آیة الله مصباح الیزدیّ: إنّ الفتن هی امتحانات إلهیّة وإنّ النجاح فی أحدها یتبعه التعرّض لامتحان هو أكثر صعوبة ومشقّة من سابقه

قال عضو مجلس خبراء القیادة: إنّنا إذا أحطنا أحداً بالدعم فذلك لأنّه على خطّ الإسلام، أمّا إذا شوهدت بوادر الانحراف فی شخصه أو فی المحیطین به فإنّنا نذكّره أوّلاً، فإن لم یرتّب على ذلك أثراً فسوف نغیّر اُسلوب التعامل معه.

قال عضو مجلس خبراء القیادة: إنّنا إذا أحطنا أحداً بالدعم فذلك لأنّه على خطّ الإسلام، أمّا إذا شوهدت بوادر الانحراف فی شخصه أو فی المحیطین به فإنّنا نذكّره أوّلاً، فإن لم یرتّب على ذلك أثراً فسوف نغیّر اُسلوب التعامل معه.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فإنّ رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث ولدى لقائه بكوكبة من قادة حرس الثورة الإسلامیّة أشار إلى مفهوم الاستقامة ذاكراً نماذج متعدّدة منها فی القرآن الكریم ثمّ تطرّق إلى شرح الآیة 112 من سورة هود فقال: حتّى النبیّ الأكرم (صلّى الله علیه وآله) قد أمره الله بالاستقامة، والحال أنّه كان یسعى بكلّ مثابرة وإخلاص فی سبیل هدایة البشر وكان شدید الحرص على أداء هذه المهمّة.
وعبر إیراد حدیث نبویّ شریف بیّن سماحته أهمّیة الاستقامة وأضاف: بإمعان النظر فی الأحداث التاریخیّة التی جرت على جمیع الأنبیاء والأئمّة المعصومین (علیهم السلام) وأتباعهم یمكننا استنتاج مدى أهمّیة هذه المسألة. فلم یكونوا قلّة اُولئك الذین قبلوا دعوة الأنبیاء، وآمنوا بهم، وأدّوا ما علیهم من فرائض عبادیّة، بل وجاهدوا فی سبیل الله أیضاً، لكن كثیر منهم فی وسط الطریق عجزوا عن مواصلة الدرب ولم یبلغوا نهایته؛ ولیس أنّهم عجزوا عن المواصلة فحسب بل ورجعوا القهقرى والتحقوا بصفوف العدوّ. عندما یستعرض المرء هذه الصور یفهم لماذا یؤكّد الباری عزّ وجلّ كلّ هذا التأكید على ضرورة التحلّی بالاستقامة، فإنّكم إن وضعتم أقدامكم على بدایة طریقٍ حقّ لا تتخیّلوا أنّ الخطوة الاُولى هذه كافیة، إذ لابدّ أن تثبتوا بالكامل على جادّة الطریق حتّى اللحظة الأخیرة والخطوة النهائیة، فلا تركنوا إلى حاشیة الطریق، ولا تبتعدوا عنها، ولا تسلكوا طریقا مغایرة، ولا تنحرفوا عنها.
وبیّن العلامة مصباح الیزدیّ أنّ القرآن الكریم أشار فی موارد متعدّدة إلى قصّة قوم بنی إسرائیل مؤكّدا على ضرورة استخلاص العبر من هذه القصص وقال: بنو إسرائیل الذین عاشوا لسنوات طوال عبیداً لفرعون كانوا قد نجوا من قبضته على ید النبیّ موسى (على نبیّنا وآله وعلیه السلام)، وعلى الرغم من مشاهدتهم لمعجزات نبیّهم، وانكسار شوكة آل فرعون، وغرقهم فی الیمّ بأمّ أعینهم إلاّ أنّهم وبمجرد مشاهدتهم لمراسم ومغریات جماعة من عَبَدة الأوثان طلبوا من نبیّهم موسى (علیه السلام) أن یجعل لهم إلهاً كإله عبدَة الأصنام هؤلاء. فانعدام البصیرة هذا كان هو السبب من وراء انحرافهم الأمر الذی جعل الله تعالى یختم على جباههم بختم الذلّة والمهانة الدائمیّین.
وألمح عضو مجلس خبراء القیادة إلى أنّه بانتصار الثورة الإسلامیّة تخلّص الشعب الإیرانیّ من نیر الهیمنة الأمریكیّة وأضاف قائلاً: لقد منحت الثورة الإسلامیّة الشعبَ الإیرانیّ العزّة وهذا هو الذی دعا أمریكا الیوم ـ على الرغم من كلّ ما تكنّه لإیران من العداء ـ إلى الإذعان بأنّ العدید من المشاكل والأزمات الدولیّة لا یمكن حلّها إلا بتدخّل من إیران، بل وقد طالبت إیرانَ بمساعدتها فی الخلاص من مستنقع العراق وأفغانستان، فی حین أنّ التسلط الأمریكیّ على إیران كان قد وصل فی ما مضى إلى حدّ أنّ الجنود الإیرانیّین كانوا یحاربون فی دول اُخرى ویضحّون بأرواحهم من أجل تأمین أهداف أمریكا، وهذه العزّة لم تُنَل إلا فی ظلّ الإسلام.
وقال آیة الله مصباح الیزدیّ: إذا تمّ جرّ الشعب الإیرانیّ یوماً إلى مهاوی الانحراف، فسوف تذهب هذه العزّة أیضاً أدراج الریاح، بالضبط كقوم بنی إسرائیل الذین على الرغم من خلاصهم ـ فی ظلّ الإیمان بالله ـ من وطأة ذلّ فرعون بید أنّ انحرافهم فیما بعد جرّهم مرّة اُخرى إلى ظلمات الذلّة والهوان. بمعنى أنّه من أجل الحفاظ على هذه العزّة فإنّه لابدّ من الاستقامة.
