سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: امتلاك البصیرة فی المسائل السیاسیّة والاجتماعیّة للمجتمع هی من أهمّ وظائف الساعة لطلبة العلوم الدینیّة

قال سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ: إنّها لمن السنن الإلهیّة أن یتعرّض حتّى أقرب الناس إلى المعصومین (علیهم السلام) والقیادة إلى الامتحان.

وأشار استاذ الحوزة العلمیّة فی قمّ المقدّسة فی حفل إلباس «العمامة» لجمع من طلاب مدرسة المعصومیّة العلمیّة إلى وضع عالم الیوم قائلاً: على مدى تاریخ الإنسانیّة فإنّ قوى أعداء الدین لم تحتشد فی مواجهة الدین كما احتشدت الیوم، ومن ناحیة اخرى فإنّ النِّعم والألطاف الإلهیّة وعنایات صاحب الأمر (عجّل الله تعالى فرجه) لم تُغدَق على المؤمنین بالمقدار الذی تُغدَق فیه الیوم. وأضاف سماحته: فكما أنّ أكثر الأخطار جسامةً تهدّد المؤمنین الیوم، فإنّ أضخم الإمكانیّات تتوفّر فی وقتنا الحاضر من أجل نشر الدین.

وعدّ سماحة الیزدیّ أنّ استهداف الإیمان والمعتقدات الدینیّة من قِبل أعداء الإسلام هو من جملة تلك الأخطار وقال: لقد جعل الأعداء إیمان الشباب هدفاً لهم من خلال التشكیك بحقّانیة الدین والوحی والكلام الإلهیّ وزرع الشبهات فی هذا المضمار.

واعتبر العلامة مصباح الیزدیّ أنّ الغفلة عن الله تعالى واضمحلال القیم الأخلاقیّة فی المجتمع هی من الأخطار الأخرى وأضاف: إنّ خداع الدنیا والغفلة عن الله لم یكونا یوماً بشدّة وتنوّع ما هما علیه فی الوقت الحاضر.

ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ بثّ المغالطات والشبهات فی مجال القضایا السیاسیّة هی من أهمّ الأخطار فی الظروف الحالیّة وأنّ التحلّی بالبصیرة هو السبیل الوحید للنجاة من هذه الأخطار.

وأكّد سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ علی أنّ الرؤیة الثاقبة فی المسائل العقائدیّة والردّ على الشبهات العقائدیّة، وبناء النفس ومراعاة تقوى الله، والبصیرة والوعی فیما یتعلّق بقضایا الساعة هی التكالیف الثلاثة الخطیرة التی تقع على عاتق طلاب العلوم الدینیّة، وقال: بالنظر إلى أنّ أساس نشاط الحوزات العلمیّة هو الدفاع عن الدین ونشر الفضائل الدینیّة فإنّ خطر انعدام البصیرة فی المسائل السیاسیّة للمجتمع فی زماننا الحاضر یفوق غیره من الأخطار؛ وذلك لأنّ خطر العالِم الزاهد الغیر المطّلع على القضایا الاجتماعیّة لا یقلّ أحیاناً عن خطر الجاهل الفاسق.

وأشار سماحته إلى نعمة ولایة الفقیه وخصوصیّات قائد الثورة المعظّم قائلاً: علینا أن نشكر الله عزّ وجلّ دائماً على نعمة ولایة الفقیه وعلى تصدّی شخصیّة فذّة كهذه الشخصیّة لمنصب قیادة النظام الإسلامیّ. وأضاف سماحته: لا یوجد فی زماننا الحالیّ مرجع دینیّ هو أصلح من قائد الثورة الإسلامیّة المعظّم فی تشخیصه للمصالح الاجتماعیّة وإصداره للأحكام الحكومتیّة، وإنّه یتوجّب علینا من أجل معرفة تكالیفنا أن نكون مطیعین وكلّنا آذاناً صاغیة لأوامر الولیّ الفقیه؛ لأنّ معنى ولایة الفقیه ـ أساساً ـ هو هذا.

وأردف سماحته القول: إنّ وجود شخص جامع للشرائط من أجل إصلاح المجتمع غیر كاف لوحده، إذ أنّ الانحراف كان موجوداً أیضاً على عهد المعصومین (علیهم السلام) ولم یكن ذلك مؤشّراً على وهن فی إدارتهم أو ضعف فی الدین، بل هی السنّة الإلهیّة التی تقتضی بأن تتوفّر على الدوام ظروف تمهّد الأرضیّة لاختیار أفراد المجتمع بین سبیلَی الحقّ والباطل وبعبارة اُخرى تهیّئ البیئة للامتحان الإلهیّ.

وأضاف العلامة الیزدیّ: الیوم أیضاً فإنّ عدم إصلاح المجتمع لا یشیر إلى ضعف فی إدارة الحكم أو فی الدین بل إنّها السنّة الإلهیّة التی تقضی بأن یخضع جمیع الأشخاص وحتّى أقرب المقرّبین إلى القائد بشكل مستمرّ للاختبار.

واعتبر سماحته أنّ الانخراط فی سلك طلاب العلوم الدینیّة هو بمثابة التجنّد والتسلّح للذود عن حیاض الإسلام وقال: یتعیّن على طلاب العلوم الدینیّة أن یتحلّوا بالبصیرة على صعید إدراك القضایا السیاسیّة، وفی ظروف البلاد الراهنة فإنّ السعی لنیل تلك البصیرة ومعرفة التكلیف من دون نیّات سیّئة لهو عبادة.

وفی جانب آخر من الحدیث رأى سماحة العلامة الیزدیّ أنّ الذین یرغبون فی التلبّس بزیّ علماء الدین إنّما هم جنود وردوا للتوّ فی دائرة خُدّام صاحب الأمر (عجّل الله تعالى فرجه الشریف) مخاطباً هؤلاء الطلبة بالقول: إنّكم قد وضعتم أقدامكم على طریق تُعدّ كلّ خطوة لكم فیه عبادة وحتّى أعداء الدین فإنّهم یتذكّرون الدین إذا نظروا إلیكم.

وفی معرض الإشارة إلى التكلیف الثقیل الموضوع على كاهل علماء الدین فی الظرف الراهن أضاف سماحة آیة الله الیزدیّ: على رجال الدین أن ینهضوا بأعباء هذا الحمل الثقیل وسیكونون فی مقابل ذلك محطّ لطف الله ورحمته الغیر المتناهیین.

ومن الجدیر بالذكر أنّ حفل إلباس «العمامة» لحشد من طلاب مدرسة المعصومیّة العلمیّة قد اُقیم یوم الأربعاء الموافق للتاسع من كانون الأوّل عام 2009م فی المدرسة المذكورة.

وفی هذه المناسبة تمّ منح سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ جائزة «عمّار» من قبل مدیر وطلاب تلك المدرسة بید سماحة آیة الله مقتدائی مدیر الحوزة العلمیّة فی قمّ وذلك تقدیراً للبصیرة العلمیّة والسیاسیّة التی یتمتّع بها سماحته.