العلّامة مصباح الیزدی: لم یعرف البعض قدر النعمة الإلهیّة وظنّ أنّ شوق الناس له نتیجة قدراته وأعماله الشخصیّة

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث لدى لقائه بجمع من مدیری وزارة الدفاع والمسؤولین فی المجال الجوّی والفضاء – أشار إلى وجود أصناف وفئات شتّى من الناس فی كلّ مجتمع وقال: فی كلّ بلد یوجد أصناف وفئات مختلفة من الناس تتولّى كلّ واحدة منها جانباً من مسؤولیّة إدارة المجتمع، وإنّه فی القضایا التی یشترك فیها بلدنا مع سائر البلدان فإنّه من الممكن الإفادة من تجارب تلك البلدان من أجل النهوض والتطوّر.
وأوضح آیة الله محمّد تقی مصباح الیزدی أنّ وجه التمایز بین أصناف طبقات مجتمعنا وسائر المجتمعات هو الإیمان بالله الذی أصبح أكثر بروزاً وعمقاً بفضل الثورة الإسلامیّة وأضاف: لقد اتّضح دور عنصر الإیمان فی دفع البلاد إلى الموفقیّة والنجاح منذ الأیّام الاولى التی تلت انتصار الثورة.
وفی إشارة للعلاّمة مصباح الیزدی إلى فترة الدفاع المقدّس وما اكتنفها من ظروف قال سماحته: بالنظر إلى الظروف التی مرّت بها البلاد فی تلك الفترة، وتفكّك الجیش وانحلاله، وعدم إمكانیّة الحصول على التجهیزات الحربیّة الكافیة لم یكن یساور أغلب الخبراء العسكریّین حتّى الظنّ بإمكانیّة النصر على العدوّ، لكنّ الإمام الخمینیّ الراحل (قدّس سرّه) قد صمد بثبات فی هذا المجال وكان معتقداً بالنصر، وقد أنجز الله سبحانه وتعالى وعده فی نهایة المطاف ونصر المؤمنین بنصره المبین.
وتابع العلامة مصباح الیزدی حدیثه قائلاً: لقد منّ الله تعالى علینا بالنصر فی كافّة الأصعدة؛ الثقافیّة، والعلمیّة، والاقتصادیّة، وحتّى السیاسیّة على الرغم من أنّ الظروف كانت تقتضى شیئاً آخر، لكنّه بفضل الله عزّ وجلّ وعون منه فقد اتّخذت الامور مجرىً آخر. ولابدّ من الالتفات هنا إلى أنّه طالما وُجد الإیمان، والتوكّل على الله، والتوسّل بأولیائه فإنّ النصر الإلهیّ المؤزّر فی كافّة المیادین هو حلیفنا لا محالة.
وذكر عضو مجلس خبراء القیادة نماذج من تاریخ صدر الإسلام مشیراً فی هذا الصدد إلى آیات من الذكر الحكیم وأضاف: من المناسب بمكان أن تُعاد قصّة معركة بدر مراراً وتكراراً وأن تُستلهم منها العبر والدروس؛ فعندما تعرّض أصل الإسلام للخطر وكان الأعداء یفوقون المسلمین بكثیر من حیث العدّة والعدد، كان المسلمون معدودین ولم یكونوا یمتلكون حتّى السیوف والخیول الكافیة من أجل القتال، لكنّ النصر الإلهیّ كان حلیف المؤمنین فی النهایة.
ولدى إشارة العلامة مصباح الیزدی إلى ما ساقه القرآن الكریم من تعبیر بخصوص حرب بدر قال سماحته: لقد نصر الله عزّ وجلّ المؤمنین وهم فی منتهى الضعف والذلّة. وإنّنا لو أمعنّا النظر فی الامور لوجدنا أنّ حرب الدفاع المقدّس التی خاضها شعبنا وحرب حزب الله لبنان التی امتدّت ثلاثة وثلاثین یوماً كانتا إعادة لتاریخ واقعة بدر الكبرى.
ولدى استشهاد استاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة بآیة من القرآن الكریم تابع سماحته بالقول: على الرغم من أنّنا جمیعاً قد شهدنا هذا النصر الإلهیّ باُمّ أعیننا، غیر أنّ آفة النسیان تؤدّی أحیاناً بسبب تقادم الأیّام إلى زعزعة إیمان المرء وعدم اعتقاده بهذه السنّة الإلهیّة.
