آیة الله مصباح الیزدی: ضرورة الوحدة بین الحوزة والجامعة غیر قابلة للتشكیك

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی مساء یوم الأحد الموافق للخامس من كانون الأوّل من عام 2010م لدى لقائه بأعضاء المجلس المركزیّ للجنة «فردا» الهندسیّة لطلبة مرحلة الدكتوراه فی جامعة العلم والصناعة، أشار إلى ضرورة تقویة الأواصر بین فئتی طلبة الجامعات وطلاب العلوم الدینیّة وقال: الارتباط بین الحوزة والجامعة كان موجوداً منذ بدایة الثورة لكنّ فاصلة كبیرة كانت تفصله عن الحدّ المثالیّ والؤمّل.
ونوّه سماحة مصباح الیزدی بالوضع السیّئ الذی كان یسود العلاقة بین الحوزة والجامعة فی الماضی وقال: قبل سنین لیست بالطویلة كان الحضور فی الجامعة یُعدّ اُمنیة بعیدة المنال بالنسبة لعلماء الدین، وإذا نجحوا فی دخولها فقد كان یساورهم الشكّ فی الخروج منها سالمین.
واستطرد عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: بلطف من الله تعالى وبتولّی حكومة تنتهج القیم زمامَ الامور فقد ولّت الیوم هذه الظاهرة من أجواء الجامعات وحظی علماء الدین بمكانة مرموقة بین الجامعیین.
وعبر استعراض آیة الله مصباح الیزدی لضرورة الوحدة بین الحوزة والجامعة فی كلام الإمام الراحل وقائد الثورة المعظّم قال سماحته: فی السنوات الأخیرة بدأت ضرورة الوحدة بین الحوزة والجامعة – التی كان یُستشعر بها منذ بدء الثورة والتی طالما أكّد علیها الإمام الراحل (رحمة الله علیه) ویؤكّد علیها قائد الثورة المعظّم تأكیداً مبرماً – بدأت تعطی براعم الأمل الأمر الذی سیتمخّض – بلطف من الله تعالى - عن نتائج إیجابیّة واسعة النطاق.
وأشار عضو مجلس خبراء القیادة إلى أسباب ضعف الارتباط بین الحوزة والجامعة وأضاف: إنّ لضعف العلاقة بین الحوزة والجامعة ثلاثةَ أسباب رئیسیّة أوّلها افتقاد عالم الدین المخلص والخبیر بالعمل ضمن الأجواء الجامعیّة العلمیّة الأمر الذی یحتّم على الحوزة إیجاد حلول جذریّة له.
وأوضح سماحة مصباح الیزدی أنّ العامل المهمّ الثانی من وراء هذا الضعف هو الثقافة الشیطانیّة التی تسود العالم المعاصر وقال: لقد تركت الثقافة الغربیّة ـ بما تمتلكه من قدرات إعلامیّة ـ آثاراً مخرّبة على البیئة الجامعیّة فی البلاد ونجحت من خلال تشویه سمعة علماء الدین والتفوه بالألفاظ النابیة عنهم فی زعزعة صورة الحوزة لدى طلبة الجامعات والجامعیّین.
واعتبر آیة الله مصباح الیزدی ضعف الإدارة العلمیّة والجامعیّة هو العامل الثالث فی ضعف الارتباط بین الحوزة والجامعة وقال: تشكو الإدارة العلمیّة الجامعیّة فی البلاد ضعفاً ملحوظاً؛ إذ لم یستجب المدراء العلمیّون فی البلاد إلى دعوات الإمام الراحل وقائد الثورة القاضیة بتوطید العلاقة بین الحوزة والجامعة على نحو مناسب داخل الأجواء الجامعیّة ولم یُبدوا اهتماماً جدّیاً بما یحمل هذان العظیمان من هموم فی هذا المجال. هذا على الرغم من أن بعض المدراء المخلصین قد بادروا على نحو فردیّ إلى مبادرات خلّاقة وأعمال مشرقة فی هذا السبیل، لكنّ الأجواء السائدة غیر إیجابیّة.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة: كانت لبعض الوزراء المرتبطین بحقل الثقافة والتعلیم على عهد حكومة الإصلاحیّین آراءٌ سلبیّة حول قضیّة الدین فی الجامعات بل كانت تصدر منهم بعض التصرّفات التی توحی بالاستهزاء تجاه سلك علماء الدین.
وأضاف سماحته القول: إنّ مجموع هذه العوامل مضافاً إلى الجوّ الثقافیّ غیر الملائم السائد فی الجامعات أدّت إلى إحساس الأوساط الموالیة للثورة بالقلق ممّا دعاهم إلى الاعتقاد بأنّه إذا استمرّ المنحنى الثقافیّ فی الجامعات بالهبوط فإنّ عواقب سیّئة لا یمكن تداركها ستكون بانتظار ثقافة البلاد وسیاستها.
