آیة الله مصباح الیزدیّ: التصدّی لمرتكبی المخالفات الشرعیّة هو واجب الحكومة الإسلامیّة

قال عضو مجلس خبراء القیادة لدى إشارته ضمنیّاً إلى حدیث بعض المسؤولین المبنیّ على عدم ضرورة التصدّی للمخالفین للأحكام الشرعیّة: بناءً على هذه الرؤیة فإنّه ما كان ینبغی للإمام علیّ (علیه السلام) أیضاً أن یقف بوجه المخالفین بل كان لابدّ له من العمل على الصعید الثقافیّ كی یتمّ إصلاح المجتمع!

قال عضو مجلس خبراء القیادة لدى إشارته ضمنیّاً إلى حدیث بعض المسؤولین المبنیّ على عدم ضرورة التصدّی للمخالفین للأحكام الشرعیّة: بناءً على هذه الرؤیة فإنّه ما كان ینبغی للإمام علیّ (علیه السلام) أیضاً أن یقف بوجه المخالفین بل كان لابدّ له من العمل على الصعید الثقافیّ كی یتمّ إصلاح المجتمع!
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فقد تطرّق رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بجمع من طلبة الجامعات التعبویّین، تطرّق إلى مكانة الدین فی حیاة الإنسان وقال: على الرغم من أنّ هذا البحث یبدو بسیطاً للوهلة الاُولى إلاّ أنّه ینطوی على زوایا معقّدة ومبهمة تؤدی إلى وقوع ذوی الوعی المتدنّی فی الخطأ واستغلالهم من قبل الشیاطین فیعمدون إلى طرح الاُمور بالمقلوب، وقد تبدو منهم أحیاناً زلاّت وانحرافات وعِوَج.
وقال العلاّمة مصباح الیزدیّ مشیراً إلى أنّه طبقاً لعقیدتنا فإنّ أوّل إنسان فی البشریّة كان نبیّاً: فی قدیم الزمان كانت المجتمعات غایة فی البساطة وكانت المسائل المطروحة مسائل بسیطة، لكنّه مع تعاقب الأزمان والنموّ السكّانی الحاصل وتكوّن مجتمعات مختلفة ذات آداب وتقالید وأعراق ولغات شتّى فقد تعقّدت، تبعاً لذلك، متطلّبات البشر.
وفی معرض إشارة سماحته إلى جهود شیاطین الجنّ والإنس المبذولة فی عملیّة صیاغة الدین وإیجاد الانحراف فیه تطرّق إلى الانحرافات التی تعرّضت لها الدیانة المسیحیّة قائلاً: كانت الدیانة المسیحیّة فی زمن من الأزمنة رائجة فی اُوربّا وقد هُیّئت الأرضیّة لأن یستولی أرباب الكنیسة على السلطة وكانت سلطتهم ـ فی الحقیقة ـ تعدّ السلطة العلمیّة والسیاسیّة الوحیدة فی العالم الغربیّ، لكنّ الانحرافات وحبّ الدنیا والفساد الخُلُقیّ التی عمّت الكنیسة قد مهّدت ـ شیئاً فشیئاً ـ لمقدّمات ضعفهم وقد ترافقت تلك الأحداث مع اكتشافات أخذت تخَطِّئ تعالیم الكنیسة.
ونوّه سماحته إلى عدم ارتكاز الكثیر من تعالیم الكنیسة إلى الوحی وقال: مع ظهور البروتستانتیّة والحداثة، فقد تغیّرت مكانة الدین بعد عصر النهضة وقد فقد الدین ـ الذی كان یمثّل فی نظر الغربیّین المسیحیّة فحسب ـ منزلته الأخلاقیّة، والسیاسیّة، والاجتماعیّة، والعلمیّة.
