آیة الله مصباح الیزدیّ: علینا استخلاص الالتفاتات الأخلاقیّة والعرفانیّة من مذكّرات الشهداء لمواصلة الدرب

وفقاً لتقریر الموقع الإعلامیّ لآثار آیة الله مصباح الیزدیّ فإنّ رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث وفی كلمة ألقاها فی سیاق احتفالیّة اُقیمت إحیاءً لذكرى شهداء هذه المؤسّسة قال مستشهداً بآیات من الذكر الحكیم: إنّ الشهداء یبشّرون بعض الأحیاء واللذین لم یلحقوا بهم.
وأضاف آیة الله مصباح الیزدیّ مشیراً إلى بعض التفاسیر: المذكّرات التی دوّنها الشهداء تخبرنا بعدم صعوبة الوصول إلى هذا المقام، لكن هذه البشرى تخصّ اُولئك الذین نالوا لیاقة واستحقاق تلقّی مثل هذه البشارات.
وتقدّم سماحته بالشكر والتقدیر للجهود التی بذلها مؤسّسوا هذه الاحتفالیّة فی سبیل إقامتها وقال: إنّ مشاركة المرء فی مثل هذه المراسم تحفّز لدیه الاستعداد لتلقّی الفیض.
وتابع العلامة مصباح الیزدیّ قائلاً: إنّ سبیل التقرّب إلى الله تعالى لا یقتصر على الصلاة والصیام والأعمال العبادیّة المرسومة بل إنّ كلّ عمل یُنجَز بإخلاص وفی سبیل الله فإنّ له قیمة علیا.
وفی إشارة لآیة الله مصباح الیزدیّ إلى أنّ قیمة الشهادة لا تخفى على أیّ أحد قال: لكنّه ثمّة إلى جانب ذلك مسائل لابدّ أن نلتفت إلیها؛ فعلى سبیل المثال إنّ مداد علماء الدین فی الأحادیث مُرجّح على دماء الشهداء.
وفی معرض إشارة استاذ الحوزة العلمیّة فی قمّ المقدّسة إلى أنّ قیمة أعمال المرء إنّما تُقاس بنیّته، قال سماحته متابعاً: كما أنّ جمیع الشهداء لا یتساوون بالقیمة فإنّه لیس لكلّ قلم نفس تلك القیمة؛ فإذا خطّ أحدهم آلاف الكتب الدینیّة من دون خلوص فی النیّة فلا قیمة لذلك ولا ینبغی له توقّع الأجر من الله تعالى علیه، لأنّه إذا اجتهد الإنسان من أجل الشهرة أو الثروة فإن أقصى ما سیجنیه من ثمر هو نفس هذه الشهرة أو الثروة، لكنّ العمل الذی یُنجز فی سبیل الله، فإنّ له قیمة عظیمة حتّى وإن كان ضئیلاُ.
واستطرد سماحته فی القول: إنّ لحظة واحدة من عمر سیّد الشهداء (علیه السلام) تسمو على العالم بأسره وهذا الموضوع قابل للإثبات، لكن مع ذلك فإنّ الإمام الحسین (علیه السلام) یفدی روحه الثمینة هذه فی سبیل الله، وذلك لأنّ ثواب العمل الذی یؤتى به فی سبیل الله یفوق ذلك بكثیر.
وأضاف استاذ الحوزة العلمیّة: لا ینبغی أن نغترّ بأنفسنا وأعمالنا ونرى لأنفسنا مكانة أعلى من الآخرین، لكن علینا أن نثق بأنفسنا ونعلم أنّنا إذا أتینا بأعمالنا خالصة لوجه الله فإنّ الأجر الذی سنصیبه ـ طبقاً للروایات ـ لن یكون أقلّ من أجر الشهید.
واستمرّ سماحة مصباح الیزدیّ قائلاً: النقطة الاُخرى هی أنّ الإنسان لا ینبغی أن یغترّ بماضیه أو أن ییأس بسببه، فكم من أشخاص قاتلوا تحت لواء النبیّ (صلّى الله علیه وآله) لكنّهم شهروا نفس سیوفهم تلك بوجه علیّ (علیه السلام)، وفی المقابل هناك من نشأ ابناً لشارب خمر لكنّه حارب فی صفوف مجاهدی الإسلام حتّى نال الشهادة.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة مشیراً إلى حادثة وقعت فی زمان النبیّ (صلّى الله علیه وآله): النبیّ (صلّى الله علیه وآله) كان یطلب من ربّه فی جوف اللیل وفی حال من البكاء والنحیب أن لا یُسلِمه إلى نفسه، وهذا یُشعر بأنّ الإنسان مهما بلغ فی مدارج المنصاب المعنویّة فهو معرّض للزلل ولولا لطف الله عزّ وجلّ ما بقی أحد منزّهاً من الزلل.
وأكّد آیة الله مصباح الیزدیّ على ضرورة جمع مذكّرات الشهداء والإفادة منها وقال: یتعیّن علینا الإفادة من مذكّرات الشهداء جملة بعد جملة وأن نبیّن إلى جانبها التحلیلات والالتفاتات الأخلاقیّة والدینیّة والعرفانیّة كی نجنی منها نفعاً مضاعفاً.