آیة الله مصباح الیزدی: إنّ انجذاب الشباب إلى الأخلاقیّات لا یوصَف

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدیّ فلدى لقاء سماحة مصباح الیزدیّ بحشد من معاونی التهذیب فی المدارس (الحوزات) العلمیّة من كافّة أنحاء البلاد شكر الله العلیّ القدیر على تأسیس المؤسّسات والمعاهد الناشطة فی حقل الأخلاق على مستوى المجتمع وقال: فی الماضی لم یكن أحد لیتصوّر أو حتّى لیحلم بإمكانیّة إیجاد مراكز ومؤسّسات ناشطة فی الحوزات العلمیّة بالكمّیة والسعة التی نراها علیها الیوم.
وبیّن سماحته أنّ الغایة من بعثة الأنبیاء ومجیء المعصومین (علیهم السلام) هی تزكیة البشر وتربیتهم وأضاف: إنّ لدروس الأخلاق فی الحوزات العلمیّة - حالها فی ذلك حال مجالس الوعظ والإرشاد - فوائدَ جمّةً، لكن لابدّ من الالتفات إلى أنّ الطرق المستخدمة حالیّاً فی إشاعة الأخلاق فی المجتمع والمتمثّلة بمجالس الوعظ، وتنظیم دروس الأخلاق، وتصنیف الكتب الأخلاقیّة، ونشر سِیَر عظماء وعلماء الأخلاق هی غیر كافیة، ذلك أنّ هذه الطرق إنّما تكون ذات نفع فی الأوساط التی تمتاز بالطهارة والصفاء، أمّا فی المجتمعات الحالیّة المدنّسة بالذنوب والمعاصی والملیئة بالشبهات فإنّها لا تعطی الفائدة المرجوّة منها كما ینبغی.
وتطرّق اُستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى كثرة وتنوّع وسائل الإفساد وترویج الباطل فی الوقت الحاضر، وقال: على الرغم من اتّساع الفساد وانتشاره فی زماننا الحاضر، فإنّ هناك انجذاباً شدیداً ومتنامیاً إلى المعنویّات والالتزام الدینیّ خصوصاً فی أوساط الشباب، وهو أمر ذو منشأ إلهیّ.
وأضاف رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) قائلاً: إنّ وجود النقص والعجز فی مجال تلبیة الحاجة الشدیدة للشباب وباقی شرائح المجتمع إلى المعنویّات وإرواء عطشهم لنیل المعارف الأصیلة الحقّة هو الذی أدّى إلى وقوع العدید من هؤلاء فی فخّ الأدیان الحدیثة الظهور وأشكال العرفان الزائفة.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة على أنّه لیس باستطاعة مجموعة واحدة أو بضع مجامیع محدودة أن تواجه الفساد الموجود فی المجتمع، وقال: إنّ العبء الأكبر والأساسیّ فی إشاعة الأخلاق والمعنویّات فی المجتمع یقع على عاتق الوسط العلمائیّ، ولا ریب فی أنّ علماء الدین سیُسألون یوم القیامة عن كلّ تقصیر ونقص فی هذا الجانب.
وتابع آیة الله مصباح الیزدیّ قائلاً: فی الأیّام الخوالی كان یلاحَظ تقیّدٌ شدیدٌ فی الأوساط العلمائیّة بالتهجّد وتهذیب النفس حتّى أنّ زلّة صغیرة لم تكن تؤخَذ على هذا الوسط إلاّ ما ندر، لكنّ الوضع قد اختلف الآن مع الأسف الشدید.
وفی معرض إشارة اُستاذ الأخلاق إلى تاریخ منهَجَة بحث الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة بیّن سماحته: قبل ستّین سنة على وجه التقریب رفع ما یناهز المائتین من الطراز الأوّل من علماء وأساتذة الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة كتاباً بخطّ الشیخ المشكینیّ (رحمه الله) إلى آیة الله العظمى البروجردیّ طالبین من سماحته تنظیم دروس أخلاق فی الحوزة بشكل منظّم، والحال أنّ الفساد فی ذلك الزمن لم یكن بالكمّ والسعة التی یشاهد علیها الیوم وأنّ طلبة العلوم الدینیّة كانوا مقیّدین تقیّداً عجیباً بالشؤون الأخلاقیّة.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة على ضرورة كون أساتذة الأخلاق والناشطین فی هذا المجال من المهذبّین وأضاف: على علماء الدین أن یولوا اهتماماً خاصّاً بالجانب الأخلاقیّ للمجتمع الأمر الذی یستلزم إدراك أهمّیة الأخلاق، والتزكیة الفردیّة وتهذیب النفس، وضرورة إجراء البحوث والدراسات حول سبل التبلیغ والدعوة التی تتناسب مع عصرنا الراهن.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد جرى فی یوم 31 تشرین الأوّل 2011م فی قاعة مؤتمرات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.