آیة الله مصباح الیزدی: ولایة الفقیه هی الخطّ الأحمر للمجتمع وإنّ التمسّك بها هو المعیار لتقییم الأشخاص

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی ففی لقاء لرئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث مع عدد من نوّاب مجلس الشورى الإسلامیّ فی الیوم السادس من حزیران من عام 2011م شكر سماحته الموهبة الإلهیّة المتمثّلة بالحكومة الإسلامیّة وقال: نحن نشكر الله سبحانه وتعالى أن جعلنا نسیر على طریق أهل البیت (علیهم السلام)، وعرّفنا بالإسلام، وبقیادة الإمام الراحل (رحمة الله علیه) وخلیفته من بعده قائد الثورة المعظّم (حفظه الله تعالى) ونثنی علیه عزّ وجلّ أن حبانا بمثل هذا الشعب البصیر الواعی والحیّ الذی بلغ من الرقیّ واللیاقة حتّى شهد له الإمام الراحل بأنّه أفضل من أهل الحجاز وأهل العراق فی زمان رسول الله (صلّى الله علیه وآله) وشهد له القائد المعظّم بأنّه واصل درب الإمام الخمینیّ (رحمه الله) بكلّ اقتدار ومَنعَة.
وذكر سماحته: لقد اُحییت فی ضوء توجیهات الإمام الخمینیّ (قدّس سرّه) وإرشاداته العدید من أحكام الإسلام وتمّت معرفتها وتطبیقها فی المجتمع الإسلامیّ، وازداد قرب رؤیة الناس إلى الحقیقة كثیراً فی مجال معرفتهم بالإسلام والتشیّع.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: لقد تجذّرت وترسّخت آثار وبركات هذه التعالیم والإرشادات فی مجتمعنا حتّى لم تستطع الأعاصیر العاتیة والسیول الجارفة أن تجتثّ جذورها الراسخة، بل إنّ الفتن الكثیرة على رغم تعقیدها قد أسهمت فی تثبیت هذه الشجرة الطیّبة ونموّها یوماً بعد یوم.
وتطرّق استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة فی القسم الثانی من كلمته إلى الخلافات الموجودة فی المجتمع وقال: على الرغم من تمتّع مجتمعنا بخصوصیّات مطلوبة ونقاط إیجابیّة، فإنّه یشكو من بعض مواطن الضعف أیضاً وإنّ التعرّف على أسباب ودواعی الاختلافات الموجودة فی المجتمع وإیجاد العلاقة الصحیحة بینها من شأنه أن یُقصی مواطن الضعف تلك عن المجتمع.
وأضاف سماحته قائلاً: یمكن تقسیم هذه الاختلافات - من وجه من الوجوه - إلى قسمین؛ الأوّل هی الاختلافات التی لها دخل فی التقییم وهی تُصنَّف تصنیفاً قیمیّاً، والثانی هی تلك التی تتْبَع العوامل الوراثیّة، والعائلیّة، والبیئیّة والتی لا یكون للإنسان - عادةً - سلطة علیها.
وقال رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث: أمّا الاختلافات الوراثیّة والبیئیّة فلا جدال فی أنّها من لوازم الحیاة الاجتماعیّة، بل إنّ هذه الاختلافات توفّر أرضیّة خصبة لاستمرار الحیاة الاجتماعیّة وتعزیزها.
وقال العلامة مصباح الیزدی مؤكّداً: لكنّ اهتماماتنا ینبغی أن تنصبّ فی الجوانب التی یكون فیها اختلاف فی التقییم، حیث یتعیّن علینا أن نسعى جاهدین لأن نرتقی ونتطوّر لنرتفع عن المرتبة التی نحن فیها إلى مرتبة أسمى وأعلى منها.
وأشار سماحته بالقول: تحتاج الحیاة الاجتماعیّة بطبیعتها إلى التعاون والتكاتف وفی هذا الجانب یتعیّن إیلاء هذا النمط من التقییم اهتماماً خاصّاً وتوخّی الدقّة فی اختیار زملاء العمل والمحیطین بالإنسان بحیث یكونون من الحائزین على درجات أعلى فی سلّم هذا التقییم، وإنّ القرآن الكریم یشیر بكلّ صراحة إلى هذا المعنى.
وفی معرض إشارة آیة الله مصباح الیزدی إلى المؤاخاة التی جرت بین المهاجرین والأنصار إبّان هجرة النبیّ الكریم (صلّى الله علیه وآله) إلى المدینة قال سماحته: إنّ من قواعد الإسلام الأساسیّة التی اعتمدها النبیّ (صلّى الله علیه وآله) وأولاها اهتمامه فی عملیّة مؤاخاة المهاجرین والأنصار هی المؤاخاة بین اُولئك المتقاربین من حیث المعرفة والدین والذین هم أكثر قرباً من بعضهم من الناحیة الروحیّة والمعنویّة.
وأضاف سماحته قائلاً: وكذا فی الامور الاجتماعیّة فإنّه یتعیّن أن نأخذ بعین الاعتبار المحورین الأشدّ تأثیراً فی عملیّة التعاون فی العمل؛ الأوّل هو نوع العمل والتخصّص والمهارة والمكانة الاجتماعیّة فی تكوین العلاقات مع الآخرین، والثانی تقارب مراتب المعرفة والإیمان بالنسبة للأشخاص الذین یمارسون نشاطهم ضمن مجموعة واحدة.
وقال الاستاذ فی الحوزة والجامعة: وكنتیجة لذلك سیكون لدینا ثلاث فئات من الأشخاص؛ فئة تتمتّع برتبة عُلیا من المعرفة والإیمان حیث لابدّ من التعاون والتضامن مع هؤلاء، وفئة من الأشخاص تكون رتبتهم دُنیا حیث لا ینبغی طردهم، بل یجب تعلّم كیفیّة التعامل والتعاون معهم، أمّا الفئة الثالثة فهم اولئك الذین یتجاوزون الخطوط الحمراء فی المسائل الدینیّة والاجتماعیّة وهؤلاء لابدّ من التصدّی لهم ومحاربتهم.
وأكّد عضو مجلس خبراء القیادة قائلاً: إنّ الـمَعْلَم الذی یمكن اتّخاذه فی الظروف الاجتماعیّة الراهنة كنموذج للخطّ الأحمر هو ولایة الفقیه.
وأضاف: فلیكن تعاوننا مع الأشخاص الذین یعتقدون بولایة الفقیه. بالطبع حتّى التمسّك بولایة الفقیه فإنّ له مراتب ولابدّ أن یكون تعاوننا أكثر مع من یكون أكثر تمسّكاً وطاعة فی هذا الجانب، وأن نُقصی اُولئك الذین لا یقبلون بهذا الـمَعْلَم الایدیولوجی العامّ ونحذر من تغلغلهم بین صفوفنا، وممّا لاشكّ فیه فإنّ الخطر الذی یُستشعَر الیوم هو نتیجة الشرخ الذی أحدثه هذا النمط من الأشخاص حیث إنّ تغلغل أمثال هؤلاء من شأنه أن یهدّد أصل النظام الإسلامیّ بالخطر.
وصرّح استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة قائلاً: وفقا لتجربتنا الممتدة منذ بدایة الثورة إلى یومنا هذا فإنه حیثما شكت المعتقدات الإسلامیة من الضعف وجوبهت مَعالمها – لاسیما المَعْلَم الأساسی المتمثّل بولایة الفقیه – بالجفاء كان ذلك سببا لتلقینا الضربات، وحیثما ائتلف جمع من أصحاب المعتقدات الراسخة وتمسّكوا بهذا المَعْلَم المهمّ وضحّوا من أجله، فقد كان ذلك مدعاة لترقینا وتقدیمنا المزید من الخدمات للنظام والإسلام والشعب.
وقال عضو مجلس خبراء القیادة: إنّ القاعدة الكلیّة لذلك هی التمحور حول الحقّ؛ فكلّ مَن كان أشدّ طلباً للحقّ وتضحیةً فی سبیله كان أكثر حظوةً بالنصر الإلهیّ من غیره، وكلّ مَن انحرف عن مسیر الحقّ فسوف یكون أكثر عرضة لهجمات الشیطان العنیفة من غیره.
وقال سماحته مؤكّداً: إنّ المعیار فی التعاون والتضامن هو كون الأشخاص ذوی وجهة واحدة فی طریق الحقّ، إذن علینا معرفة الحقّ أوّلاً، والوفاء له ثانیاً، ومن ثمّ تقییم الرفقة والتضامن والتعاون وفقاً لمعیار الحقّ ثالثاً.