العلامة مصباح الیزدی: النقطة المركزیّة للیقظات الإسلامیّة التی تشهدها المنطقة هی الحركة المخلصة التی قام بها الإمام الراحل (ره)

قال عضو مجلس خبراء القیادة: إذا شبّهنا حركة الإمام الراحل وآثارها بالأمواج فإنّ مركز تلك الأمواج كان الإمام (رحمه الله) نفسه والدائرة الصغیرة التی تلیه تمثّل تلامذته وطلابه، وقد اتّسعت تلك الدائرة شیئا فشیئا لتشمل المجتمع، ونحن نشهد الیوم أنّ أمواجها وصلت حتّى إلى شمال أفریقیا أیضاً، ولم تكن هذه المكاسب إلا نتاج حركة الإمام التی قام بها عن إخلاص.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشاد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بجمع من مسؤولی جامعة الثقافة والفنون، أشاد بجهود مسؤولی البلاد فی نشر الثقافة الإسلامیّة وقال: إنّ ما یناله أیّ شخص من مكانة مرموقة وتقدّم فی أیّ مجال إنّما یمثّل عملة ذات وجهین یرتبط وجهها الأوّل بوجود خطّة دقیقة وفكرة صائبة من قبل الشخص نفسه وتكمیلها وتنفیذها عبر توفّر الإمكانیّات، ومن ثمّ بلوغ مرحلة التطوّر فی النهایة حیث یتحتّم على جمیع المنتفعین على أساس ما تقتضیه الفطرة والشرع أن یعربوا عن شكرهم وثنائهم لتلك النشاطات.
وأضاف العلامة مصباح الیزدی: اما الوجه الآخر لهذه العملة فهو أنّ الله قد منّ علینا بأن یسّر لنا إمكانیّة إنجاز مثل هذه النشاطات. فمن الضروریّ بمكان الالتفات لما أتاحه الله عزّ وجلّ لنا من إمكانیّات وما حبانا به من توفیقات، فإن نحن التفتنا إلى عظیم آلاء الله تلك وأردنا شكر الله علیها للزم تخصیص جمیع أوقاتنا للشكر مما لا یتیح لنا فرصة القیام بواجباتنا الاخرى، إذن فالسبیل الوحید لذلك هو اعترافنا بعدم قابلیّتنا لشكر كافّة تلك النعم الإلهیّة.
وتابع سماحته القول: هذا الالتفات إلى أنعم الله یمهّد الأرضیّة لزیادتها ذلك أنّ الله تعالى یزید الشاكرین من نعمه، والأهمّ من ذلك هو إدراك المرء أنّ الله راضٍ عنه.
وأوضح عضو مجلس خبراء القیادة أنّ قیمة الشكر تفوق قیمة العمل وقال: إنّ قیمة الشكر والعمل غیر قابلین للمقارنة بتاتا ذلك أنّ الشكر یكون نتیجة لإدراك ومعرفة عمیقین بالله سبحانه وتعالى.
وقال آیة الله مصباح الیزدی مقسّماً الأسباب إلى فیزیائیّة ومعنویّة: لابدّ من معرفة أنّه إلى جانب الأسباب الفیزیائیّة والطبیعیّة هناك أسباب معنویّة أیضاً لها بالغ الأثر فی التطوّر والتقدّم.
وأضاف قائلاً: لو لم تتحقّق النهضة الإسلامیّة على ید الإمام الراحل (قدّس سرّه) قبل سنوات، ولم یتعرّض المئات إلى القتل والتعذیب فی هذا السبیل، ولم یتطوع المجاهدون بعد انتصار الثورة بأنفسهم وأرواحهم فی جبهات الدفاع المقدّس، لم نكن بتاتا لنصل إلى هذه المكانة التی نحن علیها الیوم ولم تكن الكثیر من تلك التطوّرات لتحصل، وهذا إنّما یصنّف ضمن الأسباب المعنویّة.
وتابع العلامة مصباح الیزدی القول: إذا شبّهنا حركة الإمام الراحل وآثارها بالأمواج فإنّ مركز تلك الأمواج كان الإمام (رحمه الله) نفسه والدائرة الصغیرة التی تلیه تمثّل تلامذته وطلابه وقد اتّسعت تلك الدائرة شیئا فشیئا لتشمل المجتمع، ونحن نشهد الیوم أنّ أمواجها وصلت حتّى إلى شمال أفریقیا أیضاً، ولم تكن هذه المكاسب إلا نتاج حركة الإمام التی قام بها عن إخلاص.
وفی معرض إشارة سماحته إلى أنّ الإمام الخمینیّ (رحمة الله علیه) كان مركزاً للبركات قال: علینا الفحص عن السرّ وراء التقدّم الذی حقّقه الإمام الراحل (قدّس سرّه) أو بعبارة اخرى عن السرّ فی کونه مجرى الفیض الإلهیّ. ذلك أنّه على الرغم من تحلّی الإمام (رحمه الله) ببعض الخصوصیّات الظاهریّة كالقدرة الإداریّة والفراسة، غیر أنّ مثل هذه الخصوصیّات كانت متوفّرة لدى الكثیرین غیره لكنّها لم تثمر إلاّ عن نتائج معكوسة.
وأضاف الاستاذ مصباح الیزدی قائلاً: السرّ الكامن وراء نجاح الإمام وتحقیقه للتقدّم هو عمله وفقاً لإرادة ومشیئة الربّ سبحانه، بمعنى أنّ الإمام الخمینیّ (رحمة الله علیه) منذ بدء النهضة ووصولاً إلى فترة ما بعد انتصار الثورة وحتّى فی سنوات النفی لم یكن لیعمل إلا بما یریده الله عزّ وجلّ فكان ینظّم أفعاله وتصرّفاته وفقاً لإرادة المولى العلیّ القدیر ولم یستولِ علیه الخوف فی هذا الدرب من شیء اطلاقاً. بل كان یعتقد، عندما كان یوجَّه له الانتقاد أحیاناً، أنّنا مأمورون بأداء التكلیف لا بالنتائج.
واستطرد سماحته بالقول: علینا الأخذ بهذا الرمز، ألا وهو العبودیّة الخالصة المحضة لله عزّ وجلّ، والسعی لتنفیذ الإرادة الإلهیّة فی الأرض كی یكون لأعمالنا المزید من التأثیر فی دنیانا ویتّسع نطاق منافعها لیشمل آخرتنا أیضاً.
وعبر تأكید العلامة مصباح الیزدی إلى احتیاج العالم الیوم إلى شریعة توفّر له السعادة قال سماحته: لیست هذه الشریعة سوى دین الإسلام ومذهب أهل البیت (علیهم السلام) وإنّ مفاتحها بأیدیكم وأیدی أمثالكم، ذلك أنّ بعض شعوب العالم لازالت تجهل الإسلام، وإنّ بعضها الآخر قد أحبّ الدین الإسلامیّ ورضی به لكنّ نیل جمیع المعارف الإسلامیّة لیس أمرا متیسّراً لها.
وأضاف سماحته ذاكرا لنموذج فی هذا المجال: بعد أن بلغ خبر الثورة الإسلامیّة بقیادة الإمام الراحل (قدّس سرّه) جمیع أصقاع الأرض وقع فی نفوس جماعة من الناس فی الجانب الآخر من العالم (فی الأرجنتین) أن یتعرّفوا على الإسلام، حتّى إنّهم كانوا على استعداد لأن یدفعوا لرجل یهودیّ مالاً فی سبیل أن یعلّمهم الدین الإسلامیّ.
وأوضح عضو مجلس خبراء القیادة أنّ التقاعس تارة ومشاغل الحیاة تارة اخرى تقف عقبة أمام أداء الواجب وقال: مضافاً إلى أنّ جمیع سكّان الأرض متعطّشون لهذه المعارف وهو ما یثقل كاهلنا بمسؤولیّة ضخمة، فإنّ الجهود التی بذلها علماء السلف وما قاسوه من معاناة ومحن فی سبیل إیصال هذا الدین إلینا یضاعف من هذه المسؤولیّة والتكلیف أكثر.
ومن خلال استعراضه لنماذج من جهود اُمم العالم فی نشر تعالیم شرائعهم وأدیانهم قال سماحة مصباح الیزدی: انّ ترویج الدین الإسلامیّ یتطلّب همماً عالیة وإنّ واجبنا نحن المتدیّنین بهذا الدین الحقّ لثقیلة للغایة.
یذكر أنّ هذا اللقاء قد تمّ یوم 28 من شباط 2011م فی صالة تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.