وأضاف عضو مجلس خبراء القیادة: إنّ مسائل العالم الثقافیّة الیوم متّصلة ببعضها وبسبب السیطرة العلمیّة للغرب فقد روّج الأخیر للثقافة الغربیّة، بل إنّنا نشهد بصمات الثقافة الغربیّة حتّى فی بلدنا.
ورأى سماحة مصباح الیزدیّ أنّ الاعتقاد بكون الدین أمراً شخصیّاً وفصله عن السیاسة هما من جملة آثار ثقافة الغرب فی بلدنا وقال: حتّى فی بلادنا وفی زمن بعض الحكومات السابقة فقد كان الساسة والمنظّرون یروّجون للعلمانیّة بشكل رسمیّ وهذا یبیّن انّ شبابنا لا زالوا بحاجة إلى جواب مقنع وواضح لقضیّة «مكانة الدین والإسلام فی حیاة الإنسان».
وقال العلاّمة مصباح الیزدیّ مشیراً إلى الأجوبة المختلفة المطروحة لهذا التساؤل: یعتقد البعض أنّه بمّا أنّ الإنسان فی الماضی كان یعانی من بعض أشكال العجز التی لم یكن باستطاعته توفیرها فقد كان بحاجة إلى الدین، أمّا الیوم ونتیجة للتقدّم العلمیّ والصناعیّ فقد تغیّرت ماهیّة الإنسان أساساً ولم یعد بحاجة إلى الدین؛ فالإنسان الیوم هو طالب للحقّ، ویرید أن یستوفی حقّه من الجمیع حتّى من الله ایضاً؛ هذا إنْ كان هناك ربّ أصلاً !
وأشار سماحته إلى إجابة اُخرى مطروحة لهذا التساؤل قائلاً: یعتقد البعض الآخر أنّ للإنسان ساحات وأبعاداً مختلفة، فكما أنّه یحبّ الفنّ والجمال فهو یحبّ أن یعتقد بأمر غیبیّ. فالحقیقة هی أنّ الدین هو صنیعة ذهن الإنسان، وبما أنّ الإنسان هو محطّ احترام فإنّ كلّ ساحاته تكون محطّ احترام أیضاً، حتّى دینه.
وتطرّق رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى إجابات اُخرى فی هذا المجال وقال: تعتقد طائفة اُخرى أنّه على الرغم من أنّ الدین هو أمر واقعیّ وأنّ الله هو الذی أنزله، لكنّه نزل لزمن خاصّ وإنّ له تاریخ صلاحیّة. فالیوم، ومع تنامی العقل البشریّ والإمكانیّات، لم تعد هناك حاجة إلى الدین، وإنّ الدین ـ فی الحقیقة ـ كان مختصّاً بزمان لم یكن فیه الإنسان قد تكامل بَعد.
وتابع سماحته قائلاً: وتقول جماعة اُخرى أیضاً: مع أنّ الدین هو أمر حقیقیّ وثابت إلاّ أنّ فهم الأشخاص للدین یتغیّر بتغیّر الزمان؛ بمعنى أنّه قد فُهمت فی الماضی من النصوص الدینیّة اُمور معیّنة، أمّا الیوم فتُفهم منها اُمور اُخرى. بل إنّهم تمادوا فی مذهبهم هذا إلى درجة اعتقادهم بأنّه لا یوجد أساساً معنى ثابت لأیّ كلام، وإنّ المخاطَبین هم الذین یصوغون له معنى معیّناً.
وقال آیة الله مصباح الیزدیّ مسترسلاً: البعض أیضاً یعتقد بأنّ الدین هو أداءٌ لظواهر الطقوس مع تغییر فی المضمون. فمثلاً هم یقولون: إنّ الإمام الحسین (علیه السلام) كان شخصاً مقدّساً وصالحاً، لكنّه قُتل فی سبیل «الحرّیة»، إذن ینبغی للإنسان أن یكون حرّاً؛ أی أنّ یصنع ما یشاء؛ وهم بهذا الكلام یجتثّون ـ فی الحقیقة ـ الدین من جذوره.
