آیة الله مصباح الیزدی: الالتزام بالإسلام والتمسّك بولایة الفقیه هما أفضل معیارین لانتخاب النائب الأصلح

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی لقائه مع أعضاء قسم التفسیر والعلوم القرآنیّة فی المؤسّسة والذی جرى فی الیوم الثالث والعشرین من شباط من عام 2012م فی صالة التشریفات فیها – أشار إلى كون سعادة الإنسان الأبدیّة هی المعیار، وقال: إذا رأینا أنّ سعادة الإنسان تكمن فی الإسلام فعلینا أن نهتمّ بالعلوم الإسلامیّة، وإذا نظرنا إلى القرآن الكریم بعنوان كونه المنبع والمنهج للهدایة فی الحیاة فلابدّ من تخصیص مكانة رفیعة للعلوم القرآنیّة من بین سائر العلوم.
وعبر تأكید العلاّمة مصباح الیزدی على المنزلة الرفیعة التی یتمتّع بها القرآن الكریم أضاف سماحته قائلاً: بالنظر لما یحتویه القرآن من ینابیع ثرّة ومعارف منقطعة النظیر، وما یمتاز به من شمولیّة عالمیّة، وما یتّصف به من جاذبیّة باطنیّة فإنّه ینهض بدور عظیم وفعّال فی الدعوة إلى الإسلام والوصول إلى المنهج المثالیّ للحیاة وبلوغ السعادة الأبدیّة.
وفی معرض إشارة سماحته إلى مساعی العلاّمة الطباطبائیّ (رحمة الله علیه) فی تدریس التفسیر وتألیف كتاب فیه قال: فی الحقیقة إنّ السهم الأوفر لما نشاهده الیوم من أبحاث وتعالیم قرآنیّة یعود إلى نشاطات العلاّمة الطباطبائیّ (رضوان الله تعالى علیه). فلولا قدومه إلى قمّ المقدّسة ولولا مساعیه الحثیثة فی تدریس التفسیر وتألیف كتاب فیه لاتّخذتْ حوزة قمّ منحىً آخر. إذن فواجبنا یكمن فی الاستمرار فی الطریق الذی رسمه وولوج الباب الذی فتحه والإفادة أكثر من بركاته والمثابرة فی سبیل الارتقاء بهذه المفاهیم ونشرها.
وعبر تذكیر العلاّمة مصباح الیزدی بحاجة المجتمع الإسلامیّ إلى الأبحاث القرآنیّة والكلامیّة قال سماحته: تجری الأبحاث عموماً على مستویین: المستوى العملیّ، والمستوى التأسیسیّ؛ حیث تتناول البحوث العملیّة حاجات المجتمع المعاصر أكثر من اُختها، أمّا ما یستهوی المفكّرین والمتبحّرین فی القرآن ویستحوذ على اهتمامهم فهی البحوث التأسیسیّة التی تُعدّ بدورها الأساس للبحوث العملیّة.
وقال آیة الله مصباح الیزدی: بغیة تأمین الحاجات الضروریّة للمجتمع فإنّه لابدّ من وضع جمیع المسائل التأسیسیّة والعملیّة على طاولة التحلیل الدقیق والدراسة المعمّقة والسعی للوصول إلى مجتمع مبنیّ على المعارف القرآنیّة وذلك من خلال الاهتمام بقضایا من قبیل التفسیر الصحیح للقرآن الكریم، واجتناب التفسیر الذوقیّ والتأثّر بالأجواء الاجتماعیّة، وضرورة المعرفة الدقیقة بمناهج التفسیر.
وفی جانب آخر من كلمته أشار سماحته إلى ما تتمتّع به المشاركة فی الانتخابات من أهمّیة بالغة وأضاف: المشاركة فی القضایا السیاسیّة هی قضیّة علّمنا الإمام الراحل (رحمه الله) إیّاها، فقد عدّ (رحمه الله) المشاركة فی الانتخابات واجباً كالصلاة والصیام وعرّف الحكومة الإسلامیّة بأنّها الفلسفة العملیّة للفقه الإسلامیّ.
