العلاّمة مصباح الیزدی: انعدام البصیرة فی معرفة التكلیف الشرعیّ هو بمثابة ضرب اُصول الإسلام بمعول

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فإنّه لدى لقاء سماحة مصباح الیزدی مع أعضاء التعبئة الجامعیّة (البسیج) فی الأوّل من آذار عام 2012م وبعد تقدیم التهانی والتبریك بمناسبة میلاد الإمام الحسن العسكریّ (علیه السلام) ذكر سماحته روایة عن الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) فقال: تهبّ على الإنسان فی لحظة من لحظات حیاته نسمات إلهیّة وهو ما یستوجب منّا معرفة تلك اللحظات واغتنامها ووضع أنفسنا فی مهبّ تلك النسمات.
وبیّن العلاّمة مصباح الیزدی أنّ ثمرة جهود ومساعی معظم بنی البشر تنحصر فی توفیر أسباب العیش من مأكل ومشرب ومسكن وقال: إذا قَدّم المرء فی ساعة من عمره عملاً لربّه من دون أن یكون المیزان لعمله توبیخ الناس أو تشجیعهم له لكان لتلك الساعة من القیمة والثمار ما یفوق تمام عمره.
وعبر إشارة سماحته إلى الخطوة التی خطاها الإمام الخمینیّ الراحل (رحمه الله) فی طریق الثورة الإسلامیّة أضاف: لقد وفّقنا الله تعالى لمعرفة الإسلام والتعرّف أكثر على أهل بیت العصمة والطهارة (علیهم السلام) وأن نفهم ما معنى العمل فی سبیل الله تعالى، كلّ ذلك ببركة نهضة الإمام الخمینیّ (رحمة الله علیه) وأنصاره. فلقد أحدث إمامنا (رحمه الله) فی العالم حركة مهّدت الأرضیّة لفعل الخیر أمام ملیارات من البشر، حتّى أنّه لا یؤتَى بفعل خیر فی هذا العالم إلاّ ویناله حظّ منه.
وأشار سماحة مصباح الیزدی إلى الموعظة التی كان الإمام الراحل (قدس سره) یعظ الناس بها باستمرار وقال: كان الإمام (رحمه الله) یكثر من تلاوة الآیة: «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرادَىٰ...» ویوصی الناس بها، ولعمری فإنّ سرّ نجاح الإمام وسعادته فی مسیرته إنّما یكمن فی هذه الآیة؛ فقد جعل الله سبحانه وتعالى معیاراً فی تحرّكه وكان یعمل فی سبیله ومن أجله.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة: إنّنا نعیش فی زمن یهبّ فیه نسیم إلهیّ وعلینا فی هذا العصر المفعم بالبركة أن نحثّ الخطى فی سبیل إعلاء القیم واكتساب المعرفة.
وأضاف سماحته: عندما یعیش المرء فی ظروف عادیّة یمكنه أن یقیّم مقدار ما كان لعمله هذا الیوم من قیمة، لكنّه لا یستطیع أن یتنبّأ بما سیكون لهذا العمل من أثر فی المستقبل.
وتابع سماحته قائلاً: إنّ لبعض الخطوات من القیمة ما لا یمكن قیاسه. والعكس صحیح أیضاً؛ فقد ینجز المرء عملاً یعلم أنّه سیعاقب علیه لكنّه لا یدری مدى الآثار السیّئة التی ستترتّب على هذا العمل وكم من الأعوام والسنین سیظلّ أثره السئّالسیّئ یُكتب فی صحیفة أعماله.
وأكّد العلاّمة مصباح الیزدی قائلاً: إذا أسّس امرؤ فی الاُمّة نهجاً خاطئاً، فستُكتب فی صحیفة عمله أیضا معصیةُ كلّ من یقوم بهذا العمل ویسلك هذا النهج اُسوةً به.
