آیة الله مصباح الیزدیّ: المنطق القویّ والواضح هو وحده القادر على إحباط الفتن الثقافیّة

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ، فقد نوّه رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بالمسؤولین والقائمین على «خطّة الولایة للتعبئة الجامعیّة»، نوّه ببعض الشبهات المثارة حول أهداف الثورة وقال: إنّ للثورة أبعاداً مختلفة سیاسیّة، واقتصادیّة، ودولیّة، وعلمیّة، وصناعیّة، ...الخ أمّا روح تلك الأبعاد فقد كان هو البعد الثقافیّ، وإنّ الحافز الذی دفع الشعب إلى الثورة كان هو الإحساس بالخطر على المعتقدات والقیم الإسلامیّة.
وتابع اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة القول: إنّ للإسلام أبعاداً اقتصادیّة، وسیاسیّة، واجتماعیّة، وغیرها لكنّ جمیع تلك الأبعاد تتبلور فی البعد الثقافیّ والقیمیّ، وبناء علیه فإنّ الجهد الرئیسیّ الواجب بذله من أجل نموّ الثورة والمحافظة علیها وتصدیرها هو العمل الثقافیّ. إذن تنمیة الأفكار التی كانت الداعی لبزوغ هذه الظاهرة العظیمة من شأنه أن یشكّل عاملاً لبقاء الثورة ونموّها.
ولدى بیان عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الأعداء قد أدركوا جیّداً مدى ما للثقافة الإسلامیّة الغنیّة من أهمّیة وقیمة أضاف سماحته: هؤلاء الأعداء قد جعلوا من تلك الثقافة الإسلامیّة غرضاً لهجماتهم، فهناك الآلاف من مواقع الانترنیت والمجلات والمنشورات تسعى باستمرار للنیل من الاُسس العقائدیّة للإسلام وتضعیفها، وإنّ مِعظم جهودها تصبّ فی مجال تضعیف اُسس التشیّع وشریحة رجال الدین التی تُعدّ الحصن الذی یصون هذه اُسس والأفكار والقیم.
وفی معرض الإشارة إلى شحّة معلومات جیل البلاد الحالیّ عن تاریخ الثورة ومسیرتها الفكریّة والعملیّة وتجاربها قال سماحته: بعض الشباب یكتسبون معلوماتهم عن الثورة عن طریق المطالعة عن تاریخها أو من خلال الإعلام لكنّ هذا غیر كاف، وهو ما یدفعنا إلى بذل جهود متواصلة لتبیین ونشر أسس الثورة واصولها.
وأكّد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث على عمق عداء الاستكبار العالمیّ للثورة وأضاف: لقد زادت فی الآونة الأخیرة تجارب الاستكبار وإمكاناته فی مجال محاربة الإسلام، وهم یجنّدون الآن كلّ طاقاتهم من أجل ضرب اصول الإسلام وأسس ویسعون فی تخریبها.
وأوضح آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ العداء الشدید الذی یضمره الاستكبار وعملاؤه للإسلام یستحدث لنا تكالیف جدیدة ویزید من ثقل واجبنا، وقال موضّحاً: التكالیف المستحدثة تختصّ تارة بالشعب، وتارة اخرى بأجهزة الدولة، وثالثة تكون مشتركة بین الشعب والدولة، وهی ذات جوانب مختلفة منها العسكریّة، ومنها الاقتصادیّة، ومنها الثقافیّة، ومنها غیر ذلك، لكنّ هجمات الأعداء الثقافیّة الناعمة ـ على أیّة حال ـ تستوجب منّا محافظة أكبر على معتقداتنا وتعالیمنا وبذل مساعی حثیثة فی تقویتها.
وعدّ عضو مجلس خبراء القیادة الثورة الإسلامیّة ثورة شعبیّة نابعة من قلوب الجماهیر، وأضاف: لقد اندلعت الثورة الإسلامیّة من دون تدخّل أیّ عامل خارجیّ، ولا یمكن لأیّ فئة خاصّة أو حزب معیّن أن یدّعی قصب السبق فی إضرامها؛ بل لقد كانت حركة شعبیّة عفویّة بلغت الفتح والنصر بقیادة الإمام الراحل (رحمة الله علیه).
وأكّد اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ على أنّ أفراد الشعب بأجمعهم هم الذین حملوا عبء الثورة حتّى النهایة، وقال: ما دام بنیان هذه الثورة قد بُنی على أساس الدین والتكلیف الشرعیّ فإنّ الحفاظ علیه والدفاع عنه هو من مسؤولیّة مسلمی العالم كافّة، وإنّ خطاب المحافظة على هذا الواجب الشرعیّ وصیانة الكیان الإسلامیّ موجّه إلى جمیع الناس من دون استثناء.
وأكّد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث على أهمّیة الدفاع عن مبانی الثورة واصولها وأضاف: علینا جمیعاً بذل غایة الجهد لرفد أساس النظام الإسلامیّ، ورفع النقائص، وتحكیم الاُسس، وزیادة التجارب ونقلها من جیل إلى جیل.
ورأى سماحة آیة الله الیزدیّ أنّ واجب الشعب فی ظروف العالم الراهنة هو المزید من الاهتمام بالجانب الثقافیّ الذی یُعدّ نقطة انطلاقة الثورة والهدف الذی تتّجه نحوه وأضاف: من أجل ذلك لابدّ من التأسیس لنشاطات واسعة النطاق وبعیدة الأمد وعلى مستویات مختلفة، غیر أنّ تنفیذ البرامج القصیرة الأمد لمواجهة الأخطار الثقافیّة الآنیّة ینال ضرورة أكبر فی هذا المجال.
