العلاّمة مصباح الیزدیّ: على الرغم من تأكید الإمام الراحل (ره) وقائد الثورة المعظّم على أسلَمَة العلوم الإنسانیّة لكنّنا، وبعد مضیّ أكثر من ثلاثین عاماً، لم نصب نجاحاً ملموساً فی هذا المجال ولا زلنا نقتات على فتات العلوم الإنسانیّة للغرب

قال عضو مجلس خبراء القیادة: لم تكن فتنة العام المنصرم مجرّد خصام سیاسیّ أو منافسة بین حزبین، بل كان منشؤها هشاشة الفكر؛ ذلك أنّ البعض ـ حقیقةً ـ لم یفهم الإسلام وولایة الفقیه، ویحسب أنّ الأحكام الإسلامیّة قد انقضت صلاحیّتها، ویتصوّر أنّ الإمام قد استخدم الحیلة فی إضفاء الصبغة الإسلامیّة على الثورة وطرْح ولایة الفقیه.

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فإنّ رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ المقدّسة قد أشار لدى لقائه بجمع من مسؤولی وزارة الدفاع إلى الدور الحیویّ للعلوم الإنسانیّة قائلاً: لقد كانت قضیّة العلوم الإنسانیّة محطّ تأكید متواصل من قبل الإمام الراحل (رحمة الله علیه) وقائد الثورة المعظّم، لكنّ المؤسف أنّنا بعد مضیّ أكثر من ثلاثین عاماً لم نصب نجاحاً ملموساً فی هذا المجال ولا زلنا نقتات على فتات العلوم الإنسانیّة للغرب.
وأكّد العلاّمة مصباح الیزدیّ على أنّ الإنجازات العظیمة تنشأ من فكرة صغیرة، وقال: هذه المسألة بالغة الجدّیة ولابدّ من طرح هذا البحث فی كلّ مكان وإطالة التفكیر فیه كی یتحوّل شیئاً فشیئاً فی بلادنا إلى موضوع اجتماعیّ وإسلامیّ مفتوح للمناقشة.
وفی معرض إشارة آیة الله مصباح الیزدیّ إلى أنّ أشخاصاً من أمثال الشهید البهشتیّ والشهید المطهّری قد أكّدوا قبل الثورة أیضاً على ضرورة أسلمة العلوم الإنسانیّة، تابع مضیفاً: للأسف فمنذ اللحظات الاُولى كان هناك أشخاص یعتقدون بأنّه لیس بمقدور الإسلام تلبیة حاجات الإنسان فی كافّة المیادین، ولابدّ من الإفادة من الأنظمة الاُخرى، والآن وبعد انقضاء 32 عاماً من عمر الثورة الإسلامیّة فإنّه لم ینجَز على هذا الصعید أیّ عمل ملموس.
وألمح سماحته إلى أنّ عملیّة أسلمة العلوم الإنسانیّة تحتاج إلى أبحاث ودراسات أساسیّة وهی لیست ذات مردود سریع، وأضاف: مع الأسف فانّ مسؤولی النظام یمتازون بالروحیّة البراغماتیّة فهم دوماً یفتّشون عن الأعمال ذات المردودات السریعة، ومن حیث إنّ الاقتصاد الإسلامیّ ـ على سبیل المثال ـ یحتاج إلى دراسة وأبحاث معمّقة وأساسیّة تتطلّب زمناً طویلاً، فإنّهم سرعان ما یركنونها جانباً متبنّین نظریّات اقتصادیّة اُخرى.
وتطرّق سماحة العلاّمة مصباح الیزدیّ إلى الفتنة الأخیرة وقال: لم تكن فتنة العام المنصرم مجرّد خصومة سیاسیّة أو منافسة بین حزبین، بل كان منشؤها هشاشة الفكر؛ ذلك أنّ البعض ـ حقیقةً ـ لم یفهم الإسلام وولایة الفقیه، ویحسب أنّ الأحكام الإسلامیّة قد انقضت صلاحیّتها.
ومن خلال تأكید عضو مجلس خبراء القیادة على أنّ مشكلة البلاد الأساسیّة هی انعدام الفكر الإسلامیّ الأصیل، قال سماحته: عندما یقول رئیس جمهوریّة البلاد السابق وهو رجل دین: إنّنی أقبل بولایة الفقیه لأنّها وردت فی الدستور، فهذا یدلّ على: أنّها لو لم تأت فی الدستور فإنّنی لا أقبل بها، وهذا یعنی أیضاً: أنّه لمّا كان الدستور قابلاً للتغییر، فإنّه بالإمكان حذف ولایة الفقیه منه فی المستقبل. فعندما یحمل المسؤول التنفیذی الاول فی البلاد مثل هذه الأفكار، فما الذی نتوقّعه من الآخرین حینئذ؟
ونوّه سماحته الى كلام الإمام (رضوان الله تعالى علیه) بخصوص تصدیر الثورة إلى العالم فقال: إنّ تصدیر الثورة یعنی تصدیر الإسلام؛ أی لابدّ من أن تصل الثقافة الإسلامیّة إلى مسامع سكّان المعمورة كی یتیقّظوا، وإنّ ماهیّة الإسلام ثقافیّة؛ بمعنى أنّه یرتكز على المعتقدات والقیم، لكنّه ما من عمل اُنجز لحدّ الآن على صعید الثقافة الإسلامیّة حتّى داخل جامعات البلاد.
وقال آیة الله الیزدیّ مؤكّداً على ضرورة إجراء تحوّل ثقافیّ: إنّ لسلك علماء الدین دوراً فعّالاً فی عملیّة التغییر الثقافیّ، غیر أنّ تمهید الأرضیّة لذلك وتوفیر الإسناد لهذه العملیّة هما من مسؤولیّة الحكومة، وإذا لم یتابَع هذا التحوّل الثقافیّ، أو فلنقل الثورة الثقافیّة، متابعة جدّیة، فإنّه من غیر المعلوم إلى ماذا ستؤول الاُمور فی المستقبل مع وجود كلّ هذه الثقافات الإلحادیّة.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى یوم 3 تشرین الأوّل 2010م فی مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ.