آیة الله مصباح الیزدیّ: كلّ منهج تربویّ فهو ناقص ما خلا المنهج التربویّ الدینیّ

قال اُستاذ حوزة قمّ العلمیّة فی ملتقى حول التربیة الدینیة: إنّ كلّ منهج تربویّ ما خلا المنهج التربویّ الدینیّ فهو ناقص.

وأثنى سماحة آیة الله الیزدیّ فی هذا الملتقى على القائمین به واعتبره منقطع النظیر من جهات عدّة. وعدّ سماحته التربیة بأنّها تهیئة للمقدّمات والظروف لنموّ كائن ما ووصوله إلى الكمال، وقال تبیاناً لمثال بهذا الخصوص: من أجل إنماء شجرة وإیصالها إلى الكمال ینبغی على المرء أن یضع حدّ كمالها فی حسبانه وأن یبذل جهده لبلوغ هذا الحدّ؛ أی علیه منذ البدء أن یعلم بمدى قابلیّة هذه الشجرة.

وقال سماحته: إنّ معرفة حدّ الكمال لشجرة ما وطریقة إیصالها لهذا الحدّ یحصل فی ظلّ التجربة وعلى مدى سنوات. وأضاف: بالنسبة للإنسان أیضاً فإنّه یتعیّن ابتداءً من أجل تربیته وإنمائه معرفة الحدّ لكماله كی یوضَع هذا الحدّ هدفاً ویُبحث عن الطرق المتنوّعة لبلوغه؛ لأنّ تربیة الإنسان تعنی إیصاله إلى الكمال.

وفی معرض إشارته إلى نواقص العلوم التجریبیّة قال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث: غایة ما یمكن للتجربة ان تصل إلیه بخصوص الإنسان هو فی حدود المسائل المتعلّقة بجسمه ومهاراته لیس إلاّ، أمّا ماهیّة الإنسان الحقیقیّة وحدّ كماله فهما غیر قابلین للتجربة؛ إذ لیس للتجربة سبیل إلى الجهات الروحیّة والمعنویّة للإنسان.

وفی إشارة إلى الأعمال الغیر الطبیعیّة لبعض المرتاضین أضاف سماحته: إنّ العلوم التجریبیّة لم تتمكّن حتّى من دراسة وتبیین أفعال المرتاضین على الرغم من إمكانیّة تعلیم تلك الأعمال وتعلّمها؛ فأنّی لتلك العلوم أن تُخضع أفعال الأنبیاء ومعجزاتهم للتجربة كی تتمكّن فی النهایة من التعرّف على كمال الإنسان؟!

واستطرد اُستاذ الأخلاق العلاّمة الیزدیّ قائلاً: لمّا كان الإنسان یتمتّع بظرفیّة عالیة هی غیر قابلة للتجربة، فإنّه من غیر الممكن أیضاً التعرّف على ماهیّته وحدّ كماله عن هذا الطریق. ومن خلال بیان سماحته نعرف أنّه من أجل تحدید الطریق لابدّ من تعیین الهدف، وقد أكّد على أنّ الهدف من وراء تربیة الإنسان هو كماله، أضاف: إذا كانت ماهیّة كمال الإنسان هی ممّا لا یمكن معرفته، فأنّى لنا أن نتصوّر طریقاً لبلوغ هذا الكمال.

وأضاف عضو مجلس خبراء القیادة: الطریق الوحید الذی یمكن سلوكه للعثور على نهج تربیة الإنسان ونموّه وكماله هو الرجوع إلى خالق الإنسان؛ وبناءً علیه فإنّ أیّ منهج تربویّ ما خلا المنهج الدینیّ هو منهج ناقص وغیر قادر على إیصال الإنسان إلى الكمال المطلوب.

وفی الختام قال سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: إنّ الذی باستطاعته تعیین مربٍّ للإنسان هو ذلك الذی یعرف الهدف من خلقة الإنسان والحدّ لكماله؛ إذن فما من نهج تربویّ یمكن أن یكون كاملاً إلاّ النهج الدینیّ.

ومن الجدیر بالذكر أنّ ملتقى «التربیة الدینیّة فی المجتمع الإسلامیّ المعاصر؛ الاُسُس والحلول» قد اُقیم صباح یوم الخمیس 2009/10/29 فی قاعة المؤتمرات التابعة لمؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.