ar_porsesh4-ch1_13.htm

قانون الصحافة والمخالفات الصحفیة

سؤال: هل للصحافة وما یسطره القلم حكمٌ فی الاسلام یختلف عن حكم ما یصدر عن الانسان من أقوال؟ وهل ان وضع الصحافة غامضٌ فی القانون؟ وما هی المشكلة الأساسیة فی التعامل مع المخالفات الصحفیة؟

جوابه: لإیضاح وضع الصحافة فی ایران ینبغی الرجوع الى الدستور وقانون الصحافة، فالدستور یوضح فی مقدمته والمواد الثانیة والثالثة والرابعة وضع الصحافة، ولو ان عارفاً بالقانون تأمل هذه المواد وسائر الفقرات فانه لا یبقى امامه أی غموض، وعلى افتراض حصول غموض فان مجلس صیانة الدستور هو الذی یفسر القانون ویزیل الغموض.

أما قانون الصحافة فهو وإن كان خالیاً من الغموض فی المفاهیم والعبارات بید أن السؤال الجوهری بشأنه هو: هل أن قانون الصحافة اسلامی مائة بالمائة ویحقق ما ینشده المقنن أم لا؟

للإجابة على هذا السؤال ینبغی فی البدایة الإنتباه إلى أن الصحافة والكتاب ووسائل الاعلام المكتوبة وكذلك الأفلام والمسرحیات والانترنت... الخ كلها مصادیق للتعبیر، إذ بمقدور الإنسان التعبیر عن ارائه عن طریق اللسان والقول، وكذلك عن طریق الكتابة والعلامات
والحركات، فمن لا یحق له توجیه الإساءة والإتهام للغیر بلسانه، فانه لا یجوز له أیضاً القیام بمثل هذه الافعال بالقلم والصورة والفیلم... الخ.

لیس مقبولاً من الأساس أن نضع قانوناً للتعبیر عن الرأی بالقول وقانوناً آخر ایضاً للتعبیر عن الرأی بالكتابة والعرض، فمثلما یتعین التحقیق فی الجرائم اللفظیة فی المحكمة وطبقاً لقواعد القضاء الاسلامی، یجب التحقیق ایضاً بشأن الجرائم الخطیة ـ ومنها الصحافة ـ فی المحكمة وطبقاً لقواعد القضاء الاسلامی.

لیس من الصواب أن نجعل میزة خاصة للصحافة فی قانون الصحافة بحیث نعتبر الجهة المؤهلة للتحقیق فی جرائمها هیئة صحفیة منصفة أولاً، ونعتبر المخالفات الصحفیة ـ وإن كانت ضد الاسلام والنظام وأمن البلاد ـ جرماً صحفیاً، ونرى بالتالی عقوبتها الإیقاف عن الصدور لعدة أسابیع أو عدة شهور، بینما یستحق الإدلاء بالرأی قولاً فی بعض الأحیان عقوبات شدیدة بل وحتى الإعدام، وإن التآمر على النظام والاسلام وإهانة المقدسات الدینیة مما لا یقبل الصفح، فما هو المبرر فی أن نفصل حكم التعبیر عن الرأی بالكتابة أو الصورة؟!

إن من أسباب عدم انسجام قانون الصحافة مع الأحكام الإسلامیة هو مصدره الذی هو عبارة عن ترجمة للقانون الفرنسی، وبالرغم من التعدیلات التی أجریت علیه الاّ أن هیكلیته ظلت على حالها1.
فالحكومة الاسلامیة ملزمة بإعادة النظر فی القوانین الواردة من الخارج وادخال التعدیلات علیها بحیث تتلاءم مع القوانین الاسلامیة.

وخلاصة القول، الظاهر للعیان انه لا فرق بین الكتابة والقول من ناحیة الأحكام والقوانین، وكل ما كان محرّماً ومحظوراً قوله كانت كتابته كذلك، وكلُّ ما كان واجباً قوله ـ من قبیل موارد الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر ـ كان كتابته كذلك. إذن یجب إعادة النظر بقانون المطبوعات من الأساس.

