لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی».
ویفند رأی أحد الفقهاء العظام:
«الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً تتفق مع الخط الأخباری».
مدعیاً أن هذا القول یفتقد الدقة العلمیة، فهناك قضایا لا یعتمد فیها على الكتاب والسنة، كمسألة الأعلمیة، وتقلید المیت ابتداءً.
ویرى طرف آخر:
«أن مسألة العقل والإجماع قبرت منذ زمن الشیخ الأنصاری(قدس سره) ولا توجد مسائل عملیة یتوقف علیها إلا نادراً».
أمام هذا العرض نفتقد إلى الكلمة العلمیة الدقیقة المبینة للمنهجیة العلمیة والقناعة الذاتیة، نرجو إفادتنا بإسهاب حول ذلك.
نحن لانعرف المیز الأساسی بین المنهجین الأخباریة و الأصولیة. فربما یقال ان المیزة الأساسیة عدم جواز التقلید حسب منهج الأخباری، لکن من المعلوم ان غیر العالم لا یستغنی عن الأخذ بقول العالم و الخبرة و هذا هو التقلید بعینه. اما جزئیات مسائل التقلید فمورد خلاف ـ و لیس شیء منها مورد الاجماع ـ بین الأصولیین ایضا. و کیف کان، فالعامّی امره دائر بین الأخذ بقول الأعلم و غیر الأعلم، و التأكید على لزوم الرجوع الى الأعلم لیس أمراً منکراً، بل لو خلّی العامی و شأنه لأخذ بقول الأعلم حسب قریحته العقلائیة. و کیف کان، فنحن نعتبر الاختلاف بین الفقیه الأخباری و الفقیه الأصولی کالاختلاف بین الفقیهین الأصولیین او الأخباربین، و انما نرجّح احیاناً قول بعض الأصولین لأجل أنهم أشّد دقّة فی معرفة السند و الدلالة؛ و نستجیر بالله من الوساوس الشیطانیة « إِنَّما یُرِیدُ الشَّیْطانُ أَنْ یُوقِعَ بَیْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ(سورة المائده /91)»، والله الهادی.