العلامة مصباح الیزدی: إذا ترافقت روح التعاون وتلاقح الأفكار مع البصیرة والتقوى فسوف تتوَّج بالنجاح

قال عضو مجلس خبراء القیادة: الإسلام هو المبیّن للطریق، والإنسان هو الذی یستطیع باختیاره أن ینتخب بین سبیلی الحقّ والباطل. بطبیعة الحال إذا اختار المرء سبیل الحقّ واستقام وضحّى فی هذا السبیل فسوف یكون النصر الإلهیّ حلیفه

قال عضو مجلس خبراء القیادة: الإسلام هو المبیّن للطریق، والإنسان هو الذی یستطیع باختیاره أن ینتخب بین سبیلی الحقّ والباطل. بطبیعة الحال إذا اختار المرء سبیل الحقّ واستقام وضحّى فی هذا السبیل فسوف یكون النصر الإلهیّ حلیفه.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ المقدّسة خلال لقائه مجموعة من أعضاء مجمع ممثلی طلبة العلوم الدینیّة إلى أهمّیة التعاون وقال: إنّ امتلاك صفات التفكّر والتعاون والتضامن والعمل بذلك تعدّ من علامات نضج المجتمع، بل إنّ مسألة التعاون والتشاور هی مسألة عقلائیّة.
وأضاف العلامة مصباح الیزدی منوّهاً بوضع علماء الدین على عهد الملكیّة الشاهنشاهیّة الجائرة: لقد بُذلت الجهود فی ذلك العهد لإقصاء شریحة علماء الدین وجعلها غیر ذات تأثیر وفعالیة فی المجتمع، بل كان یُعمل على تضعیفها من ناحیة الإمكانیات المادّیة والمكانة الاجتماعیة على حدّ سواء، وقد اُضیف هذا العامل إلى عوامل اخرى أدّت معا إلى عدم تمكّن الحوزویّین من تكریس روح التعاون والمشورة وتلاقح الأفكار فیما بینهم، وإذا كان ثمّة من عمل مؤثر فقد كان فی الأعمّ الأغلب نتیجة ذوق فردیّ من أحد علماء الدین.
وأشار آیة الله مصباح الیزدی إلى محاربة الإمام الراحل (رحمة الله علیه) لهذه الظاهرة السلبیة فی عهد ما قبل الثورة وقال: لقد أدرك الإمام الخمینی (رحمه الله) منذ أوائل نهضته خطورة هذه الآفة وبادر إلى خلق روح التعاون بین علماء الدین بل وقدّم توصیات على هذا الصعید نذكر منها السعی لتنظیم تجمّع اسبوعیّ لعلماء البلاد، هذا وإن لم یستمرّ العمل بهذه التوصیة عملیّاً.
وفی معرض إشارته إلى أنّ علماء الدین كانوا یفتقدون عنصر العمل الجماعیّ على عهد الملكیّة الشاهنشاهیّة أضاف سماحته القول: لقد تبلورت حالة عدم التعاون هذه لتصبح ثقافة صارت تسری بین كافة شرائح المجتمع الأمر الذی جعل مواجهتها أصعب بكثیر.
وبیّن آیة الله مصباح الیزدی أننا لا زلنا نعانی من هذا النمط من الثقافة فی بعض محافلنا قائلا: محاربة هذا الطراز من الفكر یحتاج إلى عمل تدریجیّ وجذریّ فی آن معاً.
ونوّه العلامة مصباح الیزدی إلى استغلال الأعداء لظاهرة انعدام التعاون الموجودة فی الحوزة العلمیة وقال: لقد استغلّ الأعداء نقطة الضعف هذه لطرح قضیّة الدكتاتوریّة مستخدمین إیّاها كوسیلة للضغط على الحوزویّین.
وعبر تأكید عضو مجلس خبراء القیادة على ضرورة مشاركة شریحة الشباب والإفادة من خبرات الكبار أضاف سماحته: بالطبع یتعیّن الالتفات إلى أنّ من غیر الممكن تفویض أیّ منصب لأیّ أحد فی أیّ موقع.
وفی جانب آخر من حدیثه ذكّر استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ بالشبهات التی یطرحها الأعداء بخصوص الحكومة الإسلامیّة وقال: من منطلق أن أداء وكفاءة أی مدرسة فكریّة یمكن تقییمهما من خلال نتائجها العملیة على أرض الواقع یذهب البعض إلى الاعتقاد بأنّ الشریعة الإسلامیة لم تثبت كفاءتها من الناحیة العملیة؛ ذلك أنه على الرغم من تأسیس الحكومة الإسلامیة فإن المجتمع لا زال یعانی من ظاهرة الرشوة، وأكل الربا، وأمثال ذلك.
وقال آیة الله مصباح الیزدی ردّاً على هذه الشبهة: یحتوی هذا القول على ضرب من المغالطة، ذلك أنّ الله قد خلق الإنسان مختاراً كی یسلك جادّة الصواب باختیاره. فلو شاء الله لأخضع جمیع الخلائق لأنبیائه، لكنه لم یفعل ذلك تمهیداً للامتحان والاختبار كی یترقّى ویسمو من یرغب فی الرقیّ والسموّ بمحض اختیاره، ویعصی من یرید العصیان من دون أن یُجبر على العصیان. وكمثال على ذلك فإنّ الله عزّ وجلّ كما جعل النار برداً وسلاماً على إبراهیم (علیه السلام) كان بإمكانه أن ینجی سیّد الشهداء (علیه السلام) یوم عاشوراء فلا یُقتل، لكنّ ما جرى كان امتحاناً إلهیّاً.
