العلامة مصباح الیزدیّ: الولایة المطلقة للفقیه مقیّدة بأحكام الإسلام وهی الضامنة للمصالح الاجتماعیّة

الاجتماع الثامن من سلسلة الاجتماعات المكرّسة لتبیین ولایة الفقیه على أساس علمیّ عُقد فی المدرسة الفیضیّة بحضور جمع غفیر من طلبة العلوم الدینیّة والمهتمّین بهذه القضیّة وكان المُحاضِر هو سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ.

الاجتماع الثامن من سلسلة الاجتماعات المكرّسة لتبیین ولایة الفقیه على أساس علمیّ عُقد فی المدرسة الفیضیّة بحضور جمع غفیر من طلبة العلوم الدینیّة والمهتمّین بهذه القضیّة وكان المُحاضِر هو سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ.
ووفقاً لتقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فقد قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ المقدّسة فی هذا الاجتماع بعد فصله بین المسائل الفردیّة والمسائل الاجتماعیّة: فی المسائل الفردیّة إذا تصرّف كلّ شخص وفقاً لفتوى المرجع الذی یقلّده فلن یتسبّب ذلك فی أیّة مشكلة، أمّا فی المسائل الاجتماعیّة فلابدّ من وجود رأی واحد كی لا یحصل خلل فی النظم. وفی إشارة لسماحته إلى الأمر الذی أصدره الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه) من أجل تحریر مدینة «خرّمشهر» قال: لقد أصدر الإمام هذا الأمر فی وقت كانت المشاركة فی الحرب حسب اجتهاد بعض الأشخاص غیر جائزة، فلو لم یكن الإمام (ره) قد أصدر هذا الأمر ولو أنّ الناس فی حینها لم یتّبعوه فإنّه من غیر المعلوم أیّ بلاء كان سیحلّ بنا وببلادنا فی زماننا الحاضر.
واعتبر سماحته أنّ من خصوصیّات الاُمور الاجتماعیّة هی تقاطع مصالح الأفراد فیما بینها وأضاف: المسائل الحكومتیّة هی تلك الاُمور التی ینبغی مراعاتها فی حیاة الفرد الاجتماعیّة بحیث لو عُهد بها إلى نفس أفراد المجتمع لنشب الخلاف فیما بینهم علیها ولكان مصیر مصالحها إلى التبدّد وبالنتیجة سیؤدّی ذلك إلى النزاع والصراعات وإلى فناء المجتمع فی النهایة. ففی مثل هذه المواطن لابدّ من وجود حكم رسمیّ واحد یلتزم به الجمیع.
ورأى آیة الله مصباح الیزدیّ فی سیاق حدیثه أنّ وجود متصدٍّ خاصّ للمصالح الاجتماعیّة أمر ضروریّ، ومن خلال بیان بضعة أمثلة تطرّق إلى هذه النقطة وهی: إذا لم یتصدّ شخص بعینه لحمایة المصالح الاجتماعیّة فإنّه لن یُصار إلى تأمینها وسیُبتلى المجتمع بالهرج والمرج الأمر الذی سیؤول إلى اختلال النظام.
وتطرّق سماحته إلى الأحكام القضائیّة والمسائل المستحدثة كمصادیق اُخرى للأمور الاجتماعیّة مشیراً إلى أنّ نتیجة العمل بها وفقاً للفتاوى المختلفة هی وقوع الناس فی حیرة من أمرهم. وبناءً على ذلك فإنّنا بحاجة فی مثل هذه الموارد إلى جهاز یكون كلامه فصل الخطاب للجمیع وهو قادر على حلّ النزاعات.
واستمراراً فی كلامه اعتبر سماحته المسائل المتعلّقة بالحرب والسلم وأمثالها أیضاً من جملة هذه الاُمور وقال: على الرغم من معرفتنا بالحكم الإسلامیّ العامّ فی مثل هذه الموارد وإمكانیّة وصولنا للحكم عبر رجوعنا إلى القرآن والسنّة، لكنّ الإشكال یكمن فی تشخیص الموارد الخاصّة من أنّه: هل هذا المورد تحدیداً هو من قبیل ما یجب فیه الدخول فی السلم أم یتعیّن فیه مواصلة الحرب؟ فما من عاقل یقبل بأنّ الشارع المقدّس فی مثل هذه المواطن یرضى بنشوب الاختلاف فی المجتمع الإسلامیّ، إذ أنّ الاختلاف فی مثل هذه الموارد یؤدّی بالمجتمع ـ من الناحیة العملیّة ـ إلى الهرج والمرج ومن ثمّ إلى الزوال والفناء.