وألمح عضو مجلس خبراء القیادة إلى أنّه قد ثبت فی فتنة عام 2009 أنّ العدوّ كان قد رسم خططاً بعیدة الأمد من أجل الإطاحة بالنظام الإسلامیّ، وقال: لقد تمّ الإعداد لمقدّمات فتنة عام 2009 منذ عشرین سنة على أقلّ تقدیر، وقد تمّ تدریب أشخاص لهذا الغرض ورفدهم بالمساعدات المالیّة والدعم الفكریّ.
وبیّن آیة الله الیزدیّ أنّ مسائل من قبیل أسْلَمة الجامعات والغزو الثقافیّ كانت مطروحة منذ بدایة الثورة، وقال: لم نشهد فی هذا المضمار نجاحات تُذكر والسبب فی ذلك یعود إلى ضیق الافق والتفكیر القصیر الأمد، لأنّ بعض مسؤولینا لم یبلغوا مرحلة النضج الكافی للنظر إلى الآفاق البعیدة واستشراف المستقبل ولا یملكون الصبر والأناة اللازمین على تقدیم خطط ومشاریع طویلة الأمد.
وأضاف سماحته: فی القضایا الثقافیّة كما أنّه یتعیّن علینا التخطیط لمناهج مفصّلة وعمیقة، كذلك لابدّ ایضا من استغلال الفرص ووضع برامج قصیرة الأمد لتحقیق الأهداف القریبة والآنیّة.
وأشار عضو مجلس خبراء القیادة إلى «خطّة الولایة» باعتبارها أحد المناهج الثقافیّة الموفّقة فی البلاد وقال: إنّ أحد أهداف تنظیم دورات خطّة الولایة هو تأهیل طلابها وإعدادهم من أجل تعریف جماهیر الشعب بأهداف الثورة وتوجّهاتها.
وفی معرض إشارة رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى عدم اطّلاع بعض الفئات والأفراد على أهداف الثورة الإسلامیّة أضاف سماحته: هؤلاء لا یفهمون أنّ محرّك الثورة إنّما استقى وقوده من الدین، فی حین أنّ الإسلام كان محور كلام الإمام الراحل (رحمه الله)، وإنّ التقدّم الحاصل على الصعید العلمیّ، والاقتصادیّ، والسیاسیّ لیس هو إلا نموذجاً بسیطاً للطاقات الكامنة فی الدین الإسلامیّ.
وقال اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة مؤكّداً على حاجة جیل الشباب إلى تبیین الحقائق فیما یتعلّق بقضایا الثورة: من أجل تحكیم ركائز الثورة وتوعیة جیل الشباب لابدّ من تبیین قیم الثورة واُسسها الفكریّة بنحو جذّاب، بمعنى أن نجتهد فی طرح وتبیین المبانی الفكریّة والاعتقادیّة بشكل أشدّ إحكاماً وأكثر بساطة وسلاسة وقابلیّة للفهم.
وأوضح سماحته أنّ الأسالیب المتعارفة والقدیمة لم یعد لها الیوم ذلك التأثیر المطلوب على مختلف شرائح المجتمع وقال: مع دخول الحاسوب والشبكة العنكبوتیّة والهاتف الجوّال وما شاكل ذلك إلى مسرح الحیاة تضاعفت حاجة المجتمع إلى النشاطات الثقافیّة أضعافاً مضاعفة عمّا فی السابق؛ ففی السابق كانت إقامة المجالس الحسینیّة تفی بغرض تأمین المجتمع والبلد وتحصینه، لكنّ الامور باتت مختلفة الیوم ویتعیّن علینا ملء الفراغ الحاصل من خلال توسیع نطاق التعلیم وطرح المباحث العقائدیّة والدینیّة الجدیدة.
وإشارة منه إلى مدى تأثیر الشبهات على جیل البلاد الشابّ أكّد عضو مجلس خبراء القیادة على بعض شبهات العصر وأضاف: هذه الشبهات، التی تتّخذ فی الظاهر طابعاً علمیّاً وفلسفیّاً، تُبثّ باسلوب جذّاب من قبل أشخاص یطرحون أنفسهم كخبراء إسلامیّین وهی دافعة الى الضلال بالنسبة لجیل الشباب والفتیان.
وتابع رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث القول مشیراً إلى سبل محاربة تلك الشبهات: عندما تُطرح الشبهات ببیان بلیغ مزوّق بتعابیر فلسفیّة ومزیّن بالشِّعر والأدب فإنّه لا یقف بوجهها إلا المنطق القویّ الواضح ولا یُحبطها إلا الكلام العقلیّ المقدّم ببیان جلیّ قابل للفهم.
وعبر التأكید على ضرورة عدم تقدیم الأجوبة غیر العلمیّة وغیر الواضحة للشبهات قال سماحته: الكلام العاری عن الصحّة یصبح مغالطة تضاف إلى سائر المغالطات، أمّا الكلام الصحیح وغیر المفهوم فلا قیمة له ولن یؤدّی إلى النتیجة المرجوّة، إذن علینا الاجتهاد فی أن یكون طرحنا للاُسس الفكریّة للجیل الشابّ غایة فی الإحكام وسهولة الفهم.
ونوّه آیة الله الیزدیّ بكلام قائد الثورة المعظّم بأنّ الأعداء اتّخذوا قلوب شبابنا غرضاً لهم، وقال سماحته: المراد من اتّخاذ قلوب الشباب غرضاً هو تعرّض دین الشباب وإیمانهم للهجوم، ولا یمكن الوقوف أمام هذا النوع من التخریب عبر الأسلحة والاقتصاد المتطوّر أو بالعلم و التقنیّة الحدیثة، بل إنّنا نحتاج فی هذا المضمار إلى المنطق الصحیح من اجل الدفاع عن القیم والثبات علیها.