العلامة مصباح الیزدیّ: مؤسّسة التربیة والتعلیم بإمكانها انتشال الإنسان من حضیض الحیوانیّة ورفعه إلى مستوى الحیاة الحقیقیّة

عدّ استاذ الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة أنّ عهد ما بعد انتصار الثورة الإسلامیّة هو عهد استثنائیّ فی تاریخ البشریّة وقال: لقد منّ الله عزّ وجلّ بهذه النعمة العظیمة على المسلمین بواسطة الإمام الخمینیّ (ره) الذی كان أشبه الناس بالأئمّة المعصومین (علیهم السلام) وقد خلَفَه من بعده مَن هو أشبه الناس به (ره) عدّ استاذ الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة أنّ عهد ما بعد انتصار الثورة الإسلامیّة هو عهد استثنائیّ فی تاریخ البشریّة وقال: لقد منّ الله عزّ وجلّ بهذه النعمة العظیمة على المسلمین بواسطة الإمام الخمینیّ (ره) الذی كان أشبه الناس بالأئمّة المعصومین (علیهم السلام) وقد خلَفَه من بعده مَن هو أشبه الناس به (ره).

وحسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار آیة الله مصباح الیزدیّ فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی قمّ المقدّسة فی جمع من معلّمی ومسؤولی مؤسّسة التربیة والتعلیم فی محافظة كرمان: الناس مهما كانت دیانتهم ومذهبهم یتطلّعون إلى تطوّر مجتمعاتهم ویرغبون فی أن یتربّى الجیل القادم على نحو یوصل المجتمع إلى مُثُله العلیا.
وفی معرض إشارة العلامة مصباح الیزدیّ إلى أنّ بلوغ السعادة والكمال أمر مطلوب وهو محطّ قبول الجمیع أضاف سماحته: هناك خلاف بین المدارس المختلفة فی تشخیصها للسعادة والكمال، ومع تنوّع وتعدّد تلك المدارس فإنّه بالإمكان تقسیمها جمیعاً إلى طیفین رئیسیّین: فالطیف الأوّل یرى الحیاة منحصرة فی عالم المادّة وأنّ ازدیاد اللذّة فی هذه الدنیا هو الباعث لسعادة البشر، أمّا أصحاب الطیف الثانی فیرون أنّ هذا العصر هو أشبه ما یكون بالمرحلة الجنینیّة وعلى الإنسان أن یُهیّئ نفسه فیه للحیاة الحقیقیّة.
وتابع سماحته: على الرغم من الاختلاف الماهویّ بین هذین النمطین من التفكیر إلا أنّهما یشتركان فی نقاط عدیدة من قبیل ضرورة العدالة، والعمل، والحیاة السلمیّة، والإفادة من نِعم الله تعالى.
وتابع عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: على مدى التاریخ الطویل للحیاة البشریّة لم ینتشر فكر الأنبیاء الذی یرى وجود عالم ما وراء هذه الدنیا إلاّ فی مقاطع قصیرة؛ لكنّ هذه المقاطع القصیرة كان لها أثر كبیر بحیث لو تمّ دراسته والتحقیق فیه بإنصاف لاكتُشف أنّ أهمّ عوامل التحضّر الحقیقیّ للبشر كانت تكمن فی اتّباع تعالیم الأنبیاء فی تلك المقاطع الزمنیّة والتی تغیّرت بمرور الزمن و تحوّلت إلى تصرّفات على هیئة آداب وتقالید اجتماعیّة.
وعدّ العلامة مصباح الیزدیّ أنّ عهد ما بعد انتصار الثورة الإسلامیّة هو عهد استثنائیّ فی تاریخ البشر وقال: لقد منّ الله عزّ وجلّ بنعمة عظیمة على الشعب المسلم بواسطة الإمام الخمینیّ (ره) الذی كان أشبه الناس بالأئمّة المعصومین (علیهم السلام) كما وقد خلَفَه من بعده مَن هو أشبه الناس به.
واستطرد سماحته قائلاً: فی مقابل هذه النعمة العظیمة هناك مسؤولیّة ثقیلة مُلقاة على عاتقنا هی أعظم من مسؤولیّة سائر الشعوب والماضین، وهذا الأمر یحتّم علینا مضاعفة الهمم وتكثیف العمل؛ خصوصاً إذا التفتنا إلى أنّنا نعانی ـ لأسباب شتّى ـ من تخلّفات هی من رواسب الماضی.
وفی إشارة إلى أهمّیة مؤسّسة التربیة والتعلیم عدّ سماحته هذه المؤسّسة من أهم المؤسّسات فی البلاد مضیفاً: مهمّة هذه المؤسّسة هی فی سیاق الهدف من حیاة البشر، وفی الحقیقة فإنّ التربیة والتعلیم هما اللذان یتولّیان بناء الإنسان.
وتابع العلامة مصباح الیزدیّ: جمیع الأعمال الاُخرى كتأمین الماء والكهرباء والأمن تتّخذ طابع المقدّمة بالنسبة لعمل هذه المؤسّسة؛ ذلك أنّه إذا أدّت التربیة والتعلیم عملها على نحو جیّد فستبنی أفضل مجتمع وإذا أساءت هذه المؤسّسة عملها فإنّه سیُبنى بدل الناس حیوانات وشیاطین.
