آیة الله مصباح الیزدی: إذا وضعنا بدل كلمة الإسلام كلمةً اخرى نكون قد أخطأنا وخرجنا من محبّة الله والأنبیاء إلى محبّة الطواغیت والفراعنة

الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی: أكّد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث على: أنّ توفیر المتطلّبات المادّیة للرعیّة هو من واجب الحكومة الإسلامیّة لكنّه لیس أصل الموضوع.
حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد قدّم رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث خلال لقاء سماحته بحشد من مدراء وأساتذة وطلبة جامعات «بیام نور» (رسالة النور) فی محافظة لرستان، واستاذات وطالبات الحوزة النسویّة فی همدان وقروه، وقادة ومسؤولی التعبئة الجامعیّة فی آذربیجان، قدّم تعازیه بمناسبة ذكرى استشهاد السیّدة الزهراء (سلام الله علیها) كما وخلّد ذكرى الاستاذ الشهید العلامة المطهّری مثنیاً على ما قدّمه (رحمه الله) من خدمات جلیلة للإسلام والمسلمین وقال: إنّ أعظم خدمة قدّمها العلامة الشهید هی تعریف شریحة الشباب بمسائل الإسلام الأساسیّة، ویا لیت عمره المبارك كان قد استمرّ إلى یومنا هذا ولو استمرّ لكنّا حینئذ قد نهلنا المزید من منهل عطائه الثرّ.
وقال آیة الله مصباح الیزدی مؤكّداً على أصالة الحیاة الاخرویّة فی مقابل الحیاة الدنیویّة: إنّ النظر إلى تمتّع أفراد المجتمع بالمادّیات ووسائل الرفاهیة العامّة كمعیار لتطوّر نظام من الأنظمة یمثّل رؤیة مادّیة ترتكز على أساس أصالة الدنیا.
وأوضح العلامة مصباح الیزدی أنّ ما ینتظره معظم أفراد المجتمع من الحكومة والنظام هو المزید من التمتّع بالمادّیات وأضاف: إنّ الحكومة الناجحة فی نظر أكثر أفراد الشعب هی تلك التی تستطیع أن تحقّق أكبر قدر من الرفاهیة للشعب، ولیس هناك كبیر اهتمام بمدى ما یولیه النظام من أهمّیة للمعنویّات والشؤون الثقافیّة الأمر الذی یغایر فلسفة الحیاة الاخرویّة.
وقال استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة مقارناً بین الفكر ذی النزعة المادّیة وأصل المعاد: استناداً إلى البحوث والتحقیقات المقدَّمة فی هذا المجال فإنّ أهمّ مشكلة واجهت الأنبیاء (علیهم السلام) هی تفهیم أقوامهم موضوع المعاد؛ ذلك أنّ الأصل فی نظر الناس كان هو التمتّع بالنعم الدنیویّة ولم یكن لدیهم اعتقاد بالحیاة بعد الموت، أمّا وفق رؤیة أنبیاء الله تعالى فقد كان الأصل هو امتثال الأوامر الإلهیّة والظفر بالجنّة ولم تكن الدنیا فی نظرهم سوى محلّ للعمل بالتكالیف والتقرّب إلى الله عزّ وجلّ.
وتابع عضو مجلس خبراء القیادة القول: إذا باتت المادّیات كلّ شیء فی حیاة الإنسان فلن یعود للكفر والإیمان وشؤون الآخرین أهمّیة بالنسبة له وسیشكّل الطعام والمنام وتلبیة الشهوة كلّ شیء فی حیاته حتّى وإن أدّى ذلك إلى الإجحاف والظلم بحقّ الآخرین.
وأضاف رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث محذّراً من سوء عواقب هیمنة فكرة أصالة الدنیا على الناس: من شأن انغماس المرء فی الدنیا أن یحوّله إلى ذئب شرس یسعى جهده للتسلّط والاستحواذ على المناصب الدنیویّة والالتذاذ ما أمكن بملذّات الدنیا ولا فرق فی ذلك بین رئیس الجمهوریة، أو نائب البرلمان، أو طالب العلم، أو أیّ شخص آخر.
التظاهر بالتدیّن، معول یهوی على اصول العقائد
وطالب آیة الله مصباح الیزدی الأشخاص بالصدق فی العمل بتعالیم الإسلام الحنیف وقال: إذا كنّا عملیّاً نلهث وراء الدنیا فلا ینبغی أن نعتبر أنفسنا فیما نرفعه من شعارات من مروّجی القیم والمدافعین عنها أو أن نتحدّث عن الله والتدیّن من منطلق النفاق، ذلك أنّ عملاً كهذا یُعدّ معولاً یهوی على اُصول الإسلام.
