آیة الله مصباح الیزدی: التیّار المنحرف لا یهدّد النظام الإسلامیّ فحسب بل یهدّد أساس الإسلام

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی ففی لقاء لرئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث مع عدد من المسؤولین والعاملین فی مقرّ سیّد الشهداء (علیه السلام) أشار سماحته إلى خصوصیّات الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه) وقال: إنّ من الامور التی طالما أكّد علیها إمامنا الراحل (قدّس سرّه) فی خطاباته ومصنّفاته هی ضرورة إنجاز كلّ عمل ابتغاءً لمرضاة الله.
وفی معرض الإشارة إلى قول الله عزّ وجلّ: «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ» الذی كان یكرّره الإمام الراحل (رضوان الله تعالى علیه) مراراً من باب الموعظة أضاف سماحة مصباح الیزدی قائلاً: على الرغم من أنّ العمل ابتغاءً لمرضاة الله سهل فی الظاهر، لكنّه صعب للغایة فی واقع الأمر.
وألمح العلامة مصباح الیزدی بأنّه كلّما اُنجز العمل مرضاة لله تعالى فإنّه سیترافق مع التطوّر والتقدّم وقال: عندما یؤتى بالعمل مرضاة لله فإنّ الله سیعین على ذلك العمل أیضاً.
ورأى آیة الله مصباح الیزدی أنّ الاستقامة هی من جملة ما كان یؤكّد علیه الإمام الراحل (قدّس سرّه) وأضاف: فی كثیر من الأحیان یعزم المرء على الإتیان بعمل خیر ویُعدّ نفسه لذلك، لكنّه مع مرور الوقت ومقارنة نفسه بالآخرین ووسوسة الشیطان له بأنّك قمت بالواجب الذی علیك ولم تعد مكلّفاً بشیء آخر، فإنّه یُستدرج نحو المصالح الدنیویّة وینحرف عن الصراط السویّ.
ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ البدء فی عمل خیر لیس بالأمر الصعب لكنّ الصعوبة تكمن فی الاستمرار فیه والثبات علیه، وأضاف: آمل أن لا یفسّر كلامی خطأ، لكنّ التكلیف الذی یقع على عاتق الشهداء الأحیاء [أقصد المعلولین فی جبهات القتال] هو أشقّ وأثقل من تكلیف اولئك الشهداء الذی قضوا فی جبهات القتال، ذلك أنّ الشهداء قد عزموا ثمّ نالوا الشهادة فی زمن قصیر، أمّا الذین لم یستشهدوا وصاروا معلولین أو عادوا من جبهات القتال فعلیهم أن ینظروا هل إنّهم سیتابعون الدرب بنفس هذه النیّة الصحیحة أم إنّهم سیلهثون وراء المناصب والكراسی؟ وهل سیواصلون الطریق فیما سیأتی من امتحانات معقّدة بنفس النیّة أم إنّها ستتغیّر؟ بالطبع إذا استقاموا على الصراط المستقیم فسیكون لهم أعظم من أجر الشهداء، ذلك أنّ تكلیفهم سیكون أصعب وأثقل.
وفی معرض إشارة العلامة مصباح الیزدی إلى فتنة عام 2009م قال سماحته: لقد قاد هذه الفتنة اُناس كانوا دوماً برفقة الإمام (رحمة الله علیه) ولو أنّهم علموا فی ذلك الحین أنّه سیأتی علیهم یوم ینسجمون فیه مع ألدّ أعداء الإسلام ألا وهی إسرائیل، لتمنّوا من الله الموت، لكنّهم تغیّروا شیئاً فشیئاً حتّى وقفوا فی مواجهة النظام الإسلامیّ.
واعتبر عضو مجلس خبراء القیادة أنّ نكران الذات وسحق «الأنانیّة» هی من الدروس الاخرى التی نتعلّمها من الإمام الخمینیّ (قدّس سرّه) وقال: أینما حضرت «الأنا» حضر معها الشیطان. كان إمامنا الراحل قد نسی هذه «الأنا» وأحلّ محلّها اللهَ عزّ وجلّ.
وذكر سماحته میزات المجاهدین إبّان فترة الدفاع المقدّس وقال: حتّى بعض قادة المعارك فی جبهات القتال كانوا یتصرّفون بطریقة لا یُعلم معها إن كانوا قادةً فعلاً ولم یكن یشوب سلوكهم أیُّ أنانیّة، وقد ترعرعت أمثال هذه الورود بفضل التربیّة الإسلامیّة.
وعبر إشارة العلامة مصباح الیزدی إلى أنّ الفتن تزداد تعقیداً وصعوبة یوماً بعد آخر قال سماحته: بالضبط كما أنّ صعوبة الامتحانات الدراسیّة تزداد سنة بعد اخرى وأنّ المرء یرتقی ویتقدّم إذا أفلح فیها، فإنّ الامتحانات الإلهیّة تزداد صعوبة أیضاً، لأنّه عزّ وجلّ یرید لعباده التكامل والرقیّ؛ إذن فلابدّ - من أجل الرقیّ - من انتظار امتحانات أصعب وأشقّ.
وعاد آیة الله مصباح الیزدی بالأذهان إلى أحداث وامتحانات صدر الإسلام فقال: على الرغم من أنّ امتحانات صدر الإسلام كانت غایة فی البساطة لكنّه قد فشل فیها العدید من الأشخاص، أمّا الیوم فإنّ شعبنا المسلم یتمتّع برؤیة أعمق للامور ولقد شاهدنا فی فتنة عام 2009م ولاسیّما فی الیوم التاسع من دی [الثلاثین من كانون الاوّل] نموذجاً من ذلك، ولعلّ قول الإمام (رحمه الله) بأنّ: «شعبنا أفضل من شعب الحجاز فی عهد رسول الله (صلّى الله علیه وآله) ومن أهل الكوفة فی زمان أمیر المؤمنین (علیه السلام)» هو من هذا المنطلق.
وتابع سماحته قائلاً: لا ینبغی أن نغفل عن صعوبة الامتحانات القادمة، لكنّ نصرة الله التی شملنا بها فی فتنة عام 2009م تبشّرنا بالأمل من أنّه فی حال التوكّل علیه سبحانه فإنّه سینصرنا فی المستقبل أیضاً.
وعدّ سماحة آیة الله مصباح الیزدی أنّ السبیل الوحید للنجاة من الفتن والموفّقیة فی الامتحانات الإلهیّة هو التوكّل على الله سبحانه وتعالى، والتوسّل بالأئمّة الأطهار (علیهم السلام) وأولیاء الله، وطاعة السیّد القائد (حفظه الله).
وفی إشارة للعلامة مصباح الیزدی إلى أخطار التیّار المنحرف الجدید قال سماحته: هناك أشخاص یعانون – سواء عن وعی أو عن غیر وعی - من انحرافات لكنّه ثمّة علامات كثیرة على أنّ مشكلة هؤلاء لیست هی سوء الفهم، بل سوء النیّات، فهُم لا یریدون أن تنال الثورة أهدافها.
وأضاف العلامة مصباح الیزدی قائلاً: إنّ خطر هذا الانحراف لا یهدّد النظام الإسلامیّ فحسب، بل هو یهدّد أساس الإسلام كلّه. إذن یتعیّن علینا التضرّع إلى حضرة المولى عزّ وجلّ والتوسّل بأولیائه الكرام، وأن نعلم أنّ لهذه التوسّلات آثاراً جمّة فی إخماد نار الفتنة.