وعدّ آیة الله مصباح الیزدی أنّ وجود القائد وتوجیهاته ونصائحه هی ممّا لا نظیر له فی العالم وقال: إنّ من غیر الممكن مقارنة قیادة آیة الله الخامنئیّ بقیادة زعماء العالم، بل إنّنی لأجد فی نفسی الجرأة للقول إنّه لا یمكن العثور على قرین له حتّى فی بلدنا.
واستمرّ سماحته بالقول: مع وجود آیة الله الخامنئیّ (دام ظلّه) على رأس السلطة فإنّه لا ینبغی القلق على مستقبل البلاد، ولابدّ لخطاباته وتوجیهاته أن تُجعل نبراساً ینیر لنا الدرب فی سبیل تحقیق مناهج البلاد وسیاساتها.
ورأى عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الانخراط فی النشاط الثقافیّ للبلاد لمن تتوفّر فیه الشروط اللازمة لذلك امر واجب وأضاف: یتعیّن على كلّ أحد بما اوتی من قوّة وطاقة أن یشارك فی العمل ضمن الحقل الثقافیّ والإداریّ فی الجامعات، وحتّى لو لم یكن لمشاركته ذلك الأثر وكان عمله محدوداً فانّه لایجوز أن یكفّ عنه بل لابدّ له من الاستمرار.
وبیّن استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة أنّ البعض بعد انتصار الثورة وبحجّة أنّ الحكومة الإسلامیّة باتت هی المتولیّة لإدارة البلاد فی الوقت الحاضر لذا كفّوا أیدیهم عن العمل الثوریّ، وقال: إنّ تعامل المتدیّنین مع مسائل الدین والثورة باسلوب الإنفعال أو اللامبالاة هو من الأسباب المهمّة لجانب من الركود الثقافیّ الذی تشهده البلاد، لذا لابدّ أن نعلم أنّ واجبنا الیوم تجاه وقائع البلاد هو أوسع بكثیر ممّا كان علیه أیّام دولة الطاغوت.
ووجّه آیة الله مصباح الیزدی خطابه إلى الفئات والمؤسّسات الثقافیّة الجماهیریّة وقال: على الشبیبة والناشطین فی میدان الثقافة فی الأجواء الجامعیّة أن یعتمدوا على طاقاتهم الذاتیّة وانطلاقاً من تشخیصهم لما یمتلكون من استعدادات وإمكانیّات وطاقات علیهم أن یحدّدوا المجال الذی یكون إبداعهم فیه أكبر أو الذی یتمكنون فیه من رفع عقبة من العقبات من طریق انتشار الإسلام، ومن ثمّ یصمّموا على العمل فی هذا المجال حتّى وإن جوبهوا بمخالفة العالم بأسره.
وأكّد سماحته على أهمّیة الإحاطة باُصول الدین وأسسه العقائدیّة من أجل العمل فی الحقول المختلفة الثقافیّة منها والسیاسیّة وما شاكلها وأضاف: المنافقون كانوا فی البدایة أفراداً سالمین وذوی النیات طیبة لكنّهم كانوا یشتركون الماركسیّین فی اجتذاب الكوادر، وکانوا یتنازلون للماركسیّین فی البحوث التی كانت تجری فیما بینهم جرّاء ما یعانونه من ضعف فی البنیة العقائدیّة والدینیّة وقد تطوّر ذلك إلى حدّ وقوعهم فی شَرَك الماركسیّین فصاروا أداة طیّعة فی أیدیهم.
وأوضح عضو مجلس خبراء القیادة أنّ الخطوة الثانیة على طریق النشاطات الثقافیّة فی الجامعة هی اجتذاب الكوادر المصطفاة ممّن یحمل نفس الفكر وقال: كما یؤكّد قائد الثورة المعظّم (دام ظلّه) على جذب أكبر عدد ودفع أقلّ عدد من الأشخاص، فإنّ على النشطاء الثقافیّین العمل على توسیع نطاق تأثیرهم من خلال اجتذاب الكوادر التی تحمل نفس الفكر بالإضافة إلى العمل على بناء كوادر للمستقبل.
وعدّ استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة أنّ الإفادة من مشاركة وتوجیهات الشخصیّات ذات القیمة العلمیّة المرموقة فی الحوزة والجامعة هی ضرورة اخرى من ضرورات النشاط الثقافیّ، وأضاف: لقد تمّ ببركة الثورة وجهود الإمام والقائد تنشئة كوادر قیّمة بمقدورها أن تكون منشأ لآثار ضخمة فی جامعات البلاد.
وتابع آیة الله مصباح الیزدی قائلاً: إنّ الإفادة من تجارب وتوجیهات فضلاء الحوزة وكبراء الجامعات فی حقل النشاطات الثقافیّة فی الجامعات أمر ضروریّ، كما أنّ احترام هؤلاء یُعدّ احتراماً للعلم والدین.