وفی معرض إشارة سماحته إلى تأكیدات مؤسّس الثورة الإسلامیّة (رحمه الله) على أصالة المعنویّات والقیم كهدف للثورة قال: كان الإمام الراحل (رحمة الله علیه) یرى هدف الثورة الإسلامیّة كامناً فی إقامة شعائر الإسلام واصوله، ولیس فی الانتفاع من المادّیات والملذّات الدنیویّة. بالطبع لابدّ أن نعلم هنا أنّه على أساس الوعود التی قطعها الله تعالى على نفسه فإنّ دنیا الإنسان أیضاً ستؤَمَّن على أفضل وجه فی ظلّ الالتزام بالدین والإیمان بالله.
الابتعاد عن خطّ الإمام (قدّس سرّه) یجرّ إلى حبّ الطواغیت والفراعنة
وحذّر عضو مجلس خبراء القیادة من الابتعاد عن خطّ الإمام الخمینیّ الراحل (رحمة الله علیه) وخطّ الثورة وقال: أساس حیاة المرء هو الشرف الإنسانیّ والامتثال لأوامر الله عزّ وجلّ وقد تمّ التأكید على هذا الأمر المهمّ فی كلّ من وصیّة مؤسّس وفقید الجمهوریّة الإسلامیّة (قدّس سرّه الشریف) وخطبه وفی وصایا شهداء الثورة كافّة. فإن وضعنا بدل كلمة الإسلام كلمة اخرى نكون قد أخطأنا وخرجنا من محبّة الله وأنبیائه إلى محبّة الطواغیت والفراعنة.
السعادة تتمثّل فی بلوغ القرب من الله تعالى والخلود فی الجنّة
وعبر إشارة رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث إلى الحسّاسیة البالغة للمرحلة الراهنة من عمر الثورة قیاساً بمراحلها السابقة أضاف سماحته: المرحلة الحالیّة للثورة هی أكثر مراحلها تاریخیّة وحساسیّة حیث إنّه كلّما تقدّم عمر النظام والثورة زادت امتحاناتهما وابتلاءاتهما شدّة وتعقیداً. ولیكن فی علمنا أنّ سرّ الموفقیّة فی هذه الامتحانات واجتیازها بعزّة وشموخ هو السیر على طریق الله عزّ وجلّ واقتفاء أثر أنبیائه (علیهم السلام) الأمر الذی یعتمد على معرفة المواضیع على أساس المعاییر الإلهیّة والعمل بموجبها.
وتطرّق استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة فی جانب آخر من حدیثه إلى الاختلاف ما بین رؤى أكثر البشر والتعالیم الإسلامیّة بخصوص السعادة وقال: یسعى الإنسان منذ نعومة أظفاره فی طلب السعادة لأنّ ذلك أمر فطریّ قد أودعه الله سبحانه وتعالى فی كیان جمیع البشر، وهذه الحقیقة تفصح عن مدى أهمّیة معرفة السعادة وتشخیص سبل الوصول إلیها.
وأضاف هذا المفكّر الإسلامیّ قائلاً: تَعُدّ الغالبیّة العظمى من البشر التمتّع بالمزید من الرفاهیة الدنیویّة علامة على السعادة وهم یجتهدون - عبر الإفادة من وسائل التقنیة الحدیثة ومواهبهم الطبیعیّة - للوصول إلى هذا الهدف المهمّ، أمّا الذین یضعون الحیاة بعد الموت نصب أعینهم فنسبتهم قلیلة قیاساً بالأكثریّة من البشر الذین لا یجدون فی أنفسهم الرغبة للخوض فی مسائل حیاة ما بعد الموت.
وأشار العلامة مصباح الیزدی عبر الاستشهاد بالآیات والروایات الى خطأ تلك العقیدة وقال: خلافاً لرأی الكثیرین فإنّ الآیات القرآنیّة وأحادیث أهل البیت (علیهم السلام) تولی اهتماماً خاصّاً لعالم الآخرة والحیاة بعد الموت، وعلى العكس من عُبّاد الدنیا الذین لا یرون السعادة إلا فی الدنیا ولیس من همّ وغمّ لهم غیرها، فهی تحصر السعادة فی الوصول إلى القرب الإلهیّ والحیاة الفردوسیّة الخالدة.
وأوضح سماحة مصباح الیزدی أنّ الدنیا هی محلّ التزوّد بالمتاع للآخرة وقال: السعید هو من یستطیع ضمان آخرته أثناء الحیاة القصیرة التی یقضیها فی الدنیا حتّى وإن كان الثمن تحمّل صنوف العذاب وأنواع الشدائد.
وعدّ عضو مجلس خبراء القیادة الاعتقاد بالآخرة عاملاً مهمّاً فی تغییر سلوك ابن آدم وأضاف قائلاً: الاعتقاد بالآخرة یؤدّی إلى تغییر فی أهداف المرء، وعلى ضوء رؤیته الصحیحة فإنّ تغییرات جذریّة إیجابیّة ستحصل لطبیعة وكیفیّة تعامل الإنسان مع باقی أفراد المجتمع.