كما وعرّج العلامة مصباح الیزدیّ فی حدیثه على وقائع صدر الإسلام وعاقبة الزبیر وقال: إنّ جذور انحرافات بلد أو اُمّة إنّما تنبثق من شعب ذلك البلد وقد أظهرت التجارب على مرّ التاریخ أنّ قادة العدید من التیّارات المنحرفة فی الاُمم كانوا یوماً حاملین للواء تلك الاُمم ومن ذوی المناصب الحسّاسة فیها وهؤلاء هم الذین وطّأوا لذلّ اُممهم ومسكنتها. وإنّه من هذا المنطلق یأتی تأكید الله تبارك وتعالى على مسألة الاستقامة.
وعبر بیان اُستاذ الحوزة العلمیّة بأنّه لابدّ من انقضاء أعوام متمادیة من أجل الوقوف على عمق وعظمة الخطر الذی أحدق بالإسلام وإیران الإسلامیّة نتیجة الفتنة الأخیرة، أضاف سماحة مصباح الیزدیّ قائلاً: نلاحظ فی الفتنة الأخیرة أیضاً والتی رفع الله سبحانه وتعالى خطرها عن الشعب الإیرانیّ أنّ الذین قادوا الفتنة كانوا ممّن شغلوا فی یوم من الأیّام مناصب مهمّة وحسّاسة فی البلاد.
وتابع العلامة مصباح الیزدیّ القول: على الرغم من أنّ الفتنة الأخیرة قد دُفعت عن البلاد، لكنّ مواقعهم ووسائل إعلامهم لا زالت تمارس نشاطاتها وحتّى إنّها تتّهم حكومة الإمام الراحل (رحمة الله علیه) بالدكتاتوریّة، وتروّج للتعدّدیة، وتطالب بصراحة بالجمهوریّة الإیرانیّة عوضاً عن الجمهوریّة الإسلامیّة.
وأوضح سماحته أنّ الفتن هی امتحانات إلهیّة وأنّ النجاح فی أحدها یتبعه التعرّض لامتحان هو أكثر صعوبة ومشقّة من سابقه وقال: لیس من السهل التنبّؤ بالفتنة التالیة، ذلك أنّه إذا كُشفت أسئلة الامتحان فلن یعود امتحاناً أساساً، لكنّه بالتمعّن فی النقاط التی تشترك فیها جمیع الفتن السابقة یمكن الاستنتاج بأنّ أساس الفتنة القادمة هو أیضاً مخالفة ولایة الفقیه والقائد.
وفی إشارة لاُستاذ الحوزة العلمیّة فی قمّ المقدّسة إلى أنّ هذه الحكومة عُرفت فی العالم باسم ولایة الفقیه أضاف سماحته: إنّ عمود خیمة الحكومة الإسلامیّة هو ولایة الفقیه وإنّ جمیع الفتن التی اُثیرت منذ بزوغ فجر الثورة الإسلامیّة وإلى یومنا هذا كانت وجهتها مخالفة القیادة، ومن هنا یتعیّن علینا فی المرحلة الاُولى أن نعدّ أنفسنا وننمّی معلوماتنا واطّلاعنا فی هذا المجال كی نتمكّن من الإجابة [على الشبهات] بشكل أفضل وأكمل، ثمّ نسعى فی المرحلة التالیة إلى تحصین المحیطین بنا والحفاظ علیهم لئلا یخرجوا عن جادّة الإسلام.
واسترسل العلامة مصباح الیزدیّ فی كلامه قائلاً: اُولئك الذین یستبدلون ـ بلا حیاء ـ مصطلح «إیران» بمصطلح «الإسلام» لیسوا منّا، ذلك أنّهم لو كانوا فعلاً سائرین على خطّ الإمام الخمینیّ الراحل (ره) لكانوا قد لاحظوا أنّه ما من خطبة أو كلمة للإمام (ره) إلاّ وذكر فیها الإسلام عشرات المرّات!
وأشار سماحته إلى أنّ العلّة فی اتّباع الإمام (ره) هی أنّه ـ رحمة الله علیه ـ كان قد جعل روح الإسلام تدبّ فی جسد الاُمّة وقال: إنّ الذی رفدَنا فی هذا العصر بالعزّة والمنَعة هو الإسلام، وإذا کنّا قد أحطْنا شخصاً معیّناً بالدعم فلأنّه یدافع عن الإسلام ویسیر على خُطى القائد حیث إنّ القائد نفسه أیضاً هو نائب صاحب الأمر (عجّل الله تعالى فرَجه الشریف)، وإلا فإنّه إذا انحرف عن خطّ الإسلام والقائد فلن تعود له أیّ قیمة عندنا.
وأضاف سماحته: أیّ شخص یدافع عن الإسلام فنحن نقدّم له الدعم، لكنّه إذا انحرف فإنّنا نذكّره وننصحه فی بادئ الأمر، فإن لم یرتّب أمثال هؤلاء أثراً على ذلك فسوف یُصار إلى اتّخاذ اُسلوب آخر فی التعامل معه.
هذا وقد جرى هذا اللقاء یوم التاسع من آب 2010م فی مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.

آخرین محتوای سایت

کتاب صوتی «آیین پرواز» منتشر شد.
کتاب صوتی «آیین پرواز» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله مصباح یزدی رضوان‌الله علیه بارگذاری...
راهکارهایی برای تهذیب و خودسازی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
اقسام خدمات ممکنِ پزشکان به جامعه بشریت
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلامُ...
ارزش واقعی لحظات زندگی
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم الْحَمْدُللهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَالصَّلَوةُ وَالسَّلامُ...
تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...