وفی معرض إشارة العلاّمة مصباح الیزدیّ إلى أمثلة بخصوص ضرورة تنفیذ الأحكام الاجتماعیّة للدین قال سماحته: كان الإمام علیّ (علیه السلام) یسیر فی السوق حاملاً السوط بیده وكان یعاقب من یخالف أحكام الشریعة.
ولدى إشارته ضمنیّاً إلى حدیث بعض المسؤولین المبنیّ على عدم ضرورة التصدّی للمخالفین للأحكام الشرعیّة: بناءً على هذه الرؤیة فإنّه ما كان ینبغی للإمام علیّ (علیه السلام) أیضاً أن یقف بوجه المخالفین بل كان لابدّ له من العمل على الصعید الثقافیّ كی یتمّ إصلاح المجتمع!
وقال سماحته مبیّناً أنّ جهاز الشرطة هو الركیزة لتنفیذ القانون: كما یتصدّى أفراد الشرطة للباعة المتجوّلین والذین یسدّون الطرق أمام المارّة مع أنّهم لا یخلّون بأمن البلاد، ففی المسائل الشرعیّة أیضاً لابدّ من التصدّی للمخالفة أینما حصلت.
واعتبر سماحة مصباح الیزدیّ أنّ من أهمّ واجبات الحكومة الإسلامیّة هی المحافظة على الشؤون الإسلامیّة وقال: إنّه واجب قوّات الأمن أن تتصدّى للمخالفین للأحكام الشرعیّة بالضبط كما تتصدّى لمن یخالف القانون.
وقال العلاّمة مصباح الیزدیّ: یستدلّ البعض فیقول إنّ الدین هو أمر ثقافیّ وبما أنّ العمل الثقافیّ لابدّ أن یكون مقترناً بالاعتدال فإنّ الدین أیضاً یقترن بالاعتدال والمحبّة، لكن لابدّ من القول إنّ هذا الكلام لا یعدو كونه مغالطة وإنّ المشكلة هی فی صغرى القیاس، وهی أنّه على الرغم من أنّ الدین یتضمّن العمل الثقافیّ إلاّ أنّ أحكام الدین لیست كلّها ثقافیّة، فالدین یتضمّن الدفاع، والعقوبات، والقصاص أیضاً.
وقال اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة مستشهداً بآیة من الذكر الحكیم: إنّه لا مجال للعواطف فی تنفیذ أحكام الله تعالى ولا ینبغی إظهار الرأفة فی تنفیذ العقوبات.
ولدى الإشارة إلى الأساس الخاطئ لمثل هذه الرؤیة بالنسبة لمكانة الدین فی الحیاة الاجتماعیّة قال سماحة مصباح الیزدیّ: إذا كان الدین هو ما عرّفه الغربیّون، فلماذا ـ أساساً ـ قامت الثورة الإسلامیّة وسالت دماء الكثیرین فی هذا السبیل؟ ذلك أنّه حتّى فی زمان الطاغوت كان یرتفع من قصر «غلستان» الملكیّ صوت مجلس الغزاء.
وقال آیة الله مصباح الیزدیّ مشیراً إلى أنّ الدین هو بمنزلة البنیة التحتیّة بالنسبة للمجتمع قال سماحته: لابدّ من تبیین هذه المسألة على أحسن وجه؛ وذلك لأنّه لا زال بعض النخب أیضاً لا یعرفون نطاق الدین.

آخرین محتوای سایت

کتاب صوتی «آیین پرواز» منتشر شد.
کتاب صوتی «آیین پرواز» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله مصباح یزدی رضوان‌الله علیه بارگذاری...
راهکارهایی برای تهذیب و خودسازی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
اقسام خدمات ممکنِ پزشکان به جامعه بشریت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ...
ارزش واقعی لحظات زندگی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...