آیة الله مصباح الیزدیّ: الولیّ الفقیه هو قطب رَحى المجتمع

قال اُستاذ الحوزة العلمیّة فی قمّ المقدّسة: الولیّ الفقیه هو قطب رحى المجتمع وإنّ قوله وفعله وحكمه حجّة علینا.
وفی لقاء لسماحة آیة الله مصباح الیزدیّ مع جمع من المعاونین التربویّین والخبراء فی الثقافة فی معاهد إعداد المعلّمین فی مختلف أنحاء البلاد اعتبر سماحته أنّ الثورة الإسلامیّة هی واقعة عظیمة فی تاریخ إیران ونعمة جلیلة من الله تعالى على الشعب الإیرانیّ.
ولدى بیانه أنّ هذه النعمة الجلیلة تتطلّب شكراً عظیماً أیضاً، تابع سماحته: أوّل مرحلة للشكر العملیّ على هذه الثورة هی الإفادة الكاملة منها على صعید الرفعة والكمال المعنویّ الفردیّ، وإصلاح البیئة الاُسریّة، وانتفاع أفراد الشعب عامّة من الحقائق والمعارف الإسلامیّة.
وخاطب العلامة مصباح الیزدیّ المتولّین لأمر التربیة والتعلیم فی المجتمع قائلاً: من الممكن أن یكون للعلماء والنخبة والمعلّمین أبلغ التأثیر فی المجتمع وكلّ واحد منهم مسؤول فی هذا المیدان على قدر وسعه وطاقته.
وفی إشارة له إلى أنّ المعلّمین كان لهم أثر فاعل فی انتصار الثورة الإسلامیّة قال سماحته: قبل انتصار الثورة وفی أیّام الاحتقان كان العدید من المعلّمین والأساتذة منهمكین خفیة فی تبیین الحقائق وتوضیح الاُمور ولولا مساعیهم لما كانت الثورة الإسلامیّة لتنتصر، والیوم أیضاً فإنّ الدور الأهمّ فی حفظ الثورة الإسلامیّة وعرضها على الأجیال الحالیّة والقادمة یضطلع به المعلّمون والأساتذة.
ونوّه عضو مجلس خبراء القیادة إلى ما للمعلّم من أثر عظیم على تلامذته قال: لعلّ الإحجام عن تبیین الحقائق وتوضیح القیم الإسلامیّة قبل الثورة بذرائع من قبیل التقیّة وحفظ النفس كان مسموحاً به؛ أمّا الیوم فهناك أرضیّات كثیرة لذلك والذی یخطو على طریق حفظ الثورة الإسلامیّة ونشر معارفها وقیمها لیس أنّه لن یعانی من الحرمان فحسب بل إنّ هذا العمل یُعدّ افتخاراً له ویكون محطّ شكر وتقدیر علیه. من هذا المنطلق فإنّ تكلیفنا الیوم خطیر للغایة وأیّ ذریعة فی التقاعس عن نشر قیم الثورة مرفوضة.
وبیّن آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الإنسان إنّما خُلق للاختبار والامتحان وأضاف: كلّما عظم الاختبار فإنّه سیكون لتجاوزه بنجاح وموفّقیة أجر أكبر.
وعدّ سماحته الظروف الراهنة من أكبر الامتحانات الإلهیّة منذ صدر الإسلام إلى یومنا هذا وقال: إلى الآن لم یجر فی مجتمع إسلامیّ مثل هذا الامتحان المعقّد والواسع مع كلّ هذه العوامل التی تستتر وراءه؛ لكن فلنعلم أنّ الفتن والامتحانات الإلهیّة لم تنته بعد وهذه الامتحانات ستصعب وتتعقّد یوماً بعد یوم.
وأشار اُستاذ الحوزة العلمیّة إلى بضع روایات فی هذا الصدد وقال: إنّ أهمّ الامتحانات الإلهیّة هی تلك التی تختصّ بالإسلام ویتحتّم على المرء فی مثل هذه الظروف أن یحافظ على دینه بالتضحیات والإیثار وإن بلغ الأمر بذل النفس ولا یبیعنّ دینه بثمن بخس.
ورأى سماحته أنّ من لوازم البصیرة معرفة الدین وقال: العدوّ یعلم أنّه لیس باستطاعته أن یسلب دین الناس بشكل مباشر ولهذا فهو یسعى من خلال إلقاء الشبهات كالتعدّدیة الدینیّة أو إظهار الدین بالمقلوب إلى حرف الناس عنه، فإنْ لم یعرف المرء دینه وقع فی حبائل هذه المكائد.
وأضاف العلامة مصباح الیزدیّ: تطبیق أحكام الدین على الموضوعات الخارجیّة هی مرحلة اُخرى من مراحل البصیرة؛ إذ إنّ العدید من الانحرافات الیوم ناتجة عن سوء تطبیق الأحكام على الموضوعات.
وتابع قائلاً: فی الدین الإسلامیّ توجد الحرب ویوجد السلم، توجد الرأفة والرحمة وتوجد الشدّة والغلظة، وإنّ على الفرد أن یعرف كیف یفصل بین مصادیق كلّ منها وأن یطبّق الأحكام على الموضوعات الخارجیّة.
واستطرد رئیس مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث فی حدیثه وقال: كیف أنّ علیّاً (علیه السلام) كان یبكی لبكاء طفل، ویعتبر موت الإنسان المسلم لدى سماعه بانتزاع الحجل من قدم المرأة المعاهدة أمراً مستساغاً؛ ونفس علیّ (علیه السلام) هذا یروی سیفه فی واقعة النهروان بدماء أربعة آلاف من المسلمین بعضهم من حفظة القرآن ثمّ یقول: «فإنّی فقأت عین الفتنة»؟ فلابدّ من خلال التحلّی بالبصیرة أن یفهم الإنسان أیّ حكم یجب تطبیقه على أیّ موضوع.
وتابع سماحته الحدیث مضیفاً: كلّما كانت تقوى المرء وإخلاصه ومعرفته بالدین وكذلك تجربته أكثر كان أكثر توفیقاً على الصعید العملیّ.
واعتبر آیة الله مصباح الیزدیّ أنّ الولیّ الفقیه هو قطب رَحى المجتمع وقال: على أفراد المجتمع أن ینظروا أیّ طریق یحدّده الولیّ الفقیه فیسلكوه؛ لأنّ فتواه وحكمه وقوله حجّة علینا؛ ففتواه من جهة كونه فقیهاً جامعاً للشرائط؛ وحكمه من باب كونه الولیّ الفقیه؛ وقوله بلحاظ أنّ له تجربة موفّقة وواضحة تماماً ولم یلاحَظ فی قراراته وتوجیهاته أدنى خطأ أو انحراف.
كما وأضاف سماحته: لو كان فی تاریخ سماحة قائد الثورة المعظّم ولو نقطة سلبیّة واحدة لاستغلّتها وسائل الإعلام الغربیّة فی دعایتها الإعلامیّة أسوأ استغلال؛ إلاّ أنّ طهارته، وصفاءه، وإخلاصه، وتعمّقه بمعارف أهل البیت (علیهم السلام) وتجربته قد حفظته من أیّ شكل من أشكال الانحراف حتّى لَیُمكن القول بكلّ جرأة إنّ أعظم نعمة فی الجمهوریّة الإسلامیّة الآن هی نعمة وجود قائد الثورة المعظّم.
وقد جرى هذا اللقاء فی مؤسّسة الإمام الخمینیّ (ره) للتعلیم والأبحاث.