ar_akhlag3-ch12_2.htm

نحن والتعدی على حقوق الآخرین

نحن والتعدی على حقوق الآخرین

اذا كان السلوك غیر الأخلاقی مرتبطا بحقوق الآخرین وكان اعتداء على حقوق فرد أو فئة فله حكم، واذا كان اعتداءً على حق المجتمع والنظام الاجتماعی فله حكم آخر.

نتحدث هنا بصورة مستقلة عن هذین الموردین:

1 ـ المسألة الاُولى أی التعدی على حقوق الآخرین (فرد أو فئة) وله أبعاد متنوعة وجهات مختلفة لابدّ من ملاحظتها، فمثلاً نواجه عدة مسائل تجاه شخص یسرق اموال الآخرین سراً.

الاُولى: الذین تُعدّی على اموالهم دون علمهم كیف نرجع الیهم هذه الأموال المسروقة، أو نحول دون تكرار هذا التعدی على الاقل؟

الثانیة كیف نتعامل مع من ارتكب هذه السرقة؟

فی المسألة الاُولى بالنسبة لإعادة الحقوق المضیَّعة والأموال المسروقة، اذا تمكّن شخص ان یرجع أموال الآخرین الضائعة الیهم دون مراجعة المحاكم واخبار الآخرین فلا مشكلة فی ذلك، كأن یكون المال المغصوب بید شخص ثالث وكان قادراً على أخذه وارجاعه لصاحبه، ففی هذه الحالة یجب علیه القیام بذلك لانه یعلم بانه مال مغصوب ویعرف صاحبه ولا تحدث مشكلة عند ارجاعه لصاحبه، ولیس فیه هدر لكرامة سارق المال ولا مفسدة اُخرى.

فی المسألة الثانیة بالنسبة للشخص المعتدی الذی سرق المال أو هتك حرمة الآخرین هل یجوز فضحه او انّ الواجب شیء آخر؟

فی الوهلة الاولى قد یخطر بالبال فكرة التمهید لعقوبته من خلال فضحه والاعلان عن ذلك. طبعا لا شك فی هذه الحقیقة وهی امكانیة اخبار المحاكم والمسؤولین المخوّلین عن ذلك بصورة عامة كی یعاقبوه، وهكذا جواز اقامة الشهادة لدى القاضی من قِبل الذین شاهدوا المعصیة والتعدی كی ینفذ الحكم والحد الالهی، ولكن من جهة التربیة الاسلامیة والارشادات الموجودة فی هذا المجال یمكن استنباط عدم رجحان هذا الفعل دائما وفی كل مكان، فلا ینبغی لكل شخص اطلع على معصیة كبیرة وتعد ارتكبه شخص بحق الآخرین ان یقوم بافشاء سرّه أو یدلی بشهادته عن معصیته وتعدّیه.

دلیلنا على الادعاء المذكور هو ان الإدلاء بالشهادة وإفشاء سرّ الآخرین فی بعض الموارد لا یكون مرفوضا فحسب ولا یرتّب القاضی علیه أثراً بل قد یعاقب الشاهد على شهادته وافشائه اسرار الآخرین وهدره لكرامتهم، فمثلاً فی اثبات الزنا شرعا یلزم شهادة اربعة شهود عدول، فاذا ادلى ثلاثة شهود بشهاداتهم لدى القاضی على ارتكاب هذه الجریمة ولم یأتِ الشاهد الرابع لیؤید كلامهم فانّ الجریمة لا تثبت بحق المتهم، لیس هذا فحسب بل یُجرى على الشهود الثلاثة حد القذف واتهام عبد من عباد الله بما لا یلیق.

یستفاد من هذه الاحكام بوضوح ان الاسلام لا یجیز للمسلمین افشاء اسرار الآخرین سریعا. نعم، یجب طبعا الحیلولة دون الفساد ولكن لیس بأی نحو كان، اذ من الممكن ان یكون هذا بنفسه سببا لفساد آخر، بل تجب مكافحة الفساد حسب النهج الذی قرره الاسلام.

وعلیه یستفاد من الآداب والتعالیم الاسلامیة فی هذا المجال ان المشاهدین لأمثال هذه المعصیة التی یحتاج اثباتها الى اربعة شهود عدول اذا كانوا اربعة عدول فلا بأس فی شهادتهم، ولكن اذا اطلع أقلُّ من اربعة على المعصیة فیجب كتمانها، ویعتبر افشاؤها معصیة قد قرر لشاهدها حد القذف، مما یدل على انّ الشهادة على المعصیة وافشاء اسرار الآخرین فی المحاكم وان كانت محبّذه ومجازة فی بعض الموارد لكنها معصیة ومرفوضة فی موارد اُخرى.

السؤال الآخر فی هذا المجال: هل یجب كتمان هذا السرّ حتى عن ذی الحق ومن تُعدّی علیه، أی یجب ان لا یقال حتى لزوج المرأة التی زنت أو صاحب المال المسروق، أو انّ الكتمان مختص بالآخرین ویقال لذی الحق كالزوج أو صاحب المال ان فلانا قد تعدَّى على حقك وسرق مالك؟

فی الاجابة على هذا السؤال نقول: ان لم یتوقف استرجاع حق الآخرین أو الحیلولة دون تكرار التعدی على علم ذی الحق فلا ینبغی القیام بذلك لكی لا یفتضح سرُّ مسلم بدون مبرّر، ولكن اذا كان استیفاء الحق أو منع تكرار التعدی غیر ممكن الا عن طریق اطلاع ذی الحق فلا بأس فی إخباره.

ویجب علینا أیضاً ارشاد المعتدی، ولكن كما ذكر فی المسألة السابقة: ان لم یكن سرُّه متفشیاً فان ارشادنا یجب ان یكون بنحو لا یلفته الى اننا على علم بمعصیته وتعدّیه.

خلاصة القول ان علینا ثلاثة واجبات عند التعامل مع المعتدی:

الاول ارشاده كی نصدَّه عن المعصیة ونسعى لمعالجة هذا المرض النفسی لدیه. ینبغی القیام بهذا الواجب فیما یرتبط بالمعتدی كما هو حال العاصی سراً فی المسألة السابقة بنحو لا یؤدی الى افشاء اسراره ولا تهدر كرامته لدى المرشد ما تیسر ذلك.

الثانی یلزم ارجاع حق الآخرین ـ المعتدى علیهم ـ الیهم ونمنع تكرار التعدی، ولكن یجب كتمان السرّ قدرَ الإمكان أیضاً، ونُضطرّ لإفشاء السر فی حالة امتناع استیفاء الحق والمنع من تكرار التعدی بكتمان السر.

الثالث فیما یرتبط بعقوبة المعتدی فانها ـ كما قلنا ـ تتوقف على الشروط الاُخرى. ففی بعض الظروف لا حاجة ولا یجب علینا السعی فی هذا المجال، واذا قمنا بذلك فسوف نستحق تنفیذ الحدود الالهیة بحقنا، ولكن فی بعض الموارد یجب علینا القیام بذلك ونمنع وقوع فساد اجتماعی كبیر، وعلى أی حال یجب علینا اتّباع الاحكام الالهیة والتعالیم السماویة، وأن لا نقوم بعمل دون دلیل فنتعرض ـ لا سمح الله ـ الى سخط الله عز وجل.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...