الأمر الآخر الذی یجب ان یؤخذ بالحسبان فی مثل هذه الموضوعات هو أن الدستور أو سائر القوانین عادة ما یتم تدوینها بشكل عام وهی لا تتعرّض للامور الجزئیة والشخصیة، وإذا ما طرأت مشكلة فی موارد التطبیق یتعین الرجوع لذی الاختصاص ولیس للرأی العام، لئلا یقال فیما بعد: نظراً للمشاكل التی تعترض عملیة جمع آراء عامة الناس فلابد من ان تنهص خلاصة الرأی العام وهی الهیئة المنصفة بهذا الدور، ولغرض ان لا یدعی كل مدع بانه صاحب اختصاص فلابد ان یوضع قانون من قبل مجلس الشورى الاسلامی أو المجلس الأعلى للثورة الثقافیة ویُعیَّن أُناس بشكل دائمی أو مرحلی وفقاً لهذا القانون كخبراء رسمیین لتحدید الحالات الصحیحة والخاطئة وما شابه ذلك فیما یخص المطبوعات.

ومن الطبیعی ان هؤلاء یجب ان یكونوا عارفین بأسس وقواعد الدستور، وبالإضافة إلى وجوب مطابقة وانسجام تدوین قانون المطبوعات مع الإسلام فمن الواجب ان تُسلم أزمّة التنفیذ لأناس یؤمنون ویلتزمون بالقانون، ویرصدوا المخالفات على الصعید العملی دون توان أو خطأ.

* * * * *




1. لقد جرى اقتباس أول قانون للصحافة عام 1268 هـ . ش ـ أی بعد سنة من الحركة الدستوریة ـ عن قانون الصحافة فی فرنسا، وقد جرى تعدیل هذا القانون أربع مرّات وفی سنوات 1321، 1334، 1358 و1364 هـ .ش.

بعض الأسئلة

كیف یمكن الحصول على ملكة التقوى و ما هی السبل العملیة للحصول علیها؟
اقرأ أكثر...
لا زال بعض المؤمنین یرى فی الأخباریة منهجاً فكریاً أصیلاً ومغایراً عن المنهجیة الأُصولیة، ویقول: «إنه لا یمتلك القناعة والحجة التامة بینه وبین الله عزّوجلّ فی سلامة وحجیة الاستنباط الأُصولی». ویفند رأی أحد الفقهاء العظام: «الأُصولیة المعاصرة أُصولیة نظریة فقط، ولكنها عملیاً...
اقرأ أكثر...
بعد سیاحة ممتعة فی رحاب رسائل بعض علمائنا الأعلام المتعلقة بتاثیر الزمان والمكان على الأحكام الشرعیة... اتسائل هل یسمى هذا التاثیر المطروح تاثیرا حقیقیا على الاحكام ام انه كنائی؟ واذا كان كنائیانخلص بذلك الى نتیجة واضحة هی أن ما كان كنائیا وعلى سبیل المجاز فهو لیس بحقیقی.. فما أطلق علیه تأثیر هو فی...
اقرأ أكثر...
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته ما رأی سماحتكم بوجوب تقلید الأعلم ؟ وماالدلیل ؟ الرجاء التوضیح بشیء من التفصیل ﻋلاء حسن الجامعة العالمیة للعلوم الإسلامیة
اقرأ أكثر...
سماحة آیة الله مصباح الیزدی دام ظله الوارف السلام علیكم ورحمة الله وبركاته . السؤال: البعض یدعو إلی ترك ممارسة التطبیر بصورة علنیة أمام مرأی العالم لا لأنهم یعارضون حكم الفقیه ولكن من باب أن التطبیر لا یصلح أن یكون وسیلة دعویة إلی الإمام الحسین وإلی مذهب الحق . لذلك ینبغی علی من یمارس التطبیر...
اقرأ أكثر...
هل یقول سماحتكم دام ظلكم بإجتهاد السید علی الخامنئی دام ظله ؟
اقرأ أكثر...