آیة الله مصباح الیزدی: تأسیس الأخلاق على أساس الرؤیة الكونیّة هو السبب فی تأثیر المباحث الأخلاقیّة على التلامیذ

حسب تقریر الموقع الإعلامیّ لآثار سماحة آیة الله مصباح الیزدی فقد أشار رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی اجتماع ضمّ أساتذة الأخلاق فی الحوزات العلمیّة – أشار إلى أنّ الأخلاق مطلوبة ذاتاً وأنّ جمیع الأنبیاء والأولیاء (علیهم السلام) كانوا یولونها اهتماماً بالغاً وأضاف: یرى البعض أنّ الأخلاق هی مرتبة من الفضل وإنّ هذا الفهم للأخلاق كان سبباً فی عدّ الأخلاق أمراً فوق التكالیف الواجبة، وأنّها لا تشمل إلا المستحبّات والآداب.
وأكّد العلاّمة محمّد تقی مصباح الیزدی على أنّ هذا الفهم للأخلاق غیر صائب وقال: إنّنا نشهد الیوم فی بلدنا - الذی یُعدّ مركزاً إسلامیّاً ویعتبر شعبه من أكثر الشعوب التزاما بالقیم الإسلامیّة – انحطاطاً أخلاقیّاً على الصعیدین الفردیّ والاجتماعیّ الأمر الذی له تبعات وآثارٌ بالغة السوء على المجتمع، بل ومن شأنه أن یؤدّی إلى تخریب المجتمع، ومن هنا فإنّ مسألة الأخلاق لا تقتصر على الإتیان بالمستحبّات وترك المكروهات، بل إنّها مسألة یمكن أن یؤدّی عدم الالتفات إلیها إلى إشاعة الفساد والخراب.
وعبر بیان سماحة مصباح الیزدی أنّ جذور أشكال الانحطاط على المستوى الفردیّ والاجتماعیّ تكمن فی الضعف فی المسائل الأخلاقیّة أشار إلى ضرورة الاهتمام بمسألة الأخلاق فی الحوزات العلمیّة وأردف قائلاً: الانحطاط الأخلاقیّ الذی نشاهده فی البلاد یُعدّ منشأ لأشكال الفساد والانحراف لاسیّما إذا صدر من المعمّمین، وتمّ وضعه تحت المجهر، وحاول البعض استغلاله باتّجاه إدانة سلك المعمّمین وشریحة علماء الدین ككلّ وجعله ذریعة لعدم المبالاة بالقیم الدینیّة. ولهذا فإنّ أهمّیة تهذیب النفس والأخلاق تتضاعف ویتأكّد وجوبها بین أوساط المعمّمین وعلماء الدین.
وتابع آیة الله مصباح الیزدی قائلاً: لم تبلغ عوامل الفساد فی أیّ حقبة من التاریخ - منذ خُلق أبینا آدم (علیه السلام) إلى عصرنا هذا - هذا الحدّ من الزیادة فی الكمّ والكیف، فقد صار الوصول إلى الفساد فی هذه الأیّام سهلاً على كلّ أحد وإنّ ما یمكن مشاهدته الیوم فی إیران لا یعدو كونه غیضاً من فیضِ الفساد الموجود فی البلدان الاُخرى.
واستطرد قائلاً: إذا سُئلنا یوماً: بعنوان إنّكم معمّمون وعلماء دین تعیشون فی مدینة مقدّسة وقد أدركتم علماء عظاماً فما هو الدور الذی نهضتم به لمواجهة أمواج الفساد هذه فی بلدكم، أو مدینتكم، أو على الأقلّ فی الحوزة العلمیّة؟ فلن یكون لدینا عذر على تقصیرنا فی هذا المجال.
وفی معرض إشارة عضو مجلس خبراء القیادة إلى أنّه لم ینجَز إلاّ القلیل من العمل فی حقل الأخلاق طرح سماحته السؤال التالی: فكم عدد دروس الأخلاق التی تُلقى فی هذه الحوزة التی تضمّ عشرات الآلاف من الطلبة؟ وكم عدد الكتب الأخلاقیّة التی اُلّفت منذ صدر الإسلام إلى الآن ونعلم أسماءها؟
وأشار سماحته إلى خصوصیّات شباب الیوم ورغبتهم فی التجدید وقال: هذه الخصوصیّات تُصعِّب الأمر على أساتذة الأخلاق؛ ذلك أنّه إذا طُرح على الشباب مبحث كان قد مرّ علیهم سابقاً فإنّهم لا یظهرون رغبة فیه، وعلى فرض قبولهم به فإنّهم لا یجدون فی أنفسهم الدافع لتبنّیه.
وفی إشارة لاستاذ الأخلاق فی الحوزة العلمیّة بقمّ المقدّسة إلى اُسلوب درس الأخلاق والمباحث التی ینبغی طرحها فیه قال: إنّ أفضل ما یمكن أن یبعث على تغییر أساسیّ فی السلوكیّات فی نظری هو عرض مباحث من شأنها أن ترفع من مستوى نظرة الأشخاص إلى أنفسهم.
ولدى استشهاد سماحة مصباح الیزدی بآیات متعدّدة من القرآن الكریم قال: ینبغی أن نبیّن للتلمیذ العلّة من وراء خلقة الإنسان، وكیف ینبغی أن تكون هذه الدنیا فی نظره، وكیف یمكنه الإفادة من هذه الدنیا لبلوغ السعادة الأبدیّة.
ومن خلال تأكید آیة الله مصباح الیزدی على ضرورة تأسیس الأخلاق على أساس الرؤیة الكونیّة قال: لابدّ - فی الحقیقة - من تأسیس بنیاننا التربویّ بما ینسجم مع رؤیة الإنسان للوجود الأمر الذی سیبعث على تحفیز التلمیذ وخلق دافع لدیه، ذلك أنّه إذا أدرك الشخص أنّ المنهج الذی یعتمده سیحول بینه وبین الوصول إلى ما لا نهایة له من القیم وسیحطّ من مقامه فإنّه سیتركه.
یُذكر أنّ اجتماع أساتذة الأخلاق فی الحوزات العلمیّة قد عُقد بتاریخ 7 حزیران 2012م فی قاعة مؤتمرات مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.