وتابع سماحته قائلاً: المشاركة فی الانتخابات تتحقّق فی بعدین؛ الأوّل على الذین یجدون فی أنفسهم القدرة على الترشیح لنیابة البرلمان وتحمّل أعبائه الثقیلة أن یُقدِموا على الترشیح لها. ثانیاً: عبر مشاركة عامّة أفراد الشعب فی هذه الملحمة الوطنیّة فإنّهم سینتخبون لشغل مقاعد مجلس الشورى أفراداً مؤهّلین وصالحین من ناحیة، وسیستعرضون أمام الأعداء مرّة اُخرى مدى ما یتمتّع به هذا الشعب من قدرة ومنعة من ناحیة اُخرى.
واستعرض العلاّمة مصباح الیزدی المعاییر الواجب توفّرها فی النائب الأصلح وقال: الالتزام بالإسلام وبالأحكام الشرعیّة والتمسّك بولایة الفقیه والإخلاص والحرص على خدمة المواطنین والشجاعة وحسن السلوك والسیرة والتخصّص هی المعاییر التی تحدّد النائب الأصلح.
وتابع سماحته قائلاً: علینا الإدلاء بأصواتنا لمن یحقّق درجات أعلى من غیره فی مضمار المعاییر المذكورة أعلاه. فهذه المعاییر جمیعها تمثّل العوامل التی تدخل مباشرة فی تحدید صلاحیّة النائب المنتخَب بالمقارنة بغیره. أمّا أهمّ معیار من بینها فهو الاعتقاد بأصل النظام وبولایة الفقیه، لأنّ هذه المسألة تُعدّ عمود خیمة الثورة.
وفی بیان اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة والجامعة لعملیّة تحدید النائب الأصلح أضاف قائلاً: معرفة الأصلح أمر صعب، لكن من الممكن السعی للوصول إلى هذا الهدف عبر مراحل. فعلى المرء أوّلاً أن یبذل غایة الجهد فی جمع القرائن والشواهد من هنا وهناك للوصول إلى یقین بأنّ المرشّح الفلانیّ هو الأصلح. فقد یكون بالإمكان أحیاناً أن یصل المرء إلى مثل هذا الیقین بخصوص مرشّح أو مرشّحَین من بین ثلاثین مرشّحاً یتعیّن انتخابهم لمدینة مثل طهران مثلاً، لكنّ الوصول إلى مثل هذا الیقین بالنسبة للجمیع أمر شبه محال.
وبخصوص التكلیف الشرعیّ فی المواطن التی لا یتمكّن فیها المرء بنفسه من الوصول إلى الیقین قال سماحة مصباح الیزدی: فی مثل هذه الموارد لابدّ من التنزّل إلى ما هو أقرب إلى الیقین؛ أی الاطمئنان. أمّا إذا لم یحصل حتّى هذا الاطمئنان فلا مفرّ حینئذ من اللجوء إلى الآخرین. فكلام قائد الثورة المعظّم (دام ظلّه) فی هذا المجال هو كلام مبنیّ على الاُصول والاُسس الفقهیّة. وبناءً علیه فعلى فرض أنّ كلّ جهة قد قدّمت لائحة بثلاثین مرشّحاً (فی طهران على سبیل المثال) فإذا وُجد بعض الأشخاص فی عدد من هذه اللوائح فإنّ ذلك سیكون مثار اطمئنان أكبر بأنّ هؤلاء الأشخاص أصلح من غیرهم.
وأضاف عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: فی المرحلة التالیة علینا أن نتبیّن وضع الأشخاص الذین یتولّون مهمّة التعریف بالمرشّح الأصلح أیُّهم یحظى بثقة أكبر لدینا؟ وما هی الطرق التی اتّبعوها فی تحدید الأصلح، وما هی المعاییر التی اعتمدوها لذلك؟ فإن حصل لدینا الاطمئنان بأنّ طریقة جماعةٍ مّا هی أكثر مدعاةً للاطمئنان، وأبعد عن الزیغ والضلال، وأكثر صیانة من نفوذ المنحرفین فسیحصل لدینا اطمئنان أكبر بالنتائج التی یصلون إلیها. ومن هنا فإنّه لیس معیاراً صحیحاً أن نقول: إذا قُدّمت قائمة بثلاثین مرشّحاً فإنّه یتعیّن الإدلاء بصوتنا لصالح هذه القائمة بعینها أو لجمیع مرشّحیها.