وفی معرض إشارته إلى وقائع صدر الإسلام، عدّ سماحته حادثة السقیفة واحدةً من هذه الوقائع الحسّاسة وقال: لقد قاموا فی السقیفة بتغییر مسیرة الإسلام وفعلوا فعلة لا یزال دخانها یُعمی عیون المسلمین بعد مضیّ 1400 عاماً علیها، وما اختلاف المسلمین الیوم إلاّ نتیجة ذلك الاعوجاج فی الفكر وطلب الدنیا؛ ومن المؤكّد أنّ اُولئك القوم مشتركون فی كلّ انحراف حصل بعد تلك الحادثة.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: لو أنّ زمام الاُمّة وُضع فی ید علیّ (علیه السلام) لاتّخذت الاُمّة الإسلامیّة الیوم صبغة غیر التی هی علیه.
واستطرد سماحته قائلاً: لقد حصلت فی تاریخ إیران مثل هذه المنعطفات الحسّاسة أیضاً وقد خرج الشعب ظافراً من خضمّ امتحانَی الخامس عشر من خرداد والثانی والعشرین من بهمن بفضل اتّباعه لهدى الإمام الراحل (قدّس سرّه) فكان تأسیس الحكومة الإسلامیّة ثمرة لذلك. ولعلّ الجماهیر التی دعمت هذه الحركات فی تلك الأیّام لم تكن تعلم بأنّ بركات عظیمة كهذه ستترتّب على عملها وستُوَطّأ الأرضیّة لهدایة الملایین من البشر.
وتابع سماحته قائلاً: لا یستطیع إلاّ الذین یتمتّعون ببعد النظر وسعة أفق الفكر أن یقیّموا آثار عمل مّا، وما هؤلاء إلاّ أهل البصر والبصیرة.
وألمح سماحة آیة الله مصباح الیزدی إلى ما یتّصف به البعض من إدراك غیر صحیح وافتقار للبصیرة وقال: یتصوّر البعض أنّه یعمل بتكلیفه الشرعیّ فی أغلب الأحیان، لكنّه - وبسبب افتقاره إلى الوعی والبصیرة – لا یشعر بأنّه فی الحقیقة یمسك بالمعول ویهوی به على اُصول الإسلام.
وأضاف سماحته قائلاً: الانتخابات هی الاخرى تمثّل واحدة من المنعطفات الحسّاسة فی حیاتنا. فإن تحلّینا بالبصیرة ولم ننتخب لمقاعد البرلمان إلاّ مَن كرّس خطواته فی طریق إعلاء كلمة الإسلام وصیانة منجزات الإسلام والثورة فسیستمرّ ثواب عملنا هذا فی صحیفة أعمالنا، أمّا إذا انتخبنا مَن لا یحمل أیّ التزام بالإسلام، فإنّ خطیئة ذلك ستكون أبدیّة بالنسبة لنا وسنكون شركاء له فی كلّ خطوة یخطوها خلافاً لمسیرة الإسلام.
وأضاف سماحته: فی الدورة الاُولى لرئاسة الجمهوریّة [بعد انتصار الثورة] تلقّى بنی صدر الدعم من مكاتب بعض العلماء وأحد المقرّبین من مكتب الإمام الخمینیّ (رحمة الله علیه). لكنّ خطّ بنی صدر - الذی كان یمثّل اللیبرالیّة فی إیران - كان معاكساً لخطّ الإمام الراحل تماماً وكان یسعى باسم الإمام والثورة للقضاء على الإسلام. لقد حصد بنی صدر آنذاك أصوات الشعب لكنّ تلك الأصوات لم تكن نابعة عن بصیرة ولم یدر اُولئك الذین أدلوا بأصواتهم لصالحه أنّه من الممكن أن یشتركوا یوماً حتّى فی دماء آیة الله البهشتیّ وأمثاله.
وقال العلاّمة مصباح الیزدی مضیفاً: الامتحانات تتغیّر یوماً بعد آخر، والمشاهد تتبدّل، وعلینا التوسّل بالله جلّ وعلا أن یمنّ علینا بالبصیرة كی نتبصّر فی أمرنا ونعلم ما ینبغی علینا أن نصنع.