وأضاف سماحته: مؤسّسة التربیة والتعلیم هی مؤسّسة تستطیع رفع الإنسان من حضیض الحیوانیّة لتجعل أفراد المجتمع یمتلكون هذه الهمّة العالیة وهی أن لا یقنعوا بالمادّیات ویسعوا لكسب الآخرة.
وتابع العلامة مصباح الیزدیّ القول: حتّى مسألة العدالة هی لیست هدفاً؛ أی لیس الهدف أن یحصل كلّ فرد على حصّته من الملبس والمأكل؛ بل إنّ استتباب العدالة هی مقدّمة لتربیة الناس بالشكل الصحیح، لأنّه وفقاً للرؤیة الكونیّة الإسلامیّة فإنّ حیاة الإنسان الحقیقیّة هی فی عالم آخر وعلى الجمیع الاستعداد والتأهّب لتلك الحیاة.
وأضاف سماحته: قبل الثورة استلهمت التربیة والتعلیم عندنا نموذجاً ناقصاً من أوروبا وكان من أكبر افتخارات أساتذة جامعاتنا حینذاك هی أن یقضوا بضعة أیّام یدرُسون تحت إشراف استاذ أمریكیّ. وكان التوقّع بعد انتصار الثورة الإسلامیّة أن یُركَن هذا الاحتذاء جانباً وتُساق الاستعدادات والمواهب الإلهیّة لشبابنا وطلابنا نحو الإنسانیّة؛ لكنّه على الرغم من سعی المخلصین من أمثال الدكتور بهشتیّ والدكتور باهُنَر لم یُطبّق هذا العمل على أرض الواقع وقد سبقنا الأعداء فی فهم الدور الخطیر لهذین المعلّمَین فاختطفوهما من بیننا.
واسترسل سماحة مصباح الیزدیّ قائلاً: بعد استشهاد أشخاص من قبیل الدكتور بهشتی، ومفتّح، وباهنر، ومطهّری فإنّ معظم الباقین لم یكونوا لیستوعبوا هذه الأفكار بشكل جیّد وكانوا اُسراء الثقافة الغربیّة وإنّ الأشخاص الذین كانوا یمتلكون مثل هذا الفكر كانوا من القلّة بحیث لم یستطیعوا فعل شیء بل وفی بعض الأحیان كان الأشخاص الذین یفكّرون بطرح القیم والمُثُل یُتّهمون بالرجعیّة لكن بحمد الله فقد اُحییت ـ إلى حدّ ما ـ الشعارات الأصیلة للثورة فی الآونة الأخیرة ووجد بعض المسؤولین الجرأة على بیان مثل تلك المسائل.
وأشار العلامة مصباح الیزدیّ إلى حدیث قائد الثورة المعظّم فیما یتعلّق بالتحوّل البنیویّ فی التربیة والتعلیم وقال: المقصود من التحوّل البنیویّ هو أن لا یُكتفَى بتعلیم الناس بل أن یُربّوا أیضاً فی البعد الإنسانیّ. وبناءً علیه لابدّ فی البدء من تشخیص الحكمة من وراء التربیة والتعلیم والحمد لله فإنّه ثمّة أشخاصاً منكبّین على هذا العمل وإن شاء الله سیعرضونه فی المستقبل القریب بشكل مدوّن.
وعدّ سماحته أنّ المشكلة الأساسیّة التی تواجه التحوّل البنیویّ هی فقدان الطاقات البشریّة المناسبة وقال: لابدّ للمتصدّین لهذا العمل أن یتمتّعوا هم بما یكفی من الرشد المعنویّ.
وتابع سماحته: البعض لا یعتبر التدریس إلاّ سبیلاً للارتزاق وینحدر به إلى مستوى أشغال من قبیل نقل الركّاب. وعلى الرغم من أنّه لابدّ للمعلّم أن یكون قادراً على تأمین معیشته من الناحیة المالیّة لكن ینبغی الالتفات إلى أنّ الهدف الأساسیّ للمعلّم لیس هو تأمین لقمة العیش بل بناء الإنسان.
وقال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینی (ره) للتعلیم والأبحاث: لا تقتصر وظیفة المعلّم على التدریس؛ بل على المعلّم أن یعمل فوق ما تملیه علیه التكالیف الرسمیّة المناطة به؛ لأنّ الاكتفاء بالوظائف الرسمیّة المناطة لن یقودنا إلى أیّ تقدّم أو رُقیّ. على المعلّمین أن یعوا أنّ أیّ قول أو فعل یصدر منهم فإنّ له أثراً تربویّاً فی نفوس التلامیذ، ومن هذا المنطلق یتحتّم علیهم الإحاطة بالمسائل التربویّة العامّة والعمل بها.
وأشار العلاّمة مصباح الیزدیّ إلى أنّ حصر وظیفة المعلّم بالتدریس ناشئ من رؤیة غربیّة وقال: لكنّ هدفنا هو بناء الإنسان؛ إذن علینا السعی لتقدیم ما یتعدّى الوظائف المناطة بنا.
ورأى آیة الله مصباح أنّ من وظائف المعلّم الاُخرى هی منح البصیرة الاجتماعیّة وأضاف: عیلنا أن نربّی التلامیذ بالكیفیّة التی تمكّنهم من إدراك الاُمور بأنفسهم؛ لا أن نملی علیهم آراءنا.
وتابع العلامة مصباح الیزدیّ قائلاً: إن المرء لن یكون إنساناً إلا إذا أصبح عابداً لله تعالى؛ وإلاّ فإنّ النموّ على صعید المادّیات فقط إنّما هو نموّ حیوانیّ.