ar_akhlag3-ch12_13.htm

الشهادة وحق الناس

الشهادة وحق الناس

اما بالنسبة لحق الناس فاذا كان حق شخص سیضیع نتیجةً لعدم أداء الشهادة فعلى العالم بالأمر ان یشهد بما یعلم، خاصةً اذا طُلب منه لكی لا یضیع حق صاحب الحق.

فی الآداب الاسلامیة هناك تأكید فی الكثیر من الموارد على إحضار الشهود على بعض الأعمال، كإقراض المال حیث تؤكد اطول آیة قرآنیة على انكم ان اقرضتم شخصا فاطلبوا من المَدین ورقة استلام وأحضروا شاهدَین على ذلك.

فی موارد اُخرى غیر الاقراض ایضاً یحسن احضار الشهود، ویكون ذلك واجباً فی بعض الموارد. أی هناك موارد یكون قوامها بحضور الشاهد وشهادته كالطلاق حیث یجب حضور الشاهدین فقهیا، لكی یُستفاد من شهادتهما فیما یحدث فی المستقبل، كحدوث الاختلاف بین الزوجین بعد الطلاق فیمكن الاستعانة بالشهادة لحل الاختلاف بینهما. فی هذه الموارد اذا لم یدلِ الشاهدان بالشهادة على حدوث الطلاق فی محضرهما استتبع الامر فساداً كبیراً.

و فی جمیع الموارد التی دعت فیها الشریعة الاسلامیة الى احضار الشاهد فانه یعنی ان على الشاهد الإدلاء بشهادته عند الحاجة دون تعلّل، ومن یتخذ الآخرین شهوداً على أمر ما فانه یعنی انی أتخذكم شهوداً لكی تؤدّوا شهادتكم حین المطالبة بها على ما شاهدتم، لا أن تشهدوا ثمّ لایترتب اثر على ذلك. فمن یوافق على ان یكون شاهداً على قضیة فان موافقته تعتبر بمثابة العهد على أداء الشهادة عند الضرورة، وتحمُّل الشهادة فی الواقع مقدمة لادائها، وتتّجه الى هؤلاء الاشخاص مسؤولیة ثقیلة فی ادائها. فالذین یتحرّجون من ادائها ویأبَون ذلك فان علیهم عدم تحمُّلها أصلاً حتى یتوسّل الانسان بوسیلة اُخرى لحل مشكلته.

قال تعالى بهذا الشأن:

(وَ لا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَ مَنْ یَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)([1]).

وقال سبحانه عن الخصال الحمیدة فی المؤمنین:

(وَ الَّذِینَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ)([2]).

تشیر هذه الآیات الكریمة الى قیمة مهمّة فی مجال سلوك الشهود، فتؤكد على اداء الشهادة وعدم كتمانها فی اىّ مجال یعلمون فیه الحقیقة وتكون هناك ضرورة لاداء الشهادة حتّى لا یضیع حق احد.

هذه هی اول قیمة تتعلّق بسلوك الشهود.

القیمة الثانیة المرتبطة بسلوك الشهود هو الانتباه الكامل والدقة لدى أداء الشهادة لتكون بحق ولا تكون بالباطل. هناك آیات اُخرى فی القرآن تشیر الى هذه القیمة كقوله تعالى:

(كُونُوا قَوّامِینَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ)([3]).

وقال فی آیة اُخرى مع تغییر فی مواضع الكلمات قال تعالى:

(كُونُوا قَوّامِینَ لِلّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ)([4]).

یطلب فی الموردین من الشهود والذین تحمَّلوا الشهادة واطّلعوا على واقع ما بان یشهدوا على اساس القسط والعدل، وان لا یشهدوا شهادة ظالمة وغیر واقعیة، وان لا یشهدوا على شیء باطل ولا حقیقة له ولم یحدث أو حدث بنحو آخر. وفی آیة اُخرى یثنی الله سبحانه بعبارة اُخرى على المؤمنین لرعایتهم القیمة الثانیة، قال تعالى:

(وَ الَّذِینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ)([5]).

(الزور) یعنی الباطل، والمؤمنون لا یشهدون شهادة الزور أی لا یشهدون بالباطل وبدون حق، ولا یضیعون حق أحد بشهادتهم.

وغیر الآیات المذكورة الخاصة بالشهادة هناك آیات اُخرى لا تختص بالشهادة ولكن بإطلاقها وسعتها تشملها أیضاً، منها مطلقات العدل والقسط خاصة فی الموضع الذی قال فیه تعالى:

(وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)([6]).

إنّ (قلتم) فی الآیة عامٌّ وشامل لكل قول، خاصة القول الذی یلقى عند أداء الشهادة ،او عند اصدار الحكم والقضاء.



[1]. البقرة 283.

[2]. المعارج 33.

[3]. النساء 135.

[4]. المائدة 8.

[5]. الفرقان 72.

[6]. الانعام 152.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...