وقال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث: إنّ أفضل حلّ لهذه الحالة هو أن یتصدّى المعصوم لمسند الحكومة وأن یكون جمیع عمّاله معصومین كی تُنفّذ جمیع أحكام الإسلام فی المجتمع على أتمّ وجه، إلاّ أنّ ذلك لا یتحقّق عملیّاً، لأنّنا نعلم أنّه على فرض تصدّر المعصوم للحكومة فإنّ عمّاله لا یكونون معصومین، وحتّى فی زمان حكومة الإمام علیّ (علیه السلام) كانت الظروف فی بعض المواطن لا تسمح بتنفیذ القانون الإسلامیّ.
ولدى استشهاده بآیات من الذكر الحكیم قال سماحته: إنّ تكلیف الحاكم الإسلامیّ هو تنفیذ أحكام الإسلام طالما وجد إلى ذلك سبیلاً حتّى ولو لِنَفر قلیل من الناس.
وأضاف العلامة مصباح الیزدیّ مبیّناً مقاطع من روایة «مقبولة عمر بن حنظلة»: هذه الروایة تعرّف الفقهاء بعنوان کونهم حكّاماً حتّى فی زمان حضور الإمام المعصوم (علیه السلام) من أجل أن تُجرى ولو بعضٌ من أحكام الإسلام بل هی ترفع المخالفة للفقهاء لتوصلها إلى حدّ الشرك بالله؛ من هذا المنطلق فإنّه إذا تسنّى للفقیه أن ینفّذ حكم الإسلام فی المجتمع فی جمیع المسائل الحكومتیّة فإنّه یتعیّن علیه النهوض بهذا التكلیف ولیس له الحقّ فی أن یتركه وهذه هی ما یطلق علیها «الولایة المطلقة للفقیه».
وتابع سماحة مصباح الیزدیّ مشیراً إلى أنّ بعض المسؤولین فی السابق ـ ومن دافع الجهل أو الخیانة ـ جعلوا الولایة المطلقة للفقیه فی مقابل الولایة المقیّدة بأحكام الإسلام وقال: ادّعى البعض أنّ الولایة المطلقة للفقیه تعنی الحكومة الغیر المقیّدة بأحكام الإسلام والتی للحاكم فیها أن یتصرّف بما تملیه علیه مصالح المجتمع حتّى وإن خالف فی ذلك أحكام الإسلام.
وردّاً على هذا الزعم اعتبر آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الهمّ الأكبر للإمام الراحل (رحمه الله) كان الإسلام وأضاف: إنّه لیس للولیّ الفقیه الحقّ فی العمل إلاّ ضمن إطار أحكام الإسلام؛ بالطبع إنّ أحكام الإسلام لا تقتصر على الأحكام الأوّلیة بل هی تتضمّن الأحكام الثانویّة أیضاً. وإنّه فی الموارد التی یُصار فیها إلى العمل بالحكم الثانویّ للإسلام وفقاً لما تملیه المصلحة، فإنّ حكم الإسلام هنا ـ فی الحقیقة ـ هو ذات الحكم الثانویّ.
یُذكر أنّ العلامة مصباح الیزدیّ جلس فی ختام محاضرته للردّ على أسئلة الحضور.
وقد اُقیمت هذه المراسم فی المدرسة الفیضیّة بدعم كلّ من جماعة المدرّسین المحترمین فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة، والمجلس الأعلى للحوزة العلمیّة، ومركز الدراسات والأبحاث الإسلامیّة التابع للحوزة العلمیّة، والأمانة العامّة لمجلس خبراء القیادة.
 

آخرین محتوای سایت

تحصیلات دینی خواهران؛ ضرورت‌ها و موانع
بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین و صلّی الله علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین...
القرآن الكريم دواء أصعب الأمراض
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين. اللهُمّ...
کتاب صوتی «بدرود بهار» منتشر شد.
در واپسین روزهای ماه مبارک رمضان، کتاب صوتی «بدرود بهار» در پایگاه اطلاع‌رسانی آثار حضرت‌آیت‌الله...