماحته فی هذا الجانب من باب المثال إلى برنامج «الوجهة الإلهیّة» [فی القناة الثالثة للتلفزیون الإیرانیّ] ومشاركة إحدى الخبیرات فیه مثنیاً على محاضراتها المتكاملة فی هذا البرنامج حیث تتمّ مع مراعاة كامل الآداب الشرعیّة ومقتضیات الوقار والرصانة.
واستطرد العلامة مصباح الیزدیّ فی كلامه قائلاً: كما هو الحال فی الدفاع العسكریّ عندما لا تفی قوّات الرجال بالغرض فإنّه لابدّ من مشاركة المرأة، وفی حال تقاعس الرجال عن صدّ العدوّ والتسبّب فی خسائر وتمكین العدوّ من التسلط على الرقاب وهتك الأعراض تُلقى المسؤولیّة على النساء أیضاً، فإنّ على النساء مسؤولیّة على صعید الدفاع الثقافیّ كذلك وعلیهنّ إعداد أنفسهنّ لدخول المدارس والجامعات وتنشئة الفتیات، وإنّ أیّ تقصیر فی هذا الجانب سیجعلهنّ مسؤولات وشریكات فیما ستقترفه الفتیات من معاصی فی المستقبل.
ثمّ أشار سماحته إلى الممارسات الاجتماعیّة والسیاسیّة النسویّة التی توسّع نطاقها بعد انتصار الثورة الإسلامیّة وأضاف: لقد نهض العنصر النسویّ منذ بدایة عهد الثورة بدور فعّال فی الحركات الاجتماعیّة حتّى إنّ النسبة العظمى من المشاركین فی التظاهرات والمسیرات الجماهیریّة هی من حصّة النساء.
وقال سماحته: كما أنّه من الممكن أن یكون للمرأة بالغ التأثیر على صعید النشاطات السیاسیّة أیضاً خصوصاً فیما یتعلّق بالانتخابات، ذلك أنّه فی العملیّة الانتخابیّة لیس ثمّة أیّ اختلاف فی التأثیر بین صوت أعلى مسؤول فی سلّم السلطة فی البلاد وصوت امرأة عجوز تعیش فی أكثر القرى النائیة حرماناً فی إیران، وبناءً علیه فإنّ فی رقبة النساء مسؤولیّة إذا ما قصّرن فی هذا المجال ولم یشاركن فی الانتخابات أو لم یدلین بأصواتهنّ للشخص الأصلح.
وفی إشارة لرئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى التحوّلات الراهنة التی تشهدها المنطقة قال: لا یقتصر تأثیر انتخاب الأصلح على البلاد فحسب بل یتعدّاه لیؤثّر على العالم بأسره.
كما وتعرّض سماحة الیزدیّ لنشاطات المرأة على الصعید الاجتماعیّ وضرورة استغلالها لجمیع أوقاتها استغلالاً مناسباً وقال: حذار من أن تنشغل النساء فی اتلاف ساعات عمرهنّ الثمینة فی تجاذب أطراف الحدیث ممّا لا یعود علیهنّ بالنفع، بل قد یتسبّب فی بعض الآثار السلبیّة الخطیرة أیضاً.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی الیوم السابع من شباط من عام 2011م فی قاعة مؤتمرات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.