وتابع العلامة مصباح الیزدی قائلاً: إذن فإنّ قول البعض: لو كان الإسلام حَسناً لما حصلت مثل هذه المشاكل فی المجتمع، هو قول عارٍ عن الصحّة، ذلك أنّ الإسلام هو المبیّن للطریق، والإنسان هو الذی یستطیع باختیاره أن ینتخب بین سبیلی الحقّ والباطل. بطبیعة الحال إذا اختار المرء سبیل الحقّ واستقام وضحّى فی هذا السبیل فسوف یكون النصر الإلهیّ حلیفه.
واستطرد سماحته فی القول: لا یسعنا العثور على حكم أرقى من حكم علیّ بن أبی طالب (علیه السلام)، وإدارة أفضل من إدارة رسول الله (صلّى الله علیه وآله)، وقانون أسمى من القرآن الكریم، لكنه على الرغم من كون النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) هو الزعیم ووجود قانون كالقرآن الكریم فقد ضلّ الناس بعد رحیله (صلّى الله علیه وآله). إذن من غیر المعقول أن نتوقع تحوّل كافّة الناس إلى أمثال سلمان وأبی ذر بمجرّد استقرار النظام الإسلامی.
وفی معرض إشارته إلى واجب علماء الدین فی تنمیة وترسیخ روح التعاون والتضامن قال سماحته: لابدّ لما حصل ـ جرّاء غفلتنا وضعفنا ـ أن یعالَج بالتدبیر والحكمة وبشكل تدریجیّ، كالتغییرات والتحوّلات التی حصلت فی نفس هذه الحوزة العلمیة على مدى الأعوام الثلاثین المنصرمة مما لم یكن متوقّعاً أصلاً، هذا على الرغم من أنّه لا زالت ثمة مسافة شاسعة تفصلنا عن الهدف المثالیّ المنشود.
ونوّه العلامة مصباح الیزدی بفائدة تنظیمات من قبیل مجمع ممثلی طلاب العلوم الدینیة وجماعة مدرّسی الحوزة العلمیة وقال: یجب التنبّه إلى أنّه لیست جمیع القرارات المتّخذة من قبل مثل هذه التنظیمات هی بمثابة الوحی المنزل، لكنّ هذا النمط من العمل ینطوی بما لا یقبل الشكّ على فوائد جمّة ویجب إشاعة هذه الظاهرة بین أوساط علماء الدین.
وتابع سماحته قائلاً: لابدّ فی مسألة التشاور والتفكیر الجماعی من الاستعانة بذوی التجارب العریقة والذكاء الحادّ، وإنّ قضایا السنوات الأخیرة تُعدّ معیاراً جیداً لوضع الأشخاص على المحكّ؛ فمَن كان یظنّ أنّ فلاناً وفلاناً من الناس سوف یتكلّمون ویعملون بما ینسجم مع الذوق الأمریكیّ والإسرائیلیّ؟ فهل كان لأحد أن یتنبّأ بوقوع مثل ذلك؟
وقال استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة: لابدّ أن یتوفّر فی المرء من أجل التقدّم والنهوض على صعید الشؤون الاجتماعیّة شرطان أساسیّان هما معرفة الحق أو البصیرة، وتقوى الله تعالى.
وعبر تأكید آیة الله مصباح الیزدی على ضرورة التفكیر المشترك مع كبار العلماء والتشاور معهم أضاف قائلاً: إذا توفّرت فی المرء صفتا البصیرة والتقوى فالنصر لا محالة حلیفه، وإذا افتقر عملٌ مّا إلى الدافع الإلهی أو اُنجز من دون بصیرة فسیكون خسرانه أكثر من نفعه.
كما وقال سماحته بخصوص التقدم فی الشؤون الاجتماعیة أیضاً: إنّ رفع منسوب البصیرة، والنهوض بالمجتمع فكریّاً، وتقویة عنصر التقوى والإخلاص هی من الامور الضروریة لهذا التقدّم.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی الیوم الثالث من آذار 2011م فی صالون تشریفات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.

آخرین محتوای سایت

کتاب صوتی «آیین پرواز» منتشر شد.
کتاب صوتی «آیین پرواز» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله مصباح یزدی رضوان‌الله علیه بارگذاری...
راهکارهایی برای تهذیب و خودسازی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
اقسام خدمات ممکنِ پزشکان به جامعه بشریت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ...
ارزش واقعی لحظات زندگی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...