وأكّد العلامة مصباح الیزدی على ضرورة الوقایة من الإصابة بهذه الآفة والتذكیر المستمرّ بهذه الأحداث والسنن الإلهیّة ثمّ أضاف: إنّ الفتن التی عصفت بالبلاد فی عام 1999 و2009 للمیلاد كانت نتیجة نسیان آلاء الله علینا.
وفی معرض إشارة رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث بقمّ المقدّسة إلى انحراف بعض المسؤولین عن خطّ الثورة عازیاً ذلك إلى نسیانهم لأنعم الله تعالى وقال: بعض المؤمنین والمتدیّنین ممّن سبق أن قدّموا التضحیات الجسام فی سبیل الثورة قد وصلوا الآن إلى نتیجة مفادها أنّه یستحیل الوقوف بوجه أمریكا حتّى النهایة ولابدّ من إیجاد حلّ لهذه المسألة، وهم یقدّمون الأدلّة والبراهین على مدّعاهم.
وأضاف سماحته: لقد بلغ هذا النسیان ببعض المسؤولین إلى الاعتقاد بأنّ الشعارات التی كان قد رفعها الإمام الراحل (رحمة الله علیه) لم تعد قابلة للتطبیق وأنّ اللیبرالیّة الیوم تمثّل قمّة الفكر الذی توصّل إلیه العقل البشریّ.
وذكّر آیة الله مصباح الیزدی بأنّ المحافظة على العلاقة مع الله، والتضرّع فی حضرته، والتوسّل بأولیائه هی من أسرار توفیق المسلمین وأسباب ظفرهم بالنصر الإلهیّ وقال: لابدّ لنا من اجتناب الانشغال بالنعم الدنیویّة والتلوّث بالذنوب والمعاصی لأنّ ذلك سیؤدّی بنا إلى السقوط لا محالة.
واستطرد عضو مجلس خبراء القیادة فی حدیثه قائلاً: بالتأمّل فی أحداث العقد الأخیر وما سبقه بقلیل سنكتشف أنّ هذا النسیان للسنّة الإلهیّة والخوف من الأعداء هما اللذان أدّیا ببعض المسؤولین إلى التراجع فی بعض الملفّات من قبیل الملفّ النوویّ للبلاد، الأمر الذی دفع الغرب – عندما شاهد بعض اللین من الطرف المقابل – إلى التقدّم والضغط المستمرّ ممّا أعقبَه مزیدٌ من التراجع من مسؤولی البلاد.
وتابع سماحته: لكنّ توسّل المخلصین للثورة بأولیاء الله، والدموع التی سفحها المؤمنون وعوائل الشهداء فی جنح اللیل قد قلبت الطاولة وأوصلت إلى سدّة الحكم مسؤولین یمتلكون الشجاعة الكافیة للوقوف بوجه الغرب ولا یجد الخوفُ من الغرب سبیلاً إلى قلوبهم، فی حین أنّ أحد أطول الخبراء باعاً فی الشؤون السیاسیّة لم یتوقّع لهذا الرجل أن یحصل على أكثر من 500 ألف صوت فی الانتخابات، لكنّ إخلاص المؤمنین وابتهالهم إلى الله تعالى كان هو السبب فی جلب النصر الإلهیّ فكانت النتیجة أن صعد هذ الرجل إلى هذا المنصب.
وأكّد العلامة مصباح الیزدی على أنّنا لم نشكر هذه النعمة كما ینبغی وقال: لو أنّنا شكرنا هذه النعمة كما ینبغی لكنّا الیوم فی موقع أفضل ممّا نحن علیه، لكنّ البعض لم یعرف قدر هذه النعمة وظنّ أن شوق الناس له یعود إلى قدراته وأعماله الشخصیّة، فی حین أنّ القلوب هی بید الله سبحانه وتعالى ولا یمكن شراؤها بالمال، وكلّما تراجع التوجّه إلى الله فسیتضاءل النصر الإلهیّ بالتبع.
وعبر تأكید آیة الله مصباح الیزدی مجدّداً على الدعاء والتضرّع بین یدی الله تعالى أضاف سماحته: بالطبع لابدّ لهذا الدعاء والتضرّع أن یتناسب مع أفعالنا وأعمالنا، إذ من غیر المجدی أن نسعى باتّجاه تقویض القیم الإلهیّة من جهة، ونمدّ أیدینا إلى الله عزّ وجلّ بالدعاء من جهة ثانیة.
یُذكر أنّ هذا اللقاء قد تمّ فی یوم 13 تشرین الأوّل 2